اخبار العراق
موقع كل يوم -صوت العراق
نشر بتاريخ: ٢٩ تموز ٢٠٢١
يطلقني العذاب نحو طريقي
للشاعر ــ الغجري ــ الهنغاري كاروّي باري
ترجمة ــ مهدي قاسم
كوخي المتداعي يدخّن قصب فقره المدقع
بجداره المائل نحو انهيار رشيق
و سقفا تمزقه مخالب رياح مستنفرة حنقا ،
أجدني متدليا من حبال العالم كشريد مستوحد
بتعب متحجر بين مدرجات عمودي الفقري .
يقودني عذابي نحو دروب غامضة ،
سائرا بين حقول تفحمت
من ضربات شمس متوحشة,
بينما أخطو عابرا أعماق وديان ترن بصمتها الموحش .
حتى أتمكن من قياس و ترميم ظلي النحيل
لجعل النجمة متألقة بين دفقة دمي وغزارة تعبي
لأحسب ضياع خطواتي المسروقة من سنواتي السادسة عشرة ،
مصحوبة بلعنات أمي الشتّامة سخطا ..
قمصان دمي المحترقة كلهيب جحيم
ترتديني ظلا غريبا يتأرجح بلا وجهة ،
لأرى منزلي متألقا من خلال بريق الماضي
فيدفعني إيماني المنحرف نحو أكثر العزلات فداحة .
مطرودا من فقري العريق إلى قلب العالم ،
يتعين عليّ الركض كتنين عبر الحدود السبع المدججة .
شاعرا في حلقي نبضات قلبي على وشك المغادرة فجأة ،
بينما بقايا الذكريات المهترئة تتصاعد متموجة
مثل سحاب دخان يزول متلاشيا خلف أفق مترنح ،
متفرسا في أسارير وجهي وهي تتجمد على مرايا طفولتي المغبشة ،
حيث يبني شعوري بالأسى خيمته المهلهلة بين تفاصيل أيامي النازفة.
يتحتم عليّ آنذاك العودة حزنا ،
مندفعا ، مجددا ، بذكرياتي البالية ،
نحو محطات مهجورة لبقايا ماضِ محترق .
………….
ملحوظة :
تعرفتُ على الشاعر كاروّي باري في مقر هيئة تحرير مجلة ' ناج فيلاغ ' الخاصة بالآداب الأجنبية المترجمة إلى اللغة الهنغارية ، ومنذ ذلك اليوم أصبحنا أصدقاء حميمين ، و بما أنني عرفتُ أنه يتمتع بعلاقات جيدة مع دور النشر بصفته شاعرا معروفا و حائزا على جوائز تقديرية عدة ، فاقترحتُ عليه أن نعمل سوية مجلدا لأنطولوجيا الشعر العالمي المترجم إلى اللغة الهنغارية وطبعه في مجلد مستقل ، فرد مبتسما كعادته : لا بأس فكرة جيدة ، ولم يكلفنا ذلك جهدا استثنائيا أو كبيرا في حقيقة الأمر ، فكل ما فعلناه هو جمع قصائد مترجمة منشورة سابقا في نفس المجلة ، لجعلها على شكل مجلد ، وهكذا صدر المجلد بعد فترة من التهيئة والتحرير والإخراج تحت عنوان ' نقطة ' ! ، و قد احتوى المجلد بالنسبة للشعراء العرب على قصائد كل من بدر شاكر السياب ، عبدالوهاب البياتي ، نزار القباني ، نبيل ياسين ، مهدي قاسم ، ربما على قصائد شعراء عرب آخرين أيضا ، لا أتذكر الآن أسماءهم ، بالطبع ، إضافة إلى قصائد عشرات شعراء من الشرق و الغرب على حد سواء ، وقد اتفقنا على إصدار المجلد الثاني بعد الاهتمام الجيد الذي أثاره المجلد الأول ، على أن أقوم أنا باختيار وترجمة قصائد لشعراء عرب معاصرين ، ولكن مع الأسف أن إصابته بجلطة دماغية ، وما أعقبت ذلك ــ فيما بعد ــ فاجعة رحيله المبكر ، كل ذلك قد حال دون تحقيق مشروع المجلد الثاني ..