اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ٩ تشرين الأول ٢٠٢٥
9 أكتوبر، 2025
بغداد/المسلة: في ظل أزمة ثقة متفاقمة تهزّ أركان المؤسسات الحكومية، تتصاعد فضيحة بيع المناصب العامة كشبح يطارد الإدارة العامة، مهددًا استقرار النظام السياسي برمته.
و ما كان يُهمس به في أروقة السياسة تحول إلى صرخات علنية تكشف عن سوق سوداء للوظائف العليا، حيث تُباع الوزارات والمناصب الأمنية بملايين الدولارات، في صفقات محكومة بالولاءات الحزبية والمحاصصة، بعيدًا عن أي معايير للكفاءة أو النزاهة.
هذه الظاهرة، التي تتغلغل في أعماق الدولة، ليست مجرد انحراف إداري، بل كارثة تهدد بتفكيك النسيج الاجتماعي وتُعيد طرح أسئلة وجودية حول شرعية النظام الحاكم.
سوق المناصب: من الهمس إلى العلن
و تحولت المناصب العليا في الدولة إلى سلعة تُباع وتُشترى في مزادات سياسية مظلمة. تصريحات صادمة من شخصيات سياسية كشفت عن أرقام خيالية تُدفع لتأمين المناصب السيادية، حيث أشار السياسي المستقل محمود الحياني إلى أن 'سعر الوزارة السيادية قد يصل إلى 75 مليون دولار، بل ويتجاوز في بعض الحالات 200 مليون دولار'.
و هذه الأرقام ليست مجرد تقديرات، بل شهادات من داخل المنظومة تؤكد أن الوظيفة العامة لم تعد خدمة للشعب، بل صفقة مالية تُحسم بمدى القرب من زعماء الأحزاب أو قدرة المرشح على دفع الملايين.
و في محافظة ديالى، أطلق أمين تيار الحكمة فرات التميمي صرخة تحذير، داعيًا الادعاء العام إلى التحرك العاجل للتحقيق في تجاوزات وبيع مناصب داخل المحافظة. وأكد أن 'المال العام خط أحمر'، مشيرًا إلى أن السجالات الأخيرة كشفت عن شبكة من المخالفات التي تُهدد نزاهة العملية الإدارية.
التصريحات تأتي في سياق حساس، مع اقتراب الانتخابات، حيث يتفاعل الرأي العام مع هذه الفضائح، مما يزيد من الضغط على السلطات لاتخاذ موقف حاسم.
الفساد الأمني: تهديد وجودي
لم تقتصر الظاهرة على المناصب الإدارية، بل امتدت لتشمل وزارتي الدفاع والداخلية، حيث كشف عضو مجلس النواب معين الكاظمي عن عمليات بيع وشراء لمناصب حساسة داخل هذين الجهازين الأمنيين. وأشار إلى أن هذه الصفقات تُبرم 'بمبالغ طائلة'، مما يؤثر بشكل مباشر على الأداء الأمني ويُنذر بنتائج كارثية.
في وقت تُواجه فيه البلاد تحديات أمنية معقدة، يصبح تعيين قادة أمنيين بناءً على المال أو الولاء الحزبي تهديدًا مباشرًا لاستقرار الدولة وسلامة مواطنيها.
هذه الانتهاكات ليست مجرد أزمة إدارية، بل تعكس انحرافًا خطيرًا عن مطالب الشعب التي تجسدت في احتجاجات تشرين، والتي أدت إلى إقالة حكومة وحل برلمان وإجراء انتخابات مبكرة. لكن يبدو أن هذه التغييرات لم تُفضِ إلى إصلاح حقيقي، بل إلى استمرار دوامة الفساد التي تُغذيها شبكات المحاصصة.
اقتصاد الظل: تمويل الأحزاب على حساب الدولة
في قلب هذه الأزمة، تبرز ما يُعرف بـ'اللجان الاقتصادية الحزبية'، التي تحولت إلى واجهة لـ'اقتصاد الظل'. هذه اللجان، حسب مراقبي الاقتصاد السياسي، تُدير موارد الدولة لصالح تمويل الأحزاب، مما يُحيل الوزارات إلى أذرع مالية تابعة للكتل النافذة. هذا الواقع يُضعف استقلال المؤسسات ويُكرس نظامًا يُعطي الأولوية للمصالح الحزبية على حساب الشعب.
تتجاوز فضيحة بيع المناصب كونها انتهاكًا إداريًا، لتصبح تهديدًا وجوديًا للنظام السياسي. فمع كل صفقة تُبرم في الخفاء، تتآكل الثقة العامة في المؤسسات، وتتسع الفجوة بين الشعب والحكومة.
About Post Author
moh moh
See author's posts