العراق يتحرك لتنظيم عمل الشركات السياحة وتقليص عددها

دعوات إلى رفع مستوى العمل في القطاع ومكافحة الغش والتخفي وراء النشاط السياحي

تسعى الحكومة العراقية إلى تنظيم عمل الشركات السياحية وخفض عددها الذي فاق كل التوقعات لجعل القطاع السياحي أكثر قدرة على تطوير نفسه وجعله يستقطب العراقيين والأجانب للسياحة الداخلية بما يوفر فرصاً للعاطلين عن العمل ويضيف إيرادات مالية جديدة للدولة والمجتمع.

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى وجود نحو 6 آلاف شركة سياحية غالبيتها لم تحصل على الإجازة الرسمية لممارسة عملها خلال السنوات القليلة الماضية. ويستثني هذا العدد الشركات المسجلة في إقليم كردستان العراق. ويعد على رغم ذلك رقماً كبيراً، إذ لم يكن لمعظم تلك الشركات أي دور في تعزيز وازدهار قطاع السياحة العراقي، بل تحول إلى العمل في مجالات أخرى تحت غطاء السياحة.

تأسيس الشركات

وقال مدير المجمعات السياحية في وزارة الثقافة العراقية مهدي غضبان إن 'آلية تأسيس شركة سياحية تنص على تقديم طلب إلى هيئة السياحة مرفقاً بوثيقة دراسية وشهادة خبرة بالعمل السياحي، ويفضل أن يكون المتقدم من خريجي السياحة والمدرسة الفندقية'.

وأوضح غضبان لوكالة الأنباء العراقية أن 'وزارة الثقافة ومن خلال لجنة مشكلة من جهات أمنية عدة استطاعت منذ عام 2012 إغلاق 170 شركة غير مجازة'، مبيناً أن 'الوزارة شخصت الممارسات غير القانونية التي تقوم بها شركات السياحة مثل التهرب من الضريبة والرسوم القانونية المفروضة من حيث التأسيس ومنح الإجازة والعمل والغرامة، وتزوير تذاكر السفر لغرض الحصول على العملة الصعبة، ومشاركة نشاط شركات السفر الرسمية'. وأضاف غضبان أن 'هذه الممارسات أضعفت إيرادات الشركات من خلال تزاحم العروض في السوق، وعدم خضوعها للشروط القانونية مما يجعل عملها خارج الضوابط والتعليمات'، مشيراً إلى أن 'هذه الممارسات استغلت المواطن مالياً وأخلاقياً، وأظهرت واقع السياحة في العراق بصورة غير حضارية'.

1070 شركة مجازة

وصرح الأمين المالي لرابطة شركات السفر والسياحة في العراق مهند إبراهيم الراوي للقناة العراقية الرسمية بأن 'عدد الشركات السياحية العاملة بالعراق وصل إلى 6000 شركة، 1070 منها مجازة'. وقال الراوي إن 'عدد الشركات الوهمية يتراوح بين 5000 و6000 شركة تعمل منذ سنوات من دون رقيب. وبلغ عدد الشركات المجازة 1070 شركة فقط في عموم العراق ما عدا إقليم كردستان'، مبيناً أن 'الموجود من هذا العدد حالياً هو نحو 500 شركة، بعد إغلاق بعض الشركات أبوابها لأسباب متعددة'.

إغلاق موقت

وأوضح الرواي أن 'شركات السياحة غير المجازة يتم إغلاقها بين الحين والآخر وتغرم بمبلغ 500 ألف دينار إلا أنها تعاود العمل في أماكن أخرى'، داعياً إلى تشديد العقوبات بحق تلك الشركات من خلال تعديل قانون العقوبات ضد الشركات السياحية. وأضاف أن 'الرابطة تسعى مع هيئة السياحة والجهات الأمنية إلى إغلاق أكبر عدد ممكن من الشركات الوهمية'.

متخصصون في السياحة

من جانبه شدد مدير رابطة الفنادق صائب أبو غنيم على 'منح الرخص لمتخصصين في إدارة شركات السياحة وإعطاء تسهيلات لخريجي كليات ومعاهد السياحة'. وقال أبو غنيم إن 'هناك شركات مجازة لديها مدير مفوض وهناك شركات لا علاقة لها بالسياحة وهي عبارة عن شركات نقل ترسل مجموعات إلى العمرة تعمل باسم شركات السياحة'، مبيناً أن 'هذه الشركات غير مجازة رسمياً ويجب متابعتها من قبل الجهات المتخصصة'. وأضاف أن 'الآلية التي تتبعها هيئة السياحة في الرخص للشركات السياحية منذ وقت طويل تتمثل بشرط ممارسة المهنة في القطاع السياحي، وأن يكون خريج الدراسة الإعدادية وعمل لمدة 10 سنوات في القطاع السياحي، أو أن يكون خريج دبلوم وعمل لخمس سنوات أو حائز البكالوريوس وعمل لمدة ثلاث سنوات في القطاع السياحي'. وأشار أبو غنيم إلى مطالبته وزير السياحة السابق حسن ناظم بمنح خريجي كليات السياحة الرخص من دون ضوابط كونهم ذوي اختصاص، إضافة إلى خريجي معهد السياحة وتقليص مدة العمل إلى سنتين . واعتبر أنه 'من الضروري منح الرخصة لأناس من ذوي الاختصاص، من أجل إتقان العمل وفن السياحة واتفاقه مع الفنادق التخصصية'، مشيراً إلى 'ضرورة ألا تكون شركات السياحة عبارة عن شركات نصب واحتيال، بل تكون شبيهة بالشركات في الدول السياحية مثل تركيا التي تعرف أساسات العمل في هذا المجال'.

شركات فعالة

بدوره يرى الباحث بالشأن الاقتصادي صفوان قصي أنه 'من المهم وجود شركات سياحية رصينة تعمل لتدعيم الاقتصادي العراقي'، فيما دعا إلى 'تأسيس شركات سياحية قادرة على التعامل مع السائح الأوروبي واستقطابه'. ولفت قصي إلى ضرورة إنشاء 'شركات سياحية تخصصية قادرة على التعامل مع السائح الأوروبي وإرشاده إلى المواقع الأثرية والسياحية بأسلوب حديث'، مبيناً 'وجود شركات لا تتوفر فيها شروط العمل السياحي، لوا يمكن تسميتها شركات، بل مجرد مكاتب ووكلاء لإرشاد المسافر إلى بعض الفنادق'.

سمعة السياحة

وتابع قصي أن 'هناك كثيراً من الذين يمارسون المهنة من دون انتماء إلى النقابة، بالتالي يشوهون صورة العراق السياحية'، داعياً إلى 'ترصين هذه الإجازات وفق السياقات القانونية ومحاولة ربط هيئة السياحة بالاعتمادات المستندية لتوفر حاجة المسافر العراقي من العملة الصعبة'.

تبيع الدولار

وقال قصي إن 'هناك شركات صيرفة تؤسس شركات سياحية لاقتناء الدولار من البنك المركزي وإعادة بيعه لمسافرين غير حقيقيين يقومون لاحقاً بإلغاء تذكرة الطائرة بعد تسلم الدولار وبيعه في السوق غير النظامية أو الذهاب إلى الوجهات السياحية الرخيصة من خلال الاستفادة من فرق العملة'، داعياً إلى 'تحويل بيع الدولار من البيع النقدي إلى التحويلات المستندية لتغطية نفقات الفنادق والطائرات'.