اخبار العراق
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٧ تشرين الأول ٢٠٢٥
رجحت مصادر أن تتبع بغداد إستراتيجية تصدير النفط لسيول عوضاً عن الدفع النقد
العراق عازم على المضي قدماً في بناء قدراته العسكرية من خلال البحث عن بدائل جديدة تحل محل السلاح الروسي الذي تم تزويد الجيش العراقي به على مدى ما يقارب نصف قرن من الزمن والسلاح الأميركي بعد عام 2003.
لعل العراق قد وجد ضالته في كوريا الجنوبية القريبة من واشنطن والتي تحتفظ بعلاقات جيدة مع العراق، وتمتلك سلاحاً متطوراً، وكانت للعراق تجارب عملية في استخدامه خلال الأعوام الماضية.
فبعد طائرات 'تي 50' التي تعاقد عليها العراق عام 2013 لشراء 24 طائرة منها بقيمة 1.1 مليار دولار، والتي تسلمها عام 2017، ومنظومة الدفاع الجوي الكورية الجنوبية 'تشونغونغ' التي وقع عليها العراق مع كوريا الجنوبية في سبتمبر (أيلول) عام 2024، ضمن صفقة تبلغ قيمتها 2.8 مليار دولار يتوقع تسليم أولى الوحدات منها خلال الأشهر القليلة المقبلة.
لكن يبدو أن التعاون العسكري مع كوريا الجنوبية لم يتوقف عند هذا الحد وقد يشمل عقود تسليح أخرى في مجال الدبابات والمدافع.
وبحسب وسائل إعلام كورية جنوبية، سيرسل العراق وفداً رفيع المستوى إلى كوريا الجنوبية للتفاوض على عقد لشراء 250 دبابة 'كي 9'.
ووفق وسائل إعلام كورية جنوبية، فمن المرجح ألا يتم تقديم الدبابات فقط، بل أيضاً مدافع 'هاوتزر' الذاتية الحركة.
يبدو أن الأزمات التي تمر بها المنطقة وما تشهده من سباق تسلح تتطلب زيادة قدرة التسلح وجاهزية القوات العسكرية العراقية، لا سيما مع جدول انسحاب القوات الأميركية من العراق على مرحلتين: الأولى تبدأ في سبتمبر 2025 وتشمل بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين، تليها المرحلة الثانية في سبتمبر 2026 من مناطق كردستان العراق، مما يتطلب مزيداً من الجاهزية لقواته.
وأكد مدير مركز 'الجمهوري' للدراسات الإستراتيجية معتز محي عبدالحميد تطور الأسلحة الكورية الجنوبية، فيما أشار إلى سعي العراق لتنويع مصادر السلاح. وقال عبدالحميد 'الأسلحة الكورية متطورة وبدأت الدول تقتنيها كون تقنياتها تعتمد على مساعدة الشركات الأميركية في تطويرها، لا سيما أن لديها منافسة في تصنيع السلاح مع غريمتها كوريا الشمالية'. ولفت إلى أن 'العراق كان منذ خمسينيات وحتى فترة الثمانينيات من القرن الماضي، يعتمد على الأسلحة الروسية في كافة أنواع الأسلحة، إضافة إلى السلاح الغربي الذي بدأ يقتنيه في ثمانينيات القرن الماضي، لا سيما من النمسا وإيطاليا وفرنسا، وأثبتت هذه الأسلحة فاعليتها في الحروب التي خاضها العراق خصوصاً الحرب العراقية-الإيرانية (1980-1988)'.
ورجح عبدالحميد أن يكون هناك توجه عراقي إلى التركيز على السلاح الغربي لا سيما السلاح الأوروبي مثل إنجلترا، خصوصاً أن هناك اتفاقاً بين العراق وإنجلترا وقعه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في زيارته الأخيرة إلى هناك، ركزت على تطوير وشراء أسلحة حديثة وإنشاء معامل للأسلحة في العراق، وأشار إلى أن اختيار كوريا الجنوبية لم يكن بصورة عشوائية وإنما جاء بعد دراسة، مرجحاً أن يتبع العراق إستراتيجية تصدير النفط لكوريا عوضاً عن الدفع النقدي. ورأى عبدالحميد أن اقتناء السلاح الكوري لا يعني ترك السلاح الأميركي وإنما يحتاج العراق إلى تنويع السلاح وتحديث أسلحته من الدول كافة، معتبراً أن على العراق البحث عن بدائل في حال لم يستطع الحصول على أسلحة من روسيا وأميركا كما هي الحال بمنظومة الدفاع الجوي، التي تعاقد عليها العراق مع كوريا ومن المؤمل أن تصل مطلع العام المقبل.
بدوره رأى أستاذ العلوم السياسية في 'الجامعة المستنصرية' عصام الفيلي أن كوريا الجنوبية البديل الأفضل لسد حاجات المنظومة الدفاعية العراقية. وقال الفيلي 'تسعى دول العالم، بما فيها العراق، إلى تنويع مصادر تسليحها لتجنب المفاجآت المحتملة وحماية أراضيها من الأطماع الإقليمية، مع مراعاة التوازنات السياسية والمصالح الدولية'.
بعض الجهات السياسية في بغداد لا تريد للعراق أن يمد جسور العلاقات العسكرية والاقتصادية مع الولايات المتحدة الأميركية، لذلك تحاول الحكومة العراقية نزع فتيل هذه الأزمة بالذهاب إلى الحل الوسط وهو كوريا الجنوبية، بحسب الفيلي الذي قال 'أعتقد أن الحكومة العراقية تحاول أن تعالج الحاجات العسكرية والقدرات الأمنية عبر دول لا تثير ريبة بعض الأطراف السياسية'.
وتابع 'الولايات المتحدة الأميركية ترفض أن يشتري العراق أسلحة من الصين وروسيا وهي ترفض وجود الغريمين التقليديين لها في العراق الذي يحتاج إلى تطوير منظومته التسليحية أمام أطماع الدول الإقليمية التي تطور قدراتها العسكرية ولديها مصانع كبيرة، والعراق يسعى إلى حماية سمائه وأرضه من خلال تحديث السلاح'. ولفت إلى أن الولايات المتحدة لن تقبل بوجود الصين في العراق بديلاً منها لا سيما بوجود شركات نفطية تابعة لبكين، وخلص إلى أن كوريا الجنوبية لديها صناعة عسكرية متطورة شجعت وزير الدفاع الحالي وفريقه الاستشاري على الذهاب باتجاه كوريا الجنوبية لتعزيز قدرات جيشه وسط تحديات قد تعصف بالعراق.