لن تتوسع الحرب لو اقتصر التقاذف على إيران والكيان الصهيوني

العهد نيوز _ مقالات

مع تأكيد قائد الثورة الإسلامية في إيران آية الله السيد علي الخامنئي وكبار المسؤولين الإيرانيين بضرورة الرد على العدوان الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق، فلا ينبغي أن يراودنا أدنى شك بأن ايران سوف ترد على هذا العدوان.

الهاجس الذي يرعب الجميع هو احتمال اتساع الحرب وتدحرجها للمنطقة برمتها، (وهنا قلت جزافا يرعب الجميع) وإلا فهناك من يفكر بعقلية غير مسؤولة ويتمنى وقوع هذه الحرب ويقول 'خلي نارهم تاكل حطبهم' أو يقول، 'اللهم اشغل الظالمين بالظالمين واجعلنا بينهم سالمين'، وهذه العقول لا تدري أن الحرب لو اندلعت في المنطقة فلن ستحرق الأخضر واليابس، والجميع يتأثر بشكل مباشر أو غير مباشر بها.

عندما قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الهجوم على القنصلية وتصفية من فيها، فإنه وضع لنفسه احتمالين بشأن رد فعل إيران على العدوان، وحسب ظنه فإن الاحتمالين يخدماه، وهما، إما أن ترد إيران على الهجوم، أو لا ترد، ووفقا لحساباته، فإن ردت طهران على العدوان فإن العديد من الآفاق تتبلور أمامه، من بينها أن يتحول من ظالم في نظر الرأي العام العالمي إلى مظلوم، يتعاطف الجميع مع كيانه ويمد له العون والدعم.

وإذا لم ترد إيران على عدوانه، فإنها بذلك توفر له فرصة ذهبية ليقول لمستوطنيه وجنوده وحلفائه انه الشخصية الحديدية في العالم التي استطاعت كسر هيبة ايران وتمريغ أنفها في الوحل دون أن ترد عليه.

وبما أننا سلمنا أن ايران سترد على العدوان الإسرائيلي، فستتجلى أمامنا ثلاث احتمالات:

الأول: أن يبلع نتنياهو الرد دون أي يحرك ساكنا ولا يرد على الرد الإيراني، ولكنه سيقوم بتوظيف الرد الإيراني للتمسكن أمام المجتمع الدولي والترويج لمقولة أن كيانه مضطهد ويتعرض للتهديد من الجميع وفي مقدمتهم إيران.

الثاني: أن يرد على الرد الإيراني ولكن في نطاق محدود، وبذلك سندخل مرحلة التقذائف بالصواريخ والمسيرات بين إيران وإسرائيل وسيلتزم الطرفان بقواعد الرد.

الثالث: أن يتسع نطاق الرد وهذا الأمر يتوقف على الخسائر التي يتعرض لها كل طرف، فكلما كانت الخسائر فادحة فإن احتمالات اتساع رقعة الصراع والحرب تتزايد.

في الاحتمال الأول والثاني لن تتسع دائرة الحرب بين الطرفين حتى لو استمر التقاذف لفترة طويلة، أما في الاحتمال الثالث فإن ألسنة النيران يمكن أن تنتقل بين ليلة وضحاها الى مناطق أخرى، خاصة إذا تدخلت أطرافا أخرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الى جانب إسرائيل، ولا تكتفي بتقديم الدعم السياسي والعسكري والمالي لها وانما تشترك في الحرب مع إسرائيل ضد إيران.

عندها ستنفتح أبواب الجحيم على المنطقة، فكما أن أميركا تسمح لنفسها بالتدخل والمشاركة في حرب إسرائيل ضد إيران، فإن أصدقاء إيران سيتدخلون إلى جانبها، ويمكن تصور المشهد والوضع مع تدخل أصدقاء إيران في الحرب، فالعراقيون لن يكتفوا باطلاق الصواريخ والمسيرات على القوات الأميركية في بلادهم وانما ليس من المستبعد أن يهاجموا القوات الأميركية ويقومون باعتقال الجنود، فضلا عن استهداف المصالح الأميركية في العراق وخارجه.

أما اللبنانيون، فإنهم بدورهم لن يكتفوا بإطلاق الصواريخ والمدافع والهجمات على المواقع الصهيونية القريبة من لبنان، وانما ستشن قوات حزب الله وعموم القوات الموالية لإيران في لبنان هجوما بريا ضد القوات الإسرائيلية في شمال فلسطين والتوغل الى سائر المدن الفلسطينية المحتلة.

أما اليمنيون فمن المتوقع أيضا أن يشنوا هجوما شاملا على القوات والقواعد والمصالح الأميركية في المنطقة.

وليس من المستبعد أن تفتح سورية جبهة الجولان من أجل تحريرها من سيطرة الاحتلال.

ما يدفعنا إلى استبعاد اتساع رقعة الحرب، هو الظروف التي تمر بها إسرائيل والولايات المتحدة، فمن ناحية إسرائيل فان توسيعها يعني الذهاب إلى المجهول، كما أن القوات والقدرات العسكرية الإسرائيلية استنزفت بما فيه الكفاية ومن الصعب عليها شن حرب واسعة ضد ايران التي تتوعدها بضربات تدميرية.

أما من ناحية الولايات المتحدة فان التحديات التي تواجهها في الوقت الراهن والتي تتمثل في العدوين اللدودين الصين وروسيا، وكذلك الحرب في أوكرانيا، وأيضا الانتخابات الرئاسية الأميركية لا تسمح لها بالمجازفة في المشاركة في حرب ضد ايران خاصة وان مثل هذه الحرب محفوفة بمخاطر كبيرة جدا.

صالح القزويني _ كاتب ومحلل سياسي ايراني