الولايات المتحدة تستبق زيارة رئيس الوزراء العراقي للبيت الأبيض: مهمة التحالف الدولي لم تنته

بغداد/ تميم الحسن

بلا مقدمات، بدأ مسؤولون أمريكان بالحديث عن 'خطر داعش' في العراق، فيما اعتبر ذلك اشارة مبكرة لرفض الولايات المتحدة الانسحاب من العراق. بالمقابل، تؤكد الحكومة العراقية أنها 'جادة بنسبة 100 %' في قضية سحب قوات التحالف، وأنها ذاهبة إلى 'علاقات شاملة' مع الولايات المتحدة.

ويفترض أن يلتقي محمد السوداني، رئيس الحكومة، بالرئيس الأمريكي جو بايدن منتصف نيسان المقبل، لمناقشة 5 ملفات أمنية واقتصادية، حسب مكتب رئيس الوزراء.

وكان إعلان البيت الأبيض يوم الجمعة الماضية، عن موعد زيارة السوداني، قد خلا من الإشارة إلى ملف سحب قوات التحالف.

وبدأت الحكومة العام الماضي، جولات التفاوض مع القيادة العسكرية الأمريكية، لتقييم الأوضاع الأمنية بعد 7 سنوات من اعلان بغداد 'الانتصار على داعش'.

وعلى ضوء تلك التفاهمات، أقنع السوداني الفصائل المسلحة التي تطلق على نفسها 'المقاومة الإسلامية في العراق' بالتوقف عن هجماتها على القوات الأمريكية.

وكانت هذه الفصائل قد نشطت بشكل واسع في تشرين الأول الماضي، في أعقاب الحرب في غزة، قبل أن تدخل في هدنة 'غير معلنة' مع القوات الأمريكية منذ شباط الماضي.

ويرجح، بحسب بعض المعلومات، أن عدم إعلان بغداد عن وجود 'ملف الانسحاب' ضمن أجندة زيارة واشنطن المرتقبة، قد يعيد نشاط تلك الجماعات.

وشنت الفصائل في ٤ أشهر منذ اندلاع أزمة غزة حتى موعد الهدنة، نحو ١٨٠ هجومًا على قواعد أمريكية في العراق والمنطقة، كذلك ردت واشنطن بعمليات نوعية استهدفت قادة تلك الجماعات. وفي منتصف آذار الحالي، حذر أبو علي العسكري المتحدث باسم كتائب حزب الله، من أن عدم إخراج قوات التحالف من العراق 'سيفتح باب جهنم'.

وقال العسكري في منشور: 'حذرنا، ونجدد التحذير، إن على الحكومة، ومن خلفها الإطار التنسيقي، إنهاء وجود الاحتلال من العراق، عدم منح الحصانة لقوات الاحتلال - وإلا سيفتح باب جهنم'.

وأضاف متحدثًا عن قوات التحالف: 'لم تغير حتى الآن من تحركاتها وسلوكها في الأرض والسماء، بل حتى تصريحاتها لا تزال تشير إلى المراوغة لكسب الوقت، وإبقاء قواتها المحتلة في البلاد'.

وتقول واشنطن والحكومة العراقية، إن القوات الأمريكية والجنسيات الأخرى، موجودة بطلب من بغداد، لمقاتلة 'داعش' ضمن تحالف دولي أنشئ عام ٢٠١٤.

لكن أغلب تلك الفصائل تعتقد أن 'داعش' هي صنيعة أمريكية، أو على الأقل أن واشنطن 'لم تكن جادة في القضاء عليها'، بحسب تصريحات سابقة لزعيم العصائب، قيس الخزعلي.

إشاعة سحب القوات

لذلك يرجح إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي، في مقابلة مع (المدى) وجود 'جهات مقربة من رئيس الحكومة تشيع قضية مناقشة سحب القوات الأمريكية في زيارة السوداني لواشنطن وهي غير موجودة'.

وقد تكون هذه الإشاعات، بحسب ما يصفها الشمري، دعاية سياسية لمنع انهيار الهدنة الجديدة التي دخلت فيها الفصائل قبل شهرين.

ويستند الشمري في نفي نوايا واشنطن الانسحاب من العراق، على تصريحات السفيرة الأمريكية في بغداد الأخيرة، التي تحدثت عن أن مهمة التحالف الدولي 'لم تنته بعد' في العراق. وقالت ألينا رومانوسكي إن 'تنظيم (داعش) لا يزال يشكل تهديدا في العراق'. وأضافت في مقابلة مع رويترز نشرت الأحد أن 'عمل التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة مع العراق لهزيمة التنظيم بشكل كامل لم ينته بعد'. وفي نهاية العام الماضي، قال رئيس الوزراء محمد السوداني، إنه لا ضرورة لوجود التحالف الدولي، إذ لم يعد 'تنظيم داعش يشكل تهديدا للدولة العراقية'.

وقالت رومانوسكي من مقر السفارة الأميركية ببغداد 'يُقدر كل منا أن تنظيم (داعش) لا يزال يمثل تهديدًا هنا. ورغم تراجعه كثيرًا، فإننا لم ننجز عملنا بشكلٍ أساسي ونريد التأكد من أن القوات العراقية يمكنها مواصلة هزيمة داعش'.

وجاءت تصريحات السفيرة بعد إعلان فرع 'داعش' في أفغانستان مسؤوليته عن الهجوم على قاعة حفلات في روسيا يوم الجمعة قتل فيه 137 شخصًا.

وقالت السفيرة في تعليق إضافي بعد المقابلة 'كما يذكرنا هذا الحادث (الهجوم في روسيا)، فإن (داعش) عدو إرهابي مشترك يجب هزيمته في كل مكان'.

وأضافت 'لهذا السبب تشترك الولايات المتحدة والعراق في الالتزام بضمان الهزيمة الدائمة لتنظيم (داعش)، عبر سبل منها العمل معًا لتشكيل مستقبل شراكة أمنية ثنائية قوية بين الولايات المتحدة والعراق'.

وتُقدر بغداد وجود بين 400 إلى 500 مسلح تابع لـ'داعش'، ينتشرون في كهوف ومناطق نائية، بينما تتحدث تقارير الأمم المتحدة عن الاف العناصر بين العراق وسوريا.

ويقول إحسان الشمري، وهو استاذ السياسات العامة في جامعة بغداد، إن 'داعش لا يزال يمثّل تحديًا أمنيًا كبيرًا وقد تكون العمليات العسكرية الأخيرة دليلا على ذلك'.

وأطلقت القيادة العسكرية بداية آذار الحالي، عملية تعقب باقي عناصر 'داعش' في غربي وشمالي البلاد، وصرّحت بعد ذلك أنها قتلت 10 مسلحين.

ومطلع العام الحالي، قال بيان لجهاز مكافحة الإرهاب إنه تمكن من 'قتل 51 إرهابيًا' واعتقال '139 إرهابيًا' ضمن 249 عملية خلال عام 2023.

ويشير الشمري إلى أن 'داعش لا يملك الأرض لكنه قادر على تنفيذ هجمات، كما حدث في روسيا مثلاً'.

وتابع أن 'تصريحات السفيرة الأمريكية تشير بما لا يقبل الشك إلى أن وجود داعش ينفي قضية انسحاب قوات التحالف، وأن واشنطن ذاهبة إلى بقاء مستدام في العراق'.

ورجح الشمري أن تلك التصريحات هي رسالة إلى السوداني قبل الذهاب إلى واشنطن، بأن موضوع انسحاب القوات الأمريكية لن يكون ضمن جدول الأعمال.

بالمقابل يؤكد المتحدث باسم الحكومة، باسم العوادي، أن ملف سحب القوات سيكون ضمن الملفات الـ5 التي سيناقشها رئيس الوزراء في واشنطن.

وقال العوادي للوكالة الرسمية إن هذا الأمر 'محسوم من الطرفين العراقي والأمريكي، والحكومة العراقية جادة بنسبة 100%'، و'غير قابل للمناورة'.

لكن الشمري يرى أن الزيارة المرتقبة 'بروتوكولية لن تغير من حقيقة الوجود الأمريكي والتوجهات الأمريكية في العراق'.