اخبار العراق
موقع كل يوم -سكاي العراق
نشر بتاريخ: ٢٨ أيار ٢٠٢٥
خاص/ سكاي برس
بقلم: مـــــــراد الغــــــضبان
في خطوة تحمل أبعادًا تتجاوز العمل الاستخباراتي أعلنت إسرائيل مؤخرًا تنفيذ عملية خاصة داخل الأراضي السورية بمساعدة قوات محلية موالية استهدفت استعادة أرشيف يعود للجاسوس الشهير إيلي كوهين الذي أُعدم في دمشق عام 1965 بعد أن كُشف أمره خلال واحدة من أجرأ عمليات التجسس في التاريخ الحديث.
كوهين الذي تسلل إلى عمق النظام السوري مطلع الستينيات وصل إلى مواقع حساسة ودوائر صنع القرار حتى تم القبض عليه وإعدامه شنقًا في ساحة المرجة وبعد مضي نحو ستة عقود تعود إسرائيل لتفتح ملفه من جديد ليس بدافع أمني فقط بل انطلاقًا من قناعة راسخة بأن من يخدم الدولة تكرّمه الدولة.
العملية أسفرت عن استعادة وثائق مكتوبة بخط يده وتسجيلات صوتية ومقتنيات شخصية إضافة إلى محاضر تحقيق أُجريت معه قبل الإعدام وفي مشهد له دلالته سلّم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جزءًا من هذه المقتنيات إلى أرملته في حفل رسمي يعكس مستوى التقدير الممنوح لمن يقدّم حياته لصالح المشروع الإسرائيلي حتى وإن كان ذلك قبل عقود.
بعيدًا عن تفاصيل العملية تبقى رمزية الحدث هي الأهم رسالة واضحة للمجتمع الإسرائيلي بأن دولته لا تنسى أبناءها ولا تُغفل تضحياتهم وفي المقابل هي أيضًا رسالة مؤلمة للعرب وللعراقيين على وجه التحديد الذين يعانون من قطيعة مؤسساتية وأخلاقية مع ذاكرة شهدائهم.
في العراق لا تزال عوائل الشهداء من ضحايا الإرهاب والحشد الشعبي والجيش تواجه تقصيرًا إداريًا وماليًا ومعنويًا كثير منهم لم يحصل على حقوقه وبعضهم لا يملك حتى شهادة رسمية توثّق تضحيته مؤسسة الشهداء تبدو مثقلة بالعجز وسط غياب إرادة سياسية جادة تُنصف من ضحى لأجل هذا الوطن.
المشهد الإسرائيلي يعيد فتح الملفات القديمة ويُعيد إنتاج الرموز ويُحول الجاسوس إلى بطل قومي في حين أن أبطالنا يُنسَون بسرعة وتُختصر تضحياتهم في صور سريعة أو نعوات باردة.
ما فعلته إسرائيل ليس مجرد وفاء بل تأكيد على سردية وطنية متماسكة تقول بوضوح لن ننسى من مات من أجلنا بينما يبقى السؤال مفتوحًا هل نملك في عالمنا العربي وعدًا شبيهًا هل نملك ذاكرة تحفظ الدماء التي سالت دفاعًا عن الأرض.
من أراد بناء دولة جديرة بالاحترام فعليه أن يبدأ من احترام شهدائه فالذي ينسى من ضحى يفقد حقه الأخلاقي في طلب الولاء...