اخبار العراق
موقع كل يوم -المسلة
نشر بتاريخ: ٣١ أب ٢٠٢٥
31 غشت، 2025
بغداد/المسلة: حذّر ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق محمد الحسان من أن الفساد لم يعد مجرد ملف إداري أو سياسي عابر، بل تحول إلى بنية موازية داخل مؤسسات الدولة، تنسج خيوطها في المال والإدارة والقضاء والتعليم والبحث العلمي، ليصبح الحديث عن استدامة الفساد أخطر من مجرد ظهوره.
وطرح الحسان تحذيره في مدينة كربلاء خلال مؤتمر مكافحة الفساد، فيما كانت الأرقام الدولية تتكلم بلغة أشد قسوة، إذ لم يحصل العراق سوى على 26 نقطة من أصل مئة في مؤشر منظمة الشفافية الدولية لعام 2024، وهو من أدنى المستويات منذ عام 2008.
وتكشف هذه الأرقام أن البلاد لم تنجح في تجاوز مأزق البنية الريعية وضعف مؤسسات الرقابة، بل إن دورة الفساد تغذت من الاقتصاد السياسي القائم على المحاصصة.
ويعكس حديث الحسان بوضوح أن الفساد لم يعد يقاس بعدد الملفات التي تفتحها هيئة النزاهة أو بتصريحات سياسية موسمية، بل يقاس بمدى غياب العدالة وبتآكل مفهوم العقد الاجتماعي، حيث تصبح الدولة مجرد وسيط لتوزيع الامتيازات لا مؤسسة حاكمة على أساس القانون. وهذا الخطاب الأممي يبدو موجهاً للطبقة السياسية العراقية بقدر ما هو رسالة للشارع، مفادها أن انهيار ثقة المواطنين بالدولة يتغذى من تغلغل الفساد لا من الإرهاب أو التدخل الخارجي فحسب.
ويكشف التوظيف العاطفي في كلمات الحسان عن بعد آخر؛ فهو لم يكتف بالتحذير البيروقراطي، بل لجأ إلى مخاطبة وجدان الجمهور، مؤكداً أنه 'منكم وإليكم' ومعلناً أن الخطر يتجاوز الحسابات الدبلوماسية. وهذا الأسلوب يعكس إدراكاً أممياً بأن محاربة الفساد في العراق ليست قضية تقنية، بل معركة على هوية الدولة الحديثة في مواجهة تحللها إلى جماعات ومصالح متصارعة.
وتتضح الرسالة الأهم في الدعوة الأممية لتعزيز استقلال القضاء وترسيخ الشفافية، إذ إن ما يُطرح في المؤتمرات يبقى مجرد عناوين ما لم يتحول إلى نظام يقيّد سلطة النخب ويكسر الحلقة المغلقة بين المال والسياسة.
About Post Author
Admin
See author's posts