اخبار الجزائر
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ١٩ أيار ٢٠٢٥
الرئيس عبدالمجيد تبون أكد أن البلاد 'تتعرض لحرب غير معلنة ضدها'
يبدو أن ظاهرة تهريب وترويج واستهلاك المخدرات باتت تهدد استقرار وأمن الجزائر بشكل جدي، إذ دفعت كميات المخدرات الضخمة المحجوزة ونسب الاستهلاك المرتفعة السلطات إلى المسارعة لقانون مكافحة مخدرات جديد يشدد العقوبات ضد المروجين والمهربين وصولاً إلى الإعدام، ويفرض إجراءات وقائية على المواطنين بمن فيهم تلامذة المدارس وطالبو الوظائف.
معدلات غير مسبوقة
وأمام المعدلات غير المسبوقة التي تفرضها آفة المخدرات على مختلف المستويات في الجزائر لا سيما الأمنية منها والاجتماعية، ومع عدم جدوى السياسات المتعاقبة في مواجهة هذه الظاهرة لاعتبارات عدة أهمها تطور طرق التهريب والترويج، وكذلك تضاعف الكميات المتسللة إلى داخل حدود البلاد عبر جهات مختلفة، تحركت وزارة العدل باتجاه تعديل القوانين وتشديد العقوبات، لا سيما بعدما أصبح تلامذة المدارس هدف شبكات الإجرام.
ومن أهم التعديلات التي أثارت نقاشات، إجراء فحوصات دورية للكشف عن تعاطي المخدرات داخل المؤسسات التربوية والتعليمية لفائدة التلامذة، شرط الحصول على موافقة الأولياء أو قاضي الأحداث، مع تأكيد أن نتائج هذه الفحوص تستخدم لأغراض علاجية فحسب، إذ في حال ظهور نتائج إيجابية، يتم اتخاذ التدابير العلاجية من دون متابعة قضائية ضد المعنيين.
تعديلات مشددة
كما شدد المشرع العقوبات ضد من يحرض أو يوظف القصر أو الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة في عمليات تهريب المخدرات، وفي حال ارتكاب الجرائم داخل أو قرب المؤسسات التربوية أو التعليمية أو التكوينية أو الاجتماعية أو داخل هيئات عمومية أو مؤسسات مفتوحة للجمهور، تفرض عقوبات بالسجن بين 20 و30 عاماً وصولاً إلى الإعدام.
وشملت المقاربة تعزيز التحصين داخل الإدارات والمؤسسات والهيئات العمومية والجهات ذات النفع العام، وألزم القانون تقديم تحاليل طبية سلبية لعدم تعاطي المخدرات أو المؤثرات العقلية في ملفات المترشحين لمسابقات التوظيف بالهيئات والمؤسسات المذكورة.
حماية الوسط المدرسي
وقال النائب في البرلمان الجزائري هشام بن حداد، إن القانون يأتي في إطار تكييف التشريع الوطني مع المستجدات التي يعرفها مجال الوقاية من المخدرات وقمع الاتجار، خصوصاً بعد استفحال ظاهرة استعمال المؤثرات وسط الشباب وفي الوسط المدرسي، مضيفاً أن هذه الظاهرة لا تقل خطورة عن الإرهاب، لا سيما أنها تتعلق باستهداف فئة الشباب، 'إذ إن استهداف القصر في الأوساط المدرسية يعد إنذاراً خطراً يستدعي البحث عن التشريع الذي يعالج الظاهرة ويسهم في انتظام المجتمع ومختلف الفواعل في مكافحة الظاهرة الخطرة'. وأشار ابن حداد إلى أن القانون أورد عقوبات تصل إلى المؤبد أو الإعدام، بخصوصاً بالنسبة إلى تجار المخدرات، وأبرز 'أن المشروع جاء ليعالج حالات الاستهلاك في الوسط المدرسي من خلال إيجاد مجموعة من الطرق والآليات والمخططات التي تسهم في حماية المتمدرسين من الظاهرة'، موضحاً أنه من أجل الحد من استفحالها جاء المشرع بمجموعة من البنود، 'منها اشتراط شهادات عدم استهلاك وتعاطي المخدرات بالنسبة إلى كل الوظائف الإدارية ومناصب العمل في مختلف الهيئات والمؤسسات الاقتصادية، مما يسهم في نشر ثقافة مكافحة المخدرات'.
3 ملايين مدمن
إلى ذلك عد رئيس المؤسسة الجزائرية 'صناعة الغد' والوزير المنتدب السابق للاستشراف والإحصاءات بشير مصيطفى 'أن تعاطي المخدرات في الجزائر تجاوز مرحلة الحالة إلى مرحلة الظاهرة بالنظر إلى العدد المقلق للمدمنين بحسب أرقام عام 2024، وبحسب إشارات المستقبل التي هي مقلقة على الصعيدين الاجتماعي والأمني'، مشدداً على أن 'الوضعية التي يعيشها بعض شبابنا أمام انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات لم تعد تسمح بمزيد من التراخي في جانب المعالجة، خصوصاً مع تنامي الجريمة الناتجة من هذه الظاهرة'، وكشف عن أن عدد المدمنين على المخدرات في 2024 لامس سقف 3 ملايين مدمن، 90 في المئة منهم تراوح أعمارهم ما بين 13 و34 سنة. وقدم مصيطفى عدداً من الحلول الاستباقية لمعالجة ظاهرة الإدمان على المخدرات لدى الشباب، 'منها تحسين الأوضاع المعيشية للعائلات برفع معدل الأجور للموظفين، وتحقيق عدالة التوزيع في المداخيل، مما يسمح لها بالإنفاق على تكوين الأبناء في مجال مهن المستقبل والسوق وسد الفراغ، وكذلك إعادة النظر في قرارات التسريب المدرسي في قطاع التربية، وتحرير سوق الشغل بإيجاد آليات أكثر نجاعة لتشغيل الشباب في سن الطلب على العمل، مع إطلاق حملة وطنية من دون توقف لمكافحة ظاهرة تعاطي المخدرات بمشاركة القطاعات ذات الصلة وعلى رأسها جمعيات المجتمع المدني، إضافة إلى إقامة مراكز المعالجة النفسية والمرافقة، وأخيراً الانتقال من أسلوب المكافحة بالردع إلى المعالجة النفسية المبنية على الوقاية'.
أرقام صادمة وتبون يحذر
وكان الرئيس عبدالمجيد تبون أكد أن 'الجزائر تتعرض لحرب غير معلنة ضدها، سلاحها المخدرات بكل أنواعها، تشنها قوى الشر لإضعاف أجيال من الشباب وكسر سلم القيم الاجتماعية الجزائرية الذي لا تزال بلادنا تقاوم للحفاظ عليه وتتشبث به'، ودعا إلى اعتماد مقاربة شاملة لمحاربة هذه الظاهرة تبدأ بآليات ميدانية لمحاصرة الظاهرة بالتوعية والمتابعة والعلاج، وتنتهي بالردع وتسليط أقصى العقوبات على تجار ومستهلكي المخدرات، 'خصوصاً الصلبة منها لحماية شبابنا من هذه الآفة الغريبة'.
وخلال عام 2024، تمكنت مصالح الدرك من حجز ما يفوق 26 طناً من الكيف المعالج، وأكثر 147 كيلوغراماً من الكوكايين، إضافة إلى قرابة 10 ملايين قرص من المؤثرات العقلية، وأوضح المقدم طوالبية طارق، من قسم الشرطة القضائية، أن الكميات المحجوزة من الكيف المعالج عرفت انخفاضاً بـ10 في المئة مقارنة بسنة 2023، كما انخفضت كمية المؤثرات العقلية بـ0.5 في المئة، بينما عرفت كمية الكوكايين المحجوزة ارتفاعاً بنسبة 152 في المئة. وتمكنت المصالح نفسها، خلال الفترة المذكورة، من تفكيك 82 شبكة مخدرات و110 شبكات تتاجر بالمؤثرات العقلية.