اخبار الإمارات
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٢٨ تشرين الثاني ٢٠٢٥
كمال صالح - الخليج أونلاين
أقر مجلس إدارة شركة 'أدنوك' الإماراتية استثمار قرابة 150 مليار دولار خلال السنوات الخمس الماضية.
لم يكن الاجتماع السنوي لمجلس إدارة شركة بترول أبوظبي الوطنية 'أدنوك'، في قلب مجمع 'حبشان'، حيث عصب الغاز الإماراتي، مجرد استعراض للأرقام التقليدية؛ بل كان إعلاناً عن تدشين حقبة جديدة تتحول فيها الشركة من منتج للنفط إلى قوة طاقة عالمية.
الاجتماع الذي رأسه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، في غرفة تحكم تدير 60% من غاز الإمارات، رسم ملامح السنوات الخمس المقبلة باستراتيجية طموحة قوامها المال والتكنولوجيا والاستدامة.
فالشركة التي باتت واجهة الإمارات في مجال الطاقة، حققت نجاحات كبيرة في تعزيز وزيادة احتياطيات الدولة من الموارد التقليدية، لتعزز بذلك مكانتها باعتبارها صاحبة سادس أكبر احتياطيات من النفط الخام وسابع أكبر احتياطيات من الغاز في العالم.
استثمار ضخم
الاجتماع، الذي عُقد الاثنين (24 نوفمبر) في مجمع 'حبشان' الاستراتيجي، أقر اعتماد خطة استثمارية ضخمة بقيمة 551 مليار درهم (ما يعادل 150 مليار دولار أمريكي) للفترة من 2026 إلى 2030.
هذا الاستثمار الرأسمالي الهائل لا يستهدف مجرد الحفاظ على الوضع الراهن، بل يعكس رغبة مدروسة في التوسع، بهدف تعزيز ما تسميه الشركة 'النمو الذكي'، وبما يؤدي إلى ترسيخ دور الشركة كمزوّد عالمي مسؤول وموثوق للطاقة.
التحليل المالي لهذا الرقم يشير إلى أن 'أدنوك' تسبح عكس تيار الانكماش الذي قد يضرب بعض شركات الطاقة العالمية، مستغلة الملاءة المالية القوية لزيادة حصتها السوقية وتلبية الطلب العالمي المتزايد، مع التركيز على خفض تكلفة الإنتاج عبر التكنولوجيا.
تنطلق الشركة في استراتيجيتها الخمسية من النجاحات التي حققتها، إذ نجحت في زيادة احتياطيات الموارد التقليدية للدولة إلى 120 مليار برميل من النفط الخام، و297 تريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز الطبيعي، في ظل حركة استكشاف مستمرة لزيادة الاحتياطي.
إمبراطورية XRG
تعتبر 'XRG'، ذراع الاستثمار الدولي في قطاع الطاقة المملوكة لـ'أدنوك'، أحد أهم وأبرز النجاحات التي حققتها الشركة الإماراتية العملاقة، فمنذ إطلاقها قبل عام تقريباً تضاعفت قيمتها السوقية من 80 مليار دولار، إلى قرابة 151 مليار دولار، حسب ما أكده الاجتماع السنوي المنعقد يوم 24 نوفمبر.
هذا الكيان العملاق، لم يعد يمكن تجاوزه بعد عام على إطلاقه، لكونه كياناً استثمارياً محلياً، فالمؤشرات المالية تكشف عن صعود قوي، ما يعكس نجاح استراتيجية الاستحواذات الدولية والتنويع في أسواق الطاقة والكيماويات والغاز المنخفض الكربون.
تلك الريادة وهذا النجاح يجعل من 'أدنوك' لاعباً لا يمكن تجاوزه في معادلة أمن الطاقة العالمي، ومنافساً شرساً لكبريات شركات الطاقة الغربية، وشيئاً فشيئاً تقترب 'XRG' من صفة الصندوق الاستثماري، نظراً لتوسعها الكبير.
ولعل التحول الأكثر جذرية في استراتيجية 'أدنوك' هو الرهان الكامل على التكنولوجيا، فقد انتقلت من وضع الخطط حول الذكاء الاصطناعي، إلى تطبيقه عملياً، إذ عقد اجتماع مجلس الإدارة باستخدام أداة 'MEERAi' الذكية التي طورتها الشركة نفسها لإدارة الاجتماعات.
وجرى اعتماد هذه الأداة في 10 شركات تابعة للمجموعة لتمكين تسريع اتخاذ القرارات التنفيذية، وقد صممت ثنائية اللغة لتعزيز عملية اتخاذ القرار في مجالس الإدارة وتمكين فريق الإدارة التنفيذية من الوصول إلى قرارات ذكية بشكل أسرع.
كما تتجه الشركة لرقمنة وميكنة كافة عملياتها، من الاستكشاف الزلزالي ثلاثي الأبعاد - الأكبر عالمياً - والذي أدى لإضافة 1.2 مليار برميل مكافئ نفطي، وصولاً إلى الروبوتات في غرف التحكم، والهدف هنا مزدوج؛ رفع الكفاءة التشغيلية لأقصى حد، وتقليل الانبعاثات، وترسيخ مكانة الشركة كأول كيان طاقة 'ذكي' في العالم، وفق وكالة الأنباء الإماراتية 'وام'.
'أدنوك غشا'
اجتماع 'أدنوك'، أكد محورية الغاز الطبيعي، كعمود فقري للمرحلة المقبلة، وجرى اعتماد تأسيس شركة 'أدنوك غشا'، هذا المشروع العملاق المتوقع أن ينتج 1.8 مليار قدم مكعبة قياسية يومياً.
ولا يهدف مشروع 'أدنوك غشا' فقط لتحقيق الاكتفاء الذاتي للإمارات، بل يدعم طموحاتها التصديرية، وبالنظر إلى الأرقام، فقد ارتفعت احتياطيات الغاز إلى 297 تريليون قدم مكعبة قياسية، ما يضع الدولة في المرتبة السابعة عالمياً، ويعزز موقفها الجيوسياسي كمورد موثوق في سوق غاز مضطرب عالمياً.
محرك اقتصادي
وبالنظر للأرقام التي جرى استعراضها خلال الاجتماع السنوي لمجلس إدارة 'أدنوك'، يتضح أن الشركة باتت تلعب دور المحرك للاقتصاد غير النفطي أيضاً، من خلال التزام الشركة بضخ قرابة 60 مليار دولار في الاقتصاد المحلي خلال السنوات الخمس القادمة عبر برنامج القيمة الوطنية المضافة.
هذا التوجه يخلق دورة اقتصادية متكاملة، حيث نجحت الشركة بالفعل في توجيه 17.7 مليار دولار للسوق المحلية في عام واحد فقط، ودعم توظيف 23 ألف مواطن، ومن ثم تحولهذه الاستراتيجية 'أدنوك' من مجرد مصدر للدخل السيادي إلى صانع لبيئة صناعية محلية مستدامة.
وبالنظر لخطة 'أدنوك' الخمسية، يتضح أن الشركة تهدف لزيادة القيمة المضافة لكل برميل نفط، عبر التكرير والبتروكيماويات، وإدارة الأصول الدولية، وتوظيف الذكاء الاصطناعي بشكل أكبر، لتمزج بذلك بين الموارد التقليدية وبما يضمن إنتاجاً أكثر ذكاء يمنح الإمارات مكانة مريحة في مستقبل الطاقة.
تعزيز القدرة
توجه 'أدنوك' لإرساء استثمارات رأسمالية بأكثر من 150 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، يأتي في إطار الحفاظ على موقع الشركة في السوق، وفق الباحث الاقتصادي أحمد عيد.
وقال عيد، في حديثه لـ'الخليج أونلاين'، إن سوق الطاقة يشهدتنافساً شديداً في مختلف القطاعات، لافتاً إلى أنه بالرغم من أن أسعار الطاقة تمر بدورات صعود وهبوط، وتذبذب، فإن الاحتياج العالمي للنفط والغاز لم يتراجع فعلياً، خصوصاً في آسيا والبلدان التي فيها صناعات ثقيلة.
واستطرد قائلاً: 'من هذا الأساس فإن زيادة الاستثمار ليست مغامرة، بقدر ما هي محاولة لتعزيز القدرة الإنتاجية وتحسين الكفاءة التشغيلية لـ(أدنوك)، بما يضمن استمرار تدفق العوائد المالية على المدى الطويل، حتى في ظل التحول العالمي نحو الطاقة المتجددة'.
تنويع الاقتصاد
ويرى عيد أن النمو السريع لشركة 'XRG'، هو بمثابة مؤشر يعكس استراتيجية 'أدنوك' لتوسيع نطاق عملها، خارج الدور التشغيلي التقليدي.
وأضاف:


































