اخبار الإمارات
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٢١ حزيران ٢٠٢٥
كامل جميل - الخليج أونلاين
الخبير الاقتصادي د. عبد النبي عبد المطلب:
نسبة كبيرة من الإيرانيين المقيمين في الخليج ينتمون لطبقة التجار والمستثمرين وأصحاب المراكز العليا.
رغم وضعهم الأفضل، فهم ليسوا بمنأى عن التأثر؛ فحجم الأضرار يتوقف على نوع النشاط التجاري وطبيعته.
بعض القطاعات قد تنتعش بفعل الحرب، مثل تجارة السلع الأساسية والمواد المرتبطة بالأزمات.
في خضم تصاعد وتيرة الصراع المشتعل بين إيران و'إسرائيل'، يقف آلاف الإيرانيين المقيمين في دول الخليج العربي على أعتاب لحظة حاسمة قد يعاد فيها رسم خريطة حياتهم ومستقبلهم المهني والاجتماعي.
وتتجه منطقة الخليج العربي نحو مرحلة شديدة الحساسية، مع ارتفاع وتيرة التصعيد العسكري بين إيران و'إسرائيل' واتساع رقعة التوتر الإقليمي الذي بات يهدد استقرار الممرات البحرية والمجالات الجوية والنشاط الاقتصادي في عموم المنطقة.
في ظل هذا المشهد المضطرب تبرز تساؤلات ملحّة حول مصير الجاليات الإيرانية المقيمة في دول الخليج، التي تجد نفسها وسط حسابات سياسية معقّدة لا يد لها فيها.
فالإيرانيون المنتشرون في مدن كدبي والكويت ومسقط، لم يأتوا محمّلين بخطاب المواجهة، بل بحقائق الاستثمار والعمل والدراسة والاندماج في نسيج اقتصادي واجتماعي خليجي استمر عقوداً.
لكن ارتفاع منسوب المخاطر يهدد، ولو جزئياً، هذه المساحة المستقرة، ويفرض تحديات تتعلق بالتنقل، والاستقرار المالي، وحتى النظرة الأمنية في بعض الدول.
امتداد جالية إيران خليجياً
تعرف دولة الإمارات بأنها أكثر دول الخليج تحوي على جالية إيرانية، منذ سنوات طويلة، فبحسب صحيفة 'هم ميهن' الإيرانية، استضافت الإمارات في عام 2022 أكبر عدد من الإيرانيين بلغ عددهم 454 ألفاً.
أما أحدث الأرقام فتؤكدها إحصاءات دائرة الأحوال الإيرانية، وفق وكالة 'فارس'، لافتة إلى أن العدد الفعلي للإيرانيين في الإمارات وصل إلى نحو 800 ألف نسمة.
وتنتشر هذه الجالية في مدن الرئيسة، لا سيما دبي وأبوظبي، حيث وجدوا لنفسهم موطئ قدم في التجارة والعقارات والخدمات المهنية.
ووفق مجلة 'الإيكونوميست'، في دبي وحدها 7.660 شركة مسجلة تحمل اسم 'إيراني'، وتشغّل أكثر من 13 ألف رجل أعمال إيراني، ما يجعلهم ركيزة أساسية في الحركة التجارية والعقارية.
يضاف إلى ذلك أن الإمارات تضم أربع جامعات إيرانية، ويبلغ عدد الطلاب الإيرانيين فيها أكثر من 30 ألفاً يدرسون في الجامعات الإيرانية والإماراتية، في تخصصات تتراوح بين الهندسة والطب والعلوم الإنسانية.
في الكويت شهد عدد الإيرانيين تراجعاً ملحوظاً، فمن 51.940 في عام 1990 إلى 33.568 في نهاية 2022، ما نسبته 0.71% من إجمالي السكان، وفق الهيئة العامة للمعلومات المدنية الكويتية.
ويؤكد السفير الإيراني لدى الكويت أن أبناء جاليتهم يشغلون مناصب مهمة، بينهم الأطباء والتجار.
ويبلغ عدد الجالية الإيرانية في دولة قطر نحو 20 ألف إيراني، وعدد الشركات الإيرانية العاملة في الدولة بلغ نحو811 شركة تنشط في عدد من المجالات الاقتصادية الحيوية.
أما في عُمان فقد استقر نحو 20 ألف إيراني، وأسست جاليتهم 2.710 شركات، منها 1.163 شركة مملوكة بالكامل لإيرانيين، و1.547 شركة مشتركة مع شركاء عمانيين.
ولا توجد إحصائيات حول عدد الإيرانيين والاستثمارات الإيرانية في السعودية والبحرين، لا سيما أن البلدين أعادا العلاقات مع إيران قبل عامين على أثر الاعتداء الإيراني على البعثة السعودية في إيران، عام 2016.
رسائل دعم خليجي
لكن السعودية، وفي بادرة إنسانية في ظل الحرب، وجّه ملكها سلمان بن عبد العزيز آل سعود بتسهيل كافة احتياجات الحجاج الإيرانيين، وتوفير الخدمات لهم حتى تتهيأ لهم الظروف للعودة سالمين إلى وطنهم وأهاليهم؛ وذلك بسبب توقف خطوط الطيران من جراء الحرب.
وجاءت المبادرة السعودية لتؤكد أن الروابط بين الشعوب تتجاوز السياسة، وأن الخليج يظل مؤمناً بقيم التآخي والتراحم.
ومن جانب إنساني أيضاً أمر رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بإعفاء رعايا إيران داخل الدولة من الغرامات المترتبة عليهم نتيجة تأخرهم عن مغادرة البلاد، سواء كانوا مقيمين أو زائرين بتأشيرات مختلفة.
كما جاء ذلك استجابةً للظرف الاستثنائي الذي تمرّ به المنطقة، وتخفيفاً عنهم في ظل إغلاق المجال الجوي وتعليق الرحلات.
ونشطت الدبلوماسية الخليجية كذلك لوقف والحرب، والعودة إلى الحوار لحل أزمة الملف النووي الإيراني.
هاجس مؤرق
يبقى هاجس الجميع حجم التأثيرات المحتملة على الجالية الإيرانية في الخليج، فالارتفاع المتكرر لأسعار النفط، والإغلاق المؤقت للمنشآت البحرية أو تراجع الحركة التجارية، كلها عوامل قادرة على قلب موازين الأعمال.
ورغم أن مستويات التنسيق الخليجي – الإيراني شهدت تحسناً نسبياً منذ إعادة فتح الحوار الدبلوماسي قبل عامين، فإن أي تصعيد أكبر قد يفرض ضغوطاً جديدة على المستثمرين الإيرانيين وموظفيهم، سواء عبر عوائق لوجستية أو إجراءات بنكية أشد تشدداً.
وفي هذا الشأن حذر الخبير الاقتصادي د. عبد النبي عبد المطلب من أن أي تصعيد عسكري جديد في الحرب بين إيران و'إسرائيل' قد تكون له تداعيات اقتصادية واجتماعية خطيرة تطول الجالية الإيرانية المقيمة في دول الخليج، لا سيما إذا دخلت الولايات المتحدة على خط المواجهة.
وأكد عبد المطلب لـ'الخليج أونلاين' أن النسبة الكبيرة من الإيرانيين المقيمين في دول الخليج هم من أصحاب رؤوس الأموال، لافتاً إلى أنهم قد يمارسون دوراً مهما في توفير احتياجات بلدهم أو البلدان الخليجية التي يقيمون بها في حال ازدادت تداعيات الحرب، موضحاً:
أي تدخل عسكري أمريكي يستهدف المنشآت النووية الإيرانية قد يخلّف تسرباًإشعاعياًفي مياه الخليج، ما يُنذر بكارثة بيئية قد تقضي على مظاهر الحياة في المنطقة.
دول الخليج تعتمد على تحلية مياه البحر لاستخدمه في الحياة اليومية، وأي تلوث إشعاعي ستكون له آثار جسيمة على الصحة العامة والبيئة.
استمرار الحرب يستنزف موارد دول المنطقة، ما يدفعها إلى تخزين السلع والمؤن، لكن كثيراًمنها لا يحتمل التخزين الطويل أو يتطلب طاقة مرتفعة.
ارتفاع أسعار الطاقة يرفع تكلفة التخزين والنقل، ما يؤدي إلى تضخم اقتصادي شامل.
التضخم يؤدي إلى تقليص التكاليف التشغيلية في الشركات الخليجية، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة البطالة وتقليص أعداد العمالة الأجنبية.
بذلك تكون العمالة الإيرانية في الخليج مهددة بفقدان وظائفها، خاصة في حال الركود الاقتصادي أو التوجه لتقليص العمالة غير الخليجية.
يؤكد الخبير الاقتصادي كذلك أن الجالية الإيرانية في الخليج تتمتع بخصوصية، مبيناً:
الإيرانيون المقيمون قد يؤدون دوراًمزدوجاً يتمثل في:
- دعم إيران بتأمين احتياجات يصعب وصولها مباشرة.
- دعم دول الخليج عبر تخزين السلع وتوفيرها خلال الأزمة.