اخبار الإمارات
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٩ تشرين الثاني ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
ما الذي تمثّله مذكرة التفاهم الجديدة بين الإمارات والولايات المتحدة؟
نقلة نوعية نحو تحالف صناعي متكامل يوظف الذكاء الاصطناعي والطاقة المتقدمة.
كيف تُترجم الاتفاقية عملياً في مسار التعاون بين البلدين؟
من خلال مشاريع مشتركة في التصنيع الذكي والطاقة المستدامة والتكنولوجيا العالية.
تتقدم الإمارات والولايات المتحدة خطوة إضافية في مسار بناء شراكة تكنولوجية غير مسبوقة، تجمع بين الذكاء الاصطناعي والطاقة المتقدمة لدفع عجلة التحول الصناعي العالمي.
ويعكس هذا التوجه رغبة البلدين في الانتقال من التعاون التقليدي في مجالات الطاقة إلى تأسيس تحالف استراتيجي قادر على قيادة الثورة الصناعية الجديدة وتعزيز منظومات الاقتصاد الرقمي.
تحالف صناعي متقدم
وفي خطوة تؤشر إلى تحول نوعي في التعاون الإماراتي الأمريكي، وقّعت وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في الإمارات والمجلس الوطني للطاقة في الولايات المتحدة مذكرة تفاهم جديدة لتسريع التعاون في مجالي الطاقة والذكاء الاصطناعي.
وجاءت مراسم التوقيع خلال لقاء رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في أبوظبي مع وزير الداخلية الأمريكي ورئيس مجلس الطاقة، دوغ بورغوم، الذي يزور الدولة للمشاركة في معرض النفط والغاز 'أديبك 2025'، المنعقد بين 3 و6 نوفمبر الجاري.
وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية (وام)، أن الاتفاق يهدف إلى تحقيق قفزة في العمليات الصناعية وتخطيط الإنتاج والخدمات اللوجستية، من خلال الاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي في رفع كفاءة الطاقة وإدارة الشبكات الذكية وتطوير أنظمة التخزين والصيانة التنبؤية.
كما يشمل التعاون مجالات الروبوتات وعلوم المواد والأتمتة، إلى جانب التعاون البحثي وتبادل المعرفة وبناء القدرات التقنية عبر برامج تدريب متخصصة.
وقال وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الدكتور سلطان الجابر إن هذا التعاون يأتي في إطار الرؤية المشتركة لبناء اقتصاد متطور قائم على المعرفة، مشيراً إلى أن الشراكة ستسهم في تطوير منظومات طاقة أكثر ذكاءً ومرونة لتلبية المتطلبات المتزايدة لعصر الذكاء الاصطناعي، ودعم مبادرة 'اصنع في الإمارات'.
وأكد أن الاتفاق يهدف إلى تعزيز سلاسل التوريد والتصنيع عالي التقنية وبناء بنية تحتية تنافسية قادرة على مواكبة المستقبل.
من جانبه، أوضح دوغ بورغوم أن الولايات المتحدة، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، تعمل على تحديث البنية التحتية لقطاع الطاقة عبر الذكاء الاصطناعي لزيادة الإنتاج وتلبية الطلب العالمي، مشيراً إلى أن التعاون مع الإمارات يجسد التزام البلدين بتعزيز الابتكار التكنولوجي وحماية الأمن الاقتصادي للأجيال المقبلة.
وبحسب نص المذكرة، يركز التعاون على تعزيز قدرات الصناعة المتقدمة والتصنيع الذكي، وتحسين مرونة منظومة الطاقة العالمية، بما يدعم بناء اقتصاد مستدام وتحول صناعي متكامل، انسجاماً مع مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في الإمارات.
مركز بيانات مشترك
وتزامناً مع الاتفاق الصناعي، انطلقت في أبوظبي أعمال بناء أول مركز بيانات لتحالف 'ستارغيت' للذكاء الاصطناعي خارج الولايات المتحدة، في خطوة تعزز موقع العاصمة الإماراتية كمحور عالمي للبنية التحتية الرقمية.
ويشارك في المشروع تحالف يضم الشركة الإماراتية ''G42، وشركات أمريكية رائدة مثل 'OpenAI' وOracle' ' وNvidia' ' و'Cisco'، إلى جانب البنك الاستثماري الياباني 'سوفت بنك غروب'.
كما يأتي هذا التطور بعد إعلان مشترك خلال زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للإمارات في مايو 2025، عن خطة لإنشاء تجمع لمعالجة بيانات الذكاء الاصطناعي بقدرة 5 غيغاواط في أبوظبي، ما يعكس اتساع نطاق التعاون بين البلدين في قطاع التقنية الفائقة والطاقة الذكية.
ويمثل هذا المشروع مرحلة جديدة في الشراكة الإماراتية–الأمريكية، إذ يحوّل التعاون من مستوى الاتفاقات إلى التنفيذ العملي، ويضع أسساً لمنظومة بيانات ضخمة تخدم تطوير الحلول الصناعية الذكية وتدعم اقتصاد الذكاء الاصطناعي في المنطقة والعالم.
كما يعزز مكانة الإمارات كمركز عالمي للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، وفق رؤية استراتيجية تستهدف تنويع الاقتصاد الوطني وتوطين التقنيات المتقدمة.
تحول صناعي
ويؤكد الخبير الاقتصادي أحمد عقل أن الاتفاقية الإماراتية - الأمريكية مهمة وأساسية في ظل نمو الذكاء الاصطناعي السريع، مشيراً إلى أن الاتفاق يهدف لتوسيع التعاون في مجالات الطاقة والذكاء الاصطناعي، لدعم التنافسية.
ويوضح في حديثه مع 'الخليج أونلاين' أن 'استغلال الطاقة لإنشاء مراكز لتطوير الذكاء الاصطناعي يعد مصدراً مهماً لتنويع الدخل في أبوظبي'.
كما يشير عقل إلى أن 'هذا التعاون سيؤدي إلى قفزة نوعية في مجال الخدمات والعمل، خاصة في البحث العلمي والروبوتات، إذ أن المجموعة التي ستنشأ ستكون مجمعاً ضخماً بقدرات عالية في استخدامات الذكاء الاصطناعي'.
ويضيف أيضاً أن 'تنويع مصادر الدخل هو هدف استراتيجي مشترك، وأن الاقتصاد المعرفي والذكاء الاصطناعي هما أهم مصادر الدخل القادمة'.
كما يؤكد عقل أن 'هذا يساعد في التحول الصناعي المتقدم الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي، لتقليص التكاليف وزيادة الدقة'.
ويوضح في هذا السياق أن 'للمشروع انعكاسات اقتصادية مهمة، حيث سيزيد من الناتج المحلي الإجمالي ويخلق وظائف جديدة ويعزز الاقتصاد المعرفي'.
ويتوقع عقل أن 'نجاح هذا المشروع سيشجع شركات كبرى على الانتقال إلى المنطقة، مما يجعل أبوظبي مقصداً لشركات خدمات الذكاء الاصطناعي'.
رؤية مشتركة
وتؤكد أبوظبي عبر استضافتها لمعرض ومؤتمر 'أديبك 2025' موقعها كمركز عالمي لقيادة الحوار حول مستقبل الطاقة والذكاء الاصطناعي، في وقت تتسارع فيه الدول لتأمين احتياجاتها من الكهرباء اللازمة لتشغيل التقنيات المتقدمة.
وقال الشيخ منصور بن زايد آل نهيان إن 'المعرض يعكس مكانة الإمارات في صياغة توجهات الطاقة العالمية' مشيراً إلى أن 'رؤية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان تقوم على تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة من خلال الاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة والطاقة النظيفة والابتكار'.
كما أوضح أن 'الإمارات ماضية بثقة في دعم التحول المتوازن لقطاع الطاقة، عبر شراكات دولية تسهم في توسيع آفاق النمو والبحث والتطوير'.
وفي الاتجاه ذاته، وصف وزير الداخلية الأمريكي ورئيس المجلس الوطني للطاقة، دوغ بورغوم، المشهد الدولي بأنه يشهد اليوم 'سباق تسلح في مجال الطاقة'.
وأكد في تصريحات أدلى بها لشبكة 'سكاي نيوز عربية'، في 3 نوفمبر 2025، أن 'توليد الكهرباء أصبح بوابة إنتاج الذكاء، وأن الكيلوواط يمكن أن يتحول مباشرة إلى ذكاء'، في إشارة إلى التحول التكنولوجي الذي يربط الطاقة بالثورة الصناعية القادمة.
وأضاف بورغوم، أن 'الذكاء الاصطناعي أصبح عاملاً حاسماً في تشكيل تدفقات رأس المال ونمو الناتج المحلي للدول' موضحاً أن 'التعاون بين الولايات المتحدة والإمارات يمثل تحالفاً تكاملياً قادراً على تعزيز الابتكار وحماية المصالح الاقتصادية طويلة الأمد'.
كما لفت إلى أن 'الإمارات تتصدر الدول في نسبة استخدام الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في قطاع الطاقة، وتُعد من أبرز المستثمرين في الجيل القادم من التقنيات، ما يجعلها شريكاً محورياً في قيادة الثورة الصناعية المقبلة'.


































