اخبار الإمارات
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١٠ تشرين الأول ٢٠٢٥
كامل جميل - الخليج أونلاين
من أبرز المشاريع الداعمة للترجمة في الخليج:
'ملتقى الترجمة الدولي' تحتضنه السعودية سنوياً.
جائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة.
جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي.
تستعد سلطنة عُمان في ديسمبر 2025 لاحتضان المؤتمر الثامن للجمعية الدولية لدراسات الترجمة والدراسات الثقافية.
لم يعد حضور الترجمة في دول الخليج العربي مجرد نشاط ثقافي عابر، بل غدا مشروعاً استراتيجياً يعكس طموح المنطقة في أن تكون جسراً نابضاً بين ثقافات العالم.
ففي زمن يشهد تسارع المعرفة وتضاعف الحاجة إلى الحوار العابر للحدود، أدركت العواصم الخليجية أن الترجمة هي المفتاح لفتح أبواب الحضارات، والوسيلة الأعمق لترسيخ حضورها على خريطة الفكر العالمي.
وتكشف الجوائز الكبرى والملتقيات الدولية التي تحتضنها المنطقة عن هذا الاهتمام المتنامي، حيث تسعى المؤسسات الخليجية إلى تحويل الترجمة من مجرد أداة للنقل اللغوي إلى منصة للتفاهم والتواصل الحضاري.
بذلك ترسم دول الخليج ملامح دورها الجديد، ليس متلقياً فحسب، بل منتجاً للمعرفة ومصدّراً لها، بما يعكس طموحها في أن تكون شريكاً فاعلاً في صياغة المستقبل الثقافي والإنساني.
في السعودية تتصدر هيئة الأدب والنشر والترجمة المشهد بتنظيمها ملتقى الترجمة الدولي، الذي يعقد سنوياً وجمع خبراء ومتخصصين من مختلف أنحاء العالم لمناقشة التحديات والفرص في هذا المجال.
يضاف إلى ذلك تواصل جائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة، التي تأسست عام 2006، دورها المحوري باعتبارها من أكبر الجوائز العالمية في هذا القطاع، حيث تُمنح سنوياً للأعمال المتميزة المنقولة من اللغة العربية وإليها.
قطر بدورها وضعت بصمتها الواضحة عبر جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، التي انطلقت عام 2015 في الدوحة بالتعاون مع منتدى العلاقات العربية والدولية.
هذه الجائزة، بمجلس أمنائها المستقل ولجان تحكيمها المحايدة، أصبحت من أبرز الفعاليات العالمية في الترجمة، إذ تبلغ قيمة جوائزها نحو مليوني دولار سنوياً، ما يعكس استثماراً سخياً في تعزيز الحوار بين الثقافات.
أما أحدث الفعاليات اللافتة في هذا المجال فتستعد سلطنة عُمان لاحتضانها مع استضافة جامعة السلطان قابوس، في ديسمبر 2025، المؤتمر الثامن للجمعية الدولية لدراسات الترجمة والدراسات الثقافية، تحت شعار 'الترجمة المستدامة في عصر استخلاص المعرفة وتوليدها وإعادة إنتاجها'.
وتُعد هذه المرة الأولى التي يقام فيها المؤتمر في الشرق الأوسط، ما يمنح عُمان دوراً ريادياً في إبراز مكانتها كمنصة بحثية وثقافية عالمية.
يجمع هذه المبادرات، على تنوعها، خيط واحد هو الإيمان العميق بأهمية الترجمة كأداة للتواصل الحضاري والمعرفي.
ومع تصاعد الاهتمام الرسمي والمؤسسي، تبدو دول الخليج في طريقها لترسيخ موقعها ليس فقط مستورداً للمعرفة، بل منتج وشريك في صياغة المشهد الثقافي العالمي.
تؤكد جميع الخطوات التي تنتهجها دول الخليج في مجال الترجمة، أنها تتجه لتعزيز هذا القطاع بوصفه ركيزة للتنمية الثقافية والاقتصادية، معتبرة إياها جسراً يربط المنطقة بالعالم ويمنحها حضوراً أوسع في فضاء المعرفة.
ومع الطفرة في قطاعات السياحة والترفيه والرياضة، وتنامي الطموحات الثقافية، تتبلور رؤية خليجية ترى في الترجمة أداة للقوة الناعمة والتواصل الحضاري.
في السعودية، حيث يشهد قطاع الترجمة تزايداً في الطلب مدفوعاً بانفتاح اقتصادي وثقافي غير مسبوق، برزت مؤشرات على نمو مطّرد.
وقال رئيس مجلس إدارة جمعية الترجمة السعودية لصحيفة الاقتصادية إن القطاع سجل نمواً بنسبة 30% خلال السنوات الخمس الماضية.
وأضاف أن 'المشاريع الحيوية في المملكة، خصوصاً في السياحة والرياضة والترفيه، أنعشت حركة الترجمة بشكل ملحوظ، في إطار جهود تهدف إلى جعل السعودية مركزاً عالمياً للتواصل والترجمة'.
في مقال بصحيفة 'عكاظ ' حمل عنوان ' الترجمة.. ذلك الجسر العابر للحدود بين السعودية وكوريا' تطرق الكاتب سلطان السعد القحطاني إلى حفل جائزة الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة الذي أقيم في جامعة هانكوك بكوريا الجنوبية.
يقول القحطاني: إن 'الرؤية السعودية 2030 تقدّم نموذجاً واضحاً لانفتاح المملكة على التجارب العالمية، والاستفادة من قصص النجاح في الدول الصديقة'.
ويرى القحطاني أن الترجمة 'أكثر من مجرد وسيط لغوي'، وهي 'أداة لعرض التجربة السعودية للعالم'، مبيناً أنه من دون الترجمة 'لا يمكن تبادل الخبرات بفاعلية، ولا نقل قصص النجاح بما يلهم الأجيال الجديدة'.
حركة الترجمة في دول الخليج ارتبطت برؤية الحكومات في تعزيز قوتها الناعمة والانفتاح على الثقافات العالمية.
وهذا ما أكدته الشيخة الدكتورة شما بنت محمد بن خالد آل نهيان، رئيسة مجلس إدارة مؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافية والتعليمية، موضحة لصحيفة 'الاتحاد' أن الترجمة 'رافد أساسي للحركة الثقافية والفكرية'.
وترى أن دور الترجمة يتجاوز نقل الكلمات إلى 'بناء جسور حضارية بين الشعوب'، مؤكدة أن ترجمة الأدب الإماراتي إلى لغات عدة تمثل جزءاً من استراتيجية ثقافية شاملة تقوم على الانفتاح وبناء مؤسسات قادرة على تعزيز التبادل المعرفي، على حدّ قولها.
في البحرين، حيث تتطلع المؤسسات الثقافية إلى مد الجسور مع العالم عبر الأدب والفكر، برزت دعوات إلى إحياء حركة الترجمة بشكل أوسع.
ووفق الكاتبة والناشطة الثقافية هالة الأنصاري في حديث لصحيفة 'أخبار الخليج' فإن الترجمة 'شريان يربط البحرين بالعالم'.
أكدت الأنصاري أن البحرين مؤهلة لتكون مركزاً متخصصاً للترجمة يخدم الخليج والعالم العربي، موضحة أن 'الترجمة يجب أن تكون فرعاً أصيلاً من العمل الثقافي لأنها تساعد الأدب والفكر الخليجيين على الوصول إلى الخارج'.