اخبار الإمارات
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٢٢ تشرين الثاني ٢٠٢٥
كمال صالح - الخليج أونلاين
شرائح 'بلاكويل' من طراز GB200 / GB300 / B200 / B300، تعد من أحدث وحدات تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي في العالم
محطة جديدة في طريق التعاون الأمريكي الخليجي جرى تدشينها بإعلان وزارة التجارة الأمريكية مؤخراً الموافقة على تصدير قرابة 70 ألف شريحة 'بلاكويل' فائقة الدقة والذكاء إلى السعودية والإمارات.
هذه الخطوة تُعد تحولاً استراتيجياً في توجّه واشنطن بشأن تصدير أشباه الموصلات المتقدمة، وتعكس رغبة في دعم الطموحات الخليجية في مجال الذكاء الاصطناعي ضمن شراكة أمنية وتقنية أوسع.
كما أن هذه الصفقة من شأنها أن تدعم توجهات السعودية والإمارات في هذا المجال، الذي يتوقع أن يكون عصب الاقتصاد والأمن خلال العقود القادمة.
صفقة استثنائية
وكانتوزارة التجارة الأمريكية وافقت (20 نوفمبر) استثنائياً على السماح بتصدير 70 ألف شريحة 'بلاكويل' من شركة 'إنفيديا' للمعالجات إلى شركتي 'هيوماين' السعودية وG42 الإماراتية بالمناصفة لكل منهما.
وجاءت الموافقة الأمريكية على الرغم من أنه سبق أن أعلن الرئيس دونالد ترامب، مطلع الشهر الجاري، أن هذه الشرائح لن تُباع لأي جهة خارجية، ما يعكس تحولاً في موقفه بعد زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود إلى واشنطن.
كما تمثل هذه الشرائح 'صفقة استثنائية' للسعودية والإمارات، حيث تمهدلهما إنشاء مراكز بيانات عالية الأداء قادرة على تشغيل التطبيقات المتقدمة للذكاء الاصطناعي التوليدي والتعلم العميق بمعايير عالمية.
ووفقاً لموقع 'AJOT' الأمريكي المتخصص في شؤون التجارة والنقل واللوجستيات، فإن 'هذه الخطوة لا تعزز قدرات السعودية والإمارات فحسب، بل تسهم أيضاً في استمرار هيمنة الولايات المتحدة على قطاع الذكاء الاصطناعي وترسيخ ريادتها التكنولوجية عالمياً'.
وجاءت الموافقة الأمريكية في إطار اتفاقات ثنائية مع كل من السعودية والإمارات في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تشترط الحكومة الأمريكية التزام الشركات المتلقية للشرائح بإجراءات أمنية وإبلاغية مشددة، يجري حالياً بحث تفاصيلها تحت مراقبة مستمرة.
كما أشارت وزارة التجارة الأمريكية إلى أن واشنطن ستواصل دعم تصدير تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة إلى السعودية والإمارات، إضافة إلى الحلفاء والشركاء حول العالم'، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة وافقت سابقاً على تزويد كوريا الجنوبية بنحو 260 ألف شريحة 'بلاكويل' عالية الأداء.
وتأتي هذه التطورات في إطار استثمارات ضخمة تشهدها العلاقات الاقتصادية والتكنولوجية، حيث أعلنت الإمارات سابقاً عزمها استثمار 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة خلال العقد القادم، فيما أسفرت زيارة ولي العهد السعودي إلى واشنطن عن توقيع صفقات تكنولوجية كبرى تشمل الذكاء الاصطناعي والطاقة.
مميزات 'بلاكويل'
وتعد شرائح 'بلاكويل' من إنفيديا تُعد من أحدث الشرائح المخصصة لمراكز البيانات، ووفق البيانات المنشورة حول الصفقة، فهي تشمل شرائح GB300 / B300 الأكثر تطوراً، ما يمنح أداءً كبيراً لتدريب وتشغيل نماذج ضخمة جداً.
وتتميز هذه الشرائح بـ:
وتشير المعلومات إلى أن عدد الطلبات على شرائها يصل إلى قرابة 3.6 ملايين وحدة، لأربعة من أكبر موفري الحوسبة السحابية خلال مارس، وفق وكالة 'بلومبيرغ' الأمريكية.
واستناداً إلى بيانات وزارة التجارة الأمريكية، فإن 35 ألف شريحة من طراز 'بلاكويل' تبلغ قيمتها نحو مليار دولار تقريباً، مع تباين في السعر حسب الكميات والاتفاقات.
وفي مارس 2024، قال الرئيس التنفيذي لشركة 'إنفيديا' جينسن هوانج إن 'قيمة الشريحة الواحدة تتراوح بين 30 و40 ألف دولار' ما يعني أن صفقة 35 ألف وحدة تقدر مبدئياً بنحو 1.05 إلى 1.4 مليار دولار لكل من السعودية والإمارات، وبسعر إجمالي يصل إلى نحو 2.1 إلى 2.8 مليار دولار.
قدرة تنافسية
امتلاك الرياض وأبوظبي لهذه الشرائح يمنحهما قدرة تنافسية كبيرة، فـ'هيوماين' المدعومة من صندوق الاستثمارات العامة السعودي، تستطيع تعزيز بنيتها التحتية الرقمية، وتسريع تنفيذ مشروع مركز بيانات بسعة ضخمة وربط الذكاء الاصطناعي بحجم استهلاك محلي.
ووفق تقرير لموقع 'The National News' الإماراتي، فإن موافقة 'إنفيديا' على بيع شرائح عالية التقنية لشركة 'هيوماين' جزء من خطة لشراء 600 ألف شريحة ذكاء اصطناعي لاستخدامها في مراكز بيانات جديدة في السعودية والولايات المتحدة.
أما شركة 'G42' الإماراتية فتطمح لإطلاققاعدة متينة للذكاء الاصطناعي القابل للتوسع والموثوق به 'Stargate'، الذي سيسرع من وتيرة الاكتشافات العلمية ويدفع عجلة الابتكار،ومرحلة أولى من مشروع 'UAE–US AI Campus' بالتعاون مع شركات أمريكية عملاقة مثل 'إنفيديا' و'أوبن أي آي' و'سيسكو' و'أوراكل'.
كما يمكن القول إن امتلاك هذه القدرات الحوسبية يمنح السعودية والإمارات زخماً كبيراً، ليس فقط لتطوير قدراتهما المحلية، بل أيضاً لتصدير خدمات الذكاء الاصطناعي أو استضافة مشاريع دولية.
وتعليقاً على ذلك قال الباحث في مجال الذكاء الصناعي بالمعهد الملكي السويدي للعلوم باستوكهولم سامر المبيض: إن 'وحدات الجيل الجديد من شرائح (إنفيديا) التي رخص تصديرها للسعودية والإمارات، تُعد حالياً من أقوى منصات تدريب النماذج الضخمة في العالم'.
وأشار المبيض، في تصريح لـ'الخليج أونلاين'، إلى أن الوحدات التي ستصدر لـ'هيوماين' السعودية، و'G42' الإماراتي، من طراز'بلاكويل'GB200 / GB300 / B200 / B300 تفوق معالجات H100/H200 المستخدمة في تدريب النماذج الرائدة عالمياً موضحاً الفوائد والقدرات التي توفرها وهي:
- قدرة تدريب محلية على مستوى عالمي، من خلال إمكانية تدريب نماذج بمئات مليارات المعاملات ضمن مراكز بيانات داخل السعودية والإمارات.
- تطوير نماذج عربية وخليجية متقدمة، من خلال بناء نماذج لغوية ومعرفية مدعومة ببيانات محلية وخليجية، مع التحكم الكامل بالبنية الحاسوبية.
- تسريع الابتكار في القطاعات الحيوية، مثل الصحة والطاقة والخدمات الحكومية والمدن الذكية والأمن السيبراني.
- جذب شركات وباحثين عالميين، إذ إن وجود هذه القدرة الحاسوبية يجعل المنطقة أكثر جاذبية لإنشاء مختبرات ومراكز أبحاث متقدمة.
شروط التصدير
ويشير الخبير التقني والباحث في الذكاء الاصطناعي إلى أنهمنذ عام 2022 شددت الولايات المتحدة القيود على تصدير المعالجات المتقدمة، بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي خاصة تجاه الصين.
كما أوضح أن 'هذه القيود شملت أي بيئة ترى واشنطن احتمالاً بأن تكون 'نقطة عبور' للتقنيات الحساسة، وهذا سبب التأخر في الموافقاتعلى تصدير هذا النوع من الشرائح خلال العامين الماضيين، حتى يجري التأكد من الامتثال للمعايير المطلوبة.
ويستعرض المبيض الشروط والضوابط الأمريكية لتصدير هذا النوع من الوحدات الدقيقة إلى الخارج بما في ذلك إلى السعودية والإمارات هي:
وبحسب المبيض تعكس الموافقة الأمريكية الأخيرة قناعة واشنطن بأن الإمارات والسعودية وضعتا أطراً تنظيمية وضوابط دقيقة تكفل حماية البيانات وسلاسل التوريد، وتمنع أي عمليات إعادة تصدير غير مصرح بها، وهذه الخطوة تمثل أعلى مستوى أعلى من الثقة.
كما أوضح أن 'قرار الولايات المتحدة يضع السعودية والإمارات ضمن دائرة محدودة جداً من الدول التي تمتلك حق الوصول إلى أحدث التقنيات الحاسوبية الأمريكية، كما يعكس رغبة واشنطن في تعميق تحالفها التكنولوجي مع الخليج، وتقليل اعتماد بعض الشركات الإقليمية على التقنيات الصينية في القطاعات الحساسة'.
ويختتم حديثه قائلاً: 'إتاحة هذه الشرائح المتطورة مع الالتزام الصارم بعدم تمريرها إلى الصين أو أي طرف ثالث، تمثل خطوة محورية نحو بناء بنية تحتية سيادية للذكاء الاصطناعي في المنطقة، وتعزز قدرة الخليج على تطوير نماذج وتقنيات متقدمة محلياً بدل الاعتماد على الخارج'.


































