اخبار الإمارات
موقع كل يوم -ار تي عربي
نشر بتاريخ: ١٨ أيار ٢٠٢٥
في الأسبوع الماضي، صنع فريدريش ميرز التاريخ لأسبابٍ خاطئة، أصبح أول مستشار ألماني منذ أكثر من 75 عاماً يخسر الجولة التمهيدية من تصويت البوندستاغ. جيلبيرتو موريشو – نيوزويك
لقد تأهل ميرز (بفارق ضئيل) في الجولة الثانية. لكن الهزيمة الأولية عكست أزمة متفاقمة تمتد إلى ما وراء ألمانيا لتشمل حكومات أوروبا؛ حيث تجتمع عوامل مثل تراجع التصنيع، وتراجع النمو، وغياب الحلول الليبرالية لدفع الناخبين الساخطين نحو شعبوية يمينية متطرفة بغيضة.
حان الوقت لاتخاذ إجراءات أكثر جرأة. إذ ينبغي على قادة أوروبا العمل على تجديد الاقتصاد الأوروبي واستقرار حكوماتهم، وبناء شراكات جديدة مع الدول التي تشاركهم رؤيتهم للمستقبل، حتى لو تطلب ذلك استبعاد الولايات المتحدة.
فقدت ألمانيا 120 ألف وظيفة في قطاع التصنيع في عام 2024 وحده، بينما انخفضت توقعات المملكة المتحدة للتصنيع بعد انكماشات اقتصادية فاقت التوقعات. لكن بينما تتعثر الليبرالية، لا تقدم الشعبوية سوى حلولٍ ضئيلة للمشاكل المالية التي تعاني منها أوروبا. ولن يتم إصلاح الاقتصادات الأوروبية بمهاجمة المهاجرين أو حظر أعلام الفخر، كما لن يُعيد إلقاء اللوم على الأقليات إلى الوراء سنوات من التراجع الصناعي.
وفي غضون ذلك، وجهت ولاية دونالد ترامب الثانية ضربة قاصمة لآفاق الاقتصاد الأوروبي المتدهورة أصلاً. وتنذر حالة عدم اليقين بشأن التعريفات الجمركية العالمية، والحرب التجارية المشتعلة مع الصين، والهجمات المتواصلة على الدول الأوروبية باعتبارها طفيليات تتغذى على الاقتصاد الأمريكي، بزوال التحالف عبر الأطلسي.
للأسف، وقعت المملكة المتحدة في قبضة ترامب، مفلسة من إبرام اتفاقية تجارية تنطوي على ثغرات أكثر من مزاياها. ويعيش رئيس الوزراء كير ستارمر في وهم قدرته على تعزيز العلاقات مع كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بينما تمزق الولايات المتحدة أسس الغرب.
أصبح خيار الاتحاد الأوروبي واضحاً الآن. فالرئيس ترامب يصب جام غضبه على أخطاء أوروبا وإهمالها لشراكات جديدة واعدة: حيث ينطلق النمو من الاقتصادات الناشئة بسرعة في الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا.
إلى حد ما، بدأت أوروبا بالفعل في تغيير مسارها. وتستكشف الحكومات والشركات الأوروبية أرضية مشتركة مع الجهات الفاعلة الأجنبية في قطاعات تتراوح من الطاقة وتكنولوجيا المناخ إلى الأمن والدفاع. فعلى سبيل المثال، أمضت شركة رولز رويس سنوات في بناء علاقات مع دول الخليج العربية، منجزة عقوداً دفاعية عالية القيمة. ومؤخراً، حصدت شركة الهندسة البريطانية العملاقة جوائز أكبر، حيث حصلت على استثمار بقيمة مليار جنيه إسترليني من قطر لتسريع تطوير تقنياتها الصديقة للبيئة.
وقد تأثرت ألمانيا أيضاً بصفقة الاستحواذ، حيث استحوذت شركة بترول أبو ظبي الوطنية (أدنوك) مؤخراً على شركة كوفسترو الكيميائية المرموقة التابعة لها مقابل ما يقرب من 15 مليار يورو.
وقد واجهت كوفسترو، المتخصصة في تطوير تقنيات إعادة التدوير، صعوبات في السابق في الحفاظ على استقرارها مع تفاقم تدهور الاقتصاد الألماني. وقبل إبرام الصفقة مع أدنوك، سجلت الشركة خسائر صافية بلغت حوالي 72 مليون يورو في النصف الأول من العام. أما الآن، ومع ضخ سيولة إضافية وضمان الدعم المالي الخليجي، فقد عززت الشركة استثماراتها في المواد والتقنيات المستدامة. وبدلاً من فقدان الوظائف، تبدو كوفسترو مستعدة لمرحلة جديدة من النمو الواعد.
لقد حان الوقت الآن لأوروبا لتعزيز هذه الشراكات، وبناء صداقات جديدة، وتوسيع نطاق علاقاتها، كل ذلك في مستعمراتها السابقة. وبما أن أمريكا في عهد ترامب لم تعد تتقاسم رؤية الأوروبيين للعالم يمكن للاتحاد الأوروبي أن يستفيد من أسرع مناطق العالم نمواً، لاسيما في مجال الطاقة والبيئة أو الأمن والدفاع.
إذا أراد ترامب عزل أمريكا، فربما علينا أن ندعه يفعل ما يريد. وإذا وقفنا متحدين فسنكون أقوى وأكثر قدرة بدونه. وبالشراكة مع دول في الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا وغيرها، يمكن لأوروبا أن تفتح أسواقاً مزدهرة، ونمواً مستداماً ومزدهراً.
وفي هذه الأثناء، سيُترك ترامب في حيرة من أمره إزاء ارتفاع أسعار البيض، متسائلاً كيف سارت الأمور على هذا النحو الخاطئ.
المصدر: نيوزويك
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب