«موانئ دبي العالمية» تسهم بربط المجتمعات في أرياف رواندا

حتى وقت قريب كانت (أكاليزا)، وهي تلميذة في الـ10 من عمرها، من كابيزا، القرية الرواندية النائية الواقعة قرب العاصمة كيغالي، تُضطر إلى عبور وادي نهر غاوج الخطير يومياً للوصول إلى مدرستها.

وخلال موسم الأمطار غالباً ما يفيض النهر، ما يجعل العبور محفوفاً بالمخاطر ويعزل مجتمعات بأكملها عن المدارس والأسواق وخدمات الرعاية الصحية.

وفي السنوات الثلاث الماضية وحدها، أُصيب أكثر من ثمانية أشخاص أثناء محاولتهم عبور النهر.

لكن كل ذلك تغير عندما تعاون متطوعون من مجموعة موانئ دبي العالمية مع أفراد المجتمع المحلي والجهات الحكومية ومبادرة «جسور نحو الرخاء» (B2P)، وهي منظمة غير ربحية، لبناء جسر جديد بطول 50 متراً.

ويمتد الجسر فوق أرض وممرات مائية غير مستقرة كانت تفصل بين أربعة مجتمعات ريفية، ويوفر حالياً وصولاً آمناً على مدار العام لأكثر من 4600 شخص، من بينهم 1721 طفلاً، في ظروف الطقس المختلفة.

وأكد السكان المحليون أن الجسر حسّن بالفعل من نسب الالتحاق بالمدارس وإمكانية الحصول على الخدمات الصحية.

وقال موجيشا، البالغ من العمر 34 عاماً، أحد القاطنين في المنطقة: «كنا نقلق بشأن أطفالنا عند إرسالهم إلى المدرسة، والآن مع إنشاء هذا الجسر، نشعر بالأمان، إنه مصدر ارتياح كبير ونعمة حقيقية لمجتمعنا. ونحن في غاية الامتنان لكل من ساهم في تحويل هذه المبادرة إلى حقيقة واقعة».

من جهته، قال رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة موانئ دبي العالمية «دي بي ورلد»، سلطان أحمد بن سليّم: «لا يمثل هذا الجسر مجرد هيكل، بل هو شريان حياة، يذكرنا فعلاً بالأثر الإنساني الحقيقي الذي يمكن أن يُحدثه عملنا، أنا فخور للغاية بجهود فريقنا وتجسيده لقيم ومبادئ مجموعة موانئ دبي العالمية ولإحداث أثر مستدام تستفيد منه هذه المنطقة».

تُعرف وتشتهر «دي بي ورلد» بمشاريع البنية التحتية الضخمة، مثل الموانئ الضخمة المزودة برافعات عملاقة، قادرة على مناولة الحاويات من أكبر السفن في العالم، وشبكات الطرق والسكك الحديدية التي تنقل البضائع بسرعة ولمسافات بعيدة.

لكن هذه البنية التحتية من نوع مختلف، فهي مصممة لنقل الناس من نقطة إلى أخرى، وليس البضائع، وصُممت هذه البنية التحتية لتسهل وصول أكاليزا إلى مدرستها.

وبينما يتحدث خبراء اللوجستيات غالباً عن «التوصيل في الميل الأخير» أو (أنشطة نقل المنتجات من مصنع أو من مستودع بائع التجزئة إلى مركز التجميع) كأحد أصعب التحديات في سلاسل التوريد، فإن هذا الجسر يتعامل مع أمر لا يقل أهمية: «الوصول في الميل الأول»، أي بالمصطلح اللوجستي: (أنشطة النقل إلى مستودعات المتعاملين أو الشحن إلى الأسواق المجاورة)، لكن هنا لا يُقاس أثره بالأطنان أو الحاويات، بل بالتغييرات الإيجابية في حياة الناس.

تدعم مجموعة موانئ دبي العالمية مبادرة «جسور نحو الرخاء» منذ عام 2022 كمزود كبلات، حيث تبرعت بالكبلات الأساسية للجسر من مينائها الرئيس في جبل علي.

والآن تتبنى «دي بي ورلد» نهجاً أكثر عملية، حيث أسهم موظفوها في أعمال الموقع لإتمام عملية البناء.

وعمل تسعة متطوعين من مهندسين إلى متخصصين في الخدمات اللوجستية مع السكان المحليين لمدة أسبوعين في إطار التزام ببناء الجسور لتحسين الحياة في المنطقة.

وقال الرئيس التنفيذي للتخطيط والمشاريع في مجموعة موانئ دبي العالمية «دي بي ورلد»، خوان كارلوس: «كانت مشاهدة الأطفال يعبرون بأمان يوم افتتاح الجسر تجربة لا تُنسى. كثيراً ما نتحدث عن الاستدامة، لكن هنا بنيناها بأيدينا.. هكذا تبدو البنية التحتية عندما نقدمها لخدمة الناس».

تنمية مستدامة

تُعد مبادرة «جسور نحو الرخاء» جزءاً من التزام مجموعة موانئ دبي العالمية الأوسع بالتنمية المستدامة، حيث تُشغّل مجموعة الخدمات اللوجستية العالمية منصة كيغالي اللوجستية في ماساكا، وهي مركز تجاري حيوي يربط رواندا غير الساحلية بميناء رئيس في شرق إفريقيا. وتتعامل المنصة مع ما يصل إلى 50 ألف حاوية نمطية قياس 20 قدماً و640 ألف طن من البضائع سنوياً، وقد وفّرت أكثر من 700 فرصة عمل للسكان المحليين، ويُعدّ هذا الجسر جزءاً من برنامج وطني أطلقته مبادرة «جسور نحو الرخاء» عام 2019 بالتعاون مع الحكومة، بهدف مشترك يتمثل في ربط مجتمعات يعيش فيها أكثر من مليون رواندي عبر أكثر من 300 جسر بحلول عام 2027.