اخبار الإمارات
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١٣ أيار ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
من أبرز ملامح التعاون الاقتصادي بين الإمارات وكردستانالاستثمار في الطاقة، وزيادة التبادل التجاري
تعكس العلاقة بين دولة الإمارات وإقليم كردستان العراق نموذجاً متقدماً من التعاون الإقليمي القائم على الشراكة المتعددة الأبعاد، والتي تشمل مجالات التعليم، والاقتصاد، والطاقة، والتحديث الحكومي، مدفوعة بإرادة سياسية مشتركة لتعزيز التنمية المستدامة وفتح آفاق جديدة للمستقبل.
زيارات ولقاءات
وعلى الصعيد الدبلوماسي شهدت العلاقات السياسية بين الإمارات وإقليم كردستان تطوراً ملحوظاً، تجلى ذلك من خلال زيارات رسمية متبادلة، ولقاءات على أعلى المستويات أكدت عمق الشراكة والرغبة المتبادلة في تعزيز التعاون.
وفي إطار ذلك أجرى رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، في 7 أبريل الماضي، زيارة رسمية إلى أبوظبي، التقى خلالها رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وتناول اللقاء سبل توسيع التعاون في مجالات الاستثمار، والتنمية، والمساعدات الإنسانية. وأكد الطرفان أهمية تطوير العلاقات الثنائية بما يخدم الشعبين.
ويعد لقاء بارزاني مع الرئيس الإماراتي الثاني هذا العام، حيث التقى الزعيمان في 19 يناير الماضي، بقصر الشاطئ في العاصمة الإماراتية أبوظبي، وفق وكالة الأنباء الإماراتية 'وام'.
وكشفت 'وام' أن مباحثات الجانبين تناولت جوانب العلاقات الثنائية، وسبل توسيع آفاق التعاون بما يعود بالخير على الشعبين، ويسهم في تحقيق تطلعاتهما نحو التنمية والازدهار.
كما تبادل الجانبان وجهات النظر بشأن عدد من القضايا والموضوعات محل الاهتمام المشترك بين الإمارات والعراق وحكومة إقليم كردستان.
وفي 4 ديسمبر 2024، استقبل رئيس وزراء الإقليم مسرور بارزاني، في عاصمة كردستان العراق أربيل، السفير الإماراتي لدى العراق عبد الله مطر المزروعي، حيث نقل السفير تحيات القيادة الإماراتية، وأكد التزام بلاده بتعزيز العلاقات مع كردستان على المستوى السياسي والاقتصادي والإنساني، في إشارة إلى رغبة واضحة من الإمارات بتوسيع نفوذها الإيجابي في الإقليم.
تعاون اقتصادي واستثماري
وسجل المجال الاستثماري والاقتصادي تناميا ملحوظاً خلال السنوات القليلة الماضية، بما يعكس حرص الطرفين على بناء شراكة استراتيجية متعددة الأبعاد.
ويمثّل حضور الوفود الكردية إلى الفعاليات الاقتصادية في الإمارات أحد أبرز مؤشرات هذا التقارب، حيث شارك وفد اقتصادي رفيع من إقليم كردستان في 'مؤتمر الاستثمار السنوي' الذي عُقد في أبوظبي، بمشاركة مسؤولين من أكثر من 180 دولة.
وأوضح رئيس هيئة الاستثمار في حكومة الإقليم محمد شكري، خلال تصريح لصحيفة ذا ريجن الأمريكية، في 8 أبريل الماضي، أن الهدف من المشاركة هو استعراض فرص الاستثمار الواسعة في كردستان، وتعزيز العلاقات مع المستثمرين الدوليين. وقد شهد المؤتمر إقامة جناح خاص للإقليم، عُرضت فيه مشاريع واعدة في قطاعات متنوعة.
من جهته أكد الرئيس نيجيرفان بارزاني خلال المؤتمر أن الإنجازات التي تحققت في كردستان ما كانت لتتحقق لولا دعم القطاع الخاص، مشدداً على ضرورة جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية.
وعلى هامش المؤتمر قال بارزاني في تصريحات إعلامية: إن 'الإمارات تسعى بجدية لتعيين مبعوث خاص للاستثمار في كردستان'، معتبراً هذه الخطوة إشارة قوية لرغبة أبوظبي في التوسع الاستثماري داخل الإقليم، بل وعبره في سائر أنحاء العراق.
وتُعدّ شركة 'دانة غاز' الإماراتية نموذجاً رئيسياً للدور الاستثماري النشط لأبوظبي في قطاع الطاقة بكردستان، فمنذ عام 2007، تسهم الشركة، إلى جانب 'نفط الهلال'، في تطوير حقول الغاز الرئيسية، ولا سيما حقل 'خور مور' في محافظة السليمانية.
وأعلنت الشركة، في 3 أبريل الماضي، أنها ستُكمل قريباً مشروع توسعة ضخم للحقل (KM250) قبل الموعد المقرر، ويتوقع أن يُضيف المشروع 250 مليون قدم مكعب قياسي يومياً إلى الطاقة الإنتاجية، مما سيرفع إسهام الحقل في توليد الكهرباء إلى نحو 75% من مجمل احتياجات إقليم كردستان.
وتُظهر الإحصاءات أن حجم التبادل التجاري بين كردستان والإمارات تجاوز ملياري دولار، وتُسهم أكثر من 200 شركة إماراتية في مشاريع داخل الإقليم.
كما تشمل العلاقات الثنائية اتفاقيات حديثة في التكنولوجيا والطاقة المتجددة، وكان أبرزها توقيع رئيس وزراء الإقليم، مسرور بارزاني اتفاقية تعاون تقني في دبي، في فبراير الماضي، ما يمهّد لمزيد من التفاهمات في قطاعات مثل الكهرباء والطاقة الشمسية، وفقاً لتصريح القنصل الإماراتي أحمد الظاهري لشبكة رووداو.
علاقات متينة
ويؤكد القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني محمود خوشناو، أهمية التجربة الإماراتية كمركز تجاري ومالي ناجح، مشيراً إلى قدرتها على استقطاب الاستثمارات وتطوير القطاع المصرفي.
ويبين خوشناو لـ'الخليج أونلاين' أن هذا النجاح يمثل نموذجاً يمكن لإقليم كردستان الاستفادة منه في التجدد الاقتصادي والمصرفي.
ويشير إلى أن هدف تعزيز العلاقات هو الاستفادة من الخبرات الإماراتية في مجالات الاستثمار والمصارف، وجذب رؤوس الأموال والشركات الإماراتية للاستثمار في إقليم كردستان، الذي يتمتع بأرضية إيجابية ومناخ جيد للاستثمار واستتباب الأمن وحماية أصول المستثمرين.
ويضيف أن هناك اهتماماً كبيراً من حكومة وشعب الإقليم بتوطيد العلاقات مع الإمارات، مشيراً إلى أن إرسال مبعوث استثماري خاص سيكون خطوة إيجابية يجب أن يقابلها الإقليم بتشجيع الشركات الاستثمارية وتعزيز العلاقات بين غرف التجارة بدعم رسمي من الطرفين.
وفيما يتعلق بالتعليم الرقمي، يؤكد خوشناو أهمية مواكبة الإقليم للمتغيرات العالمية في هذا المجال، مشيراً إلى أن الإقليم يستعد لتبني التكنولوجيا في التعليم لتسريع وسائل التعلم واختصار الوقت أمام المتعلمين.
ويستبعد خوشناو وجود تحديات كبيرة تواجه الاستثمارات الإماراتية في الإقليم، باستثناء بعض الجوانب المتعلقة بالقطاع المصرفي التي قد تحتاج إلى إصلاحات وتفاهم مشترك، معرباً عن تفاؤله بتجاوز هذه العقبات في ظل الشراكة القوية بين الإمارات والعراق وإقليم كردستان في مختلف المجالات.
ويختتم خوشناو بتأكيد أهمية تعزيز العلاقة بين الإقليم ودول الخليج وتحويلها إلى تعاون ثنائي مستمر، مشيراً إلى أن الأبواب مفتوحة بالفعل، وأن هناك تفاهماً وتقارباً بين الطرفين.
شراكة معرفية
امتدّ التعاون بين إقليم كردستان العراق الإمارات إلى قطاع التعليم والتبادل المعرفي، مع إطلاق مشاريع تعليمية رقمية شاملة تهدف إلى بناء جيل متمكن من أدوات المستقبل.
وقد أعلنت مبادرة المدرسة الرقمية، إحدى مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، في 6 مايو الجاري، تدشين شراكات استراتيجية مع حكومة الإقليم لدعم التحول الرقمي في التعليم.
جاء الإعلان خلال زيارة رسمية لفريق المبادرة إلى كردستان، أُطلقت خلالها مدارس رقمية جديدة، واحتُفل بتخريج 2400 معلم رقمي، إلى جانب إعلان برنامج لتدريب 10 آلاف معلم.
ونقلت صحيفة الخليج الإماراتية، في 6 مايو الجاري، عن وزير الدولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد، عمر سلطان العلماء، تأكيده أن الشراكة تعكس التزام الطرفين ببناء نظام تعليمي يواكب متطلبات المستقبل.
وفي تطور موازٍ، أعلنت حكومة الإمارات بالتعاون مع حكومة إقليم كردستان العراق، في 13 فبراير الماضي، توقيع شراكة دولية ضمن برنامج التبادل المعرفي الحكومي، وذلك على هامش القمة العالمية للحكومات في دبي.
وقد وقّع الاتفاقية رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، ووزير شؤون مجلس الوزراء الإماراتي محمد القرقاوي، وفق ما نشرته وكالة أنباء الإمارات 'وام'.
تركز هذه الاتفاقية على تطوير الخدمات الحكومية، وتعزيز الكفاءة المؤسسية، وتبادل أفضل الممارسات في قياس الأداء وصياغة السياسات، في إطار مؤسسي مشترك.
وجاء التوقيع بعد لقاء جمع الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، بمسرور بارزاني في 11 فبراير الماضي، ضمن فعاليات القمة.
وتناول اللقاء سبل تعزيز العلاقات الثنائية، لا سيما في المجالات الاقتصادية والسياحية، وتهيئة بيئة استثمارية مشجعة للطرفين، مؤكدين على أهمية العمل المشترك لاستكشاف آفاق جديدة للتنمية المستدامة والتكامل الإقليمي.