اخبار الإمارات
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١ أب ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
لماذا تتجه دول الخليج إلى تعزيز برامج ترشيد الكهرباء والماء؟
ما أبرز نتائج جهود الترشيد في الخليج حتى الآن؟
في ظل تنامي التحديات البيئية والضغوط المتزايدة على الموارد الطبيعية، تواصل دول الخليج تعزيز مسارات الاستدامة من خلال تكثيف الجهود الوطنية لترشيد استهلاك الكهرباء والماء.
يأتي ذلك ضمن رؤية شاملة تستهدف رفع كفاءة الاستخدام وتقليل الهدر، بما يخدم أولويات التنمية المستدامة ويحافظ على استدامة الموارد للأجيال القادمة.
منتدى خليجي
في إطار سعي دول الخليج لتكثيف جهود الترشيد وتعزيز كفاءة استخدام الموارد، تأتي الفعاليات والمؤتمرات المتخصصة كركائز رئيسية لتبادل الخبرات واعتماد حلول مستدامة.
وتُعد المنتديات الإقليمية منصة استراتيجية لدفع هذا التوجه المشترك نحو مستقبل أكثر كفاءة، حيث تستضيف الكويت يومي 5 و6 نوفمبر المقبل فعاليات 'المنتدى الخليجي لترشيد الكهرباء والماء 2025'، في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، تحت رعاية وزير الكهرباء والماء والطاقة المتجددة، صبيح المخيزيم.
ويُعتبر المنتدى أحد أبرز الفعاليات المتخصصة في كفاءة استهلاك الطاقة والمياه على مستوى المنطقة، حيث يجمع نخبة من الخبراء والمسؤولين من دول مجلس التعاون، لمناقشة التحديات الحالية، واستعراض أحدث الحلول والممارسات المستدامة.
وبحسب فاطمة جوهر حيات، المتحدثة باسم وزارة الكهرباء الكويتية، فإن المنتدى يُمثل منصة لتبادل التجارب وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، في سبيل تحقيق الأهداف الخليجية المشتركة في الاستدامة وترشيد الموارد.
تحديات وحلول
ويؤكد الباحث الدكتور حبيب الهادي أن دول الخليج تعاني من نقص كبير في مصادر المياه، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة إنتاج الكهرباء التي تعتمد بشكل أساسي على الغاز.
ويرى، في حديثه مع 'الخليج أونلاين'، أن هذه التحديات تدفع مجلس التعاون الخليجي إلى ترشيد الطاقة وتخفيض الاستهلاك.
ويضيف الهادي أن دول المنطقة، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة والحاجة الكبيرة لأجهزة التبريد، تحتاج إلى ابتكارات حديثة وجديدة للتغلب على هذه التحديات، مشيراً إلى وجود حرص كبير على الحفاظ على هذه الموارد واستدامتها من أجل الأجيال القادمة.
ولفت إلى أن الخطوات التي تقوم بها الكويت في هذا الشأن، مثل تنظيم المنتديات، تعتبر في المسار الصحيح، مبيناً أن هذا النهج العلمي ضروري للوصول إلى حلول جذرية لهذه المشكلة المؤرقة.
ويرى الهادي أن الوعي المجتمعي له نتائج إيجابية على أرض الواقع، مؤكداً أن هناك حاجة ماسة إلى المزيد من التوعية والاهتمام، بالإضافة إلى التفكير في حلول إبداعية وابتكارية لمواجهة التحديات المناخية والاقتصادية والاجتماعية.
ترشيد جماعي
تسير دول الخليج على نهج موحد لتعزيز كفاءة استخدام الكهرباء والماء، عبر برامج وطنية وسياسات ممنهجة تركّز على خفض الاستهلاك وتبني الحلول التقنية المستدامة.
وتعكس هذه المبادرات وعياً متزايداً بأهمية تقليل الهدر وضمان استدامة الموارد في بيئة تواجه تحديات مناخية واستهلاكية متسارعة.
في السعودية، يبرز المركز السعودي لكفاءة الطاقة كأحد أبرز المؤسسات المعنية بتحقيق وفورات كبيرة في استهلاك الطاقة، وتقدّر شركة 'ترشيد' أن برامج كفاءة الطاقة توفر نحو 5 ملايين ميغاواط/ساعة سنوياً من الكهرباء.
ونجح المركز في خفض الاستهلاك بما يعادل أكثر من 500 ألف برميل نفط مكافئ يومياً حتى نهاية عام 2023، من خلال تطوير معايير لكفاءة المركبات والأجهزة الكهربائية، وتحسين كفاءة الطاقة في المصانع والمباني.
أما الإمارات فأطلقت 'البرنامج الوطني لإدارة الطلب على الطاقة والمياه'، الذي يهدف إلى تحسين كفاءة الطاقة بنسبة 40%، وتقليل الطلب على المياه بنسبة تصل إلى 50% في القطاعات الحيوية بحلول عام 2050.
كما يسعى البرنامج الإماراتي إلى إعادة استخدام 95% من المياه المعالجة، ضمن رؤية طويلة الأمد لتحقيق أمن مائي وطاقة مستدام.
ووفقاً لخطة الإمارات، تهدف استراتيجية أمن المياه إلى تحقيق وفورات تقدر بنحو 74 مليار درهم إماراتي (أكثر من 20 مليار دولار)، لدعم الطاقة المستخدمة في التحلية، بحلول 2036.
وفي قطر تواصل 'كهرماء' تنفيذ برنامج 'ترشيد'، الذي حقق وفورات مالية قدرها 840 مليون ريال (230.7 مليون دولار) خلال عام 2024 فقط، نتيجة خفض معدلات الهدر، واعتماد تقنيات ذكية، وتنفيذ حملات توعية جماهيرية تستهدف المنازل والمؤسسات العامة والخاصة.
وأعلنت وزارة المالية الكويتية، في أبريل 2025، عن خطة وطنية لترشيد استهلاك الكهرباء والماء، تستهدف رفع كفاءة استخدام الطاقة في مؤسسات الدولة، وخفض الإنفاق العام، وسط تنامي الأحمال الكهربائية خلال أشهر الصيف.
وشملت الإجراءات إغلاق وحدات التكييف المركزية ومحطات التبريد في أوقات محددة، وتقليص ساعات عمل مراوح التهوية، إضافة إلى خفض الإضاءة في المباني الحكومية والمسطحات التجميلية، مع الاعتماد المتزايد على الطاقة الشمسية ومستشعرات الحركة والإضاءة لتقليل الاستهلاك.
وتأتي هذه الخطة في وقت تواجه فيه البلاد تحديات فنية وحرارية متزايدة، دفعت وزارة الكهرباء العام الماضي إلى تطبيق القطع المبرمج للمرة الأولى منذ سنوات.
وركّزت الكويت على تحفيز المواطنين مباشرةً من خلال برنامج 'حافظ' الوطني، الذي شجّع المستهلكين على خفض استهلاكهم مقابل حوافز مالية.
أما سلطنة عُمان، فقد أطلقت المرحلة الثانية من مبادرة 'ساهم' لتركيب أنظمة الطاقة الشمسية في المنازل، ما يمكّن المواطنين من تقليل استهلاك الكهرباء التقليدية، وبيع الفائض من الطاقة المنتجة، بما يدعم الترشيد من جانب ويوفر مصدر دخل إضافياً من جانب آخر.
وفي البحرين، تعمل هيئة الكهرباء والماء على تعزيز ثقافة الترشيد عبر التوعية المجتمعية، واعتماد أنظمة فعّالة في الإنارة والعزل الحراري، إضافة إلى حملات تعليمية وشراكات بحثية لفهم سلوك المستهلك وتحسين برامج الترشيد بناءً على بيانات ميدانية دقيقة.
بذلك يجمع مجلس التعاون الخليجي الاهتمام ببرامج الترشيد والسعي لتعزيز الأمن المائي والطاقة وتقليل الأعباء الاقتصادية والبيئية، مع اختلاف التنفيذ والتركيز من دولة إلى أخرى.