اخبار الإمارات
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٢٧ تشرين الثاني ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
كيف يمكن للمركبات المعيارية الذكية أن تغيّر شكل التنقّل في أبوظبي؟
توفر مرونة في ربط الوحدات وفصلها بحسب الطلب، مما يقلل الازدحام ويرفع كفاءة النقل داخل المدينة.
ما الذي يجعل أبوظبي سبّاقة في هذه التقنية؟
لأنها أول مدينة تطبقها فعلياً على مستوى العالم.
تدفع أبوظبي بمشهد التنقّل الحضري نحو مرحلة جديدة عبر تبنّي جيل متقدم من المركبات المعيارية الذكية، في خطوة تعكس توجه الإمارة لترسيخ موقعها مركزاً عالمياً لتقنيات التنقل المستدام.
وفي هذا الإطار، أعلن مركز النقل المتكامل عن إطلاق هذه المركبات لأول مرة عالمياً خلال مشاركته في معرض 'دريفت إكس 2025' ضمن 'أسبوع أبوظبي للأنظمة ذاتية الحركة'، ما يجعل العاصمة منصة تشغيلية مبكرة للحلول المبتكرة.
مركبات معيارية
وتُعد المركبات المعيارية فئة جديدة من المركبات الذاتية القابلة لإعادة التشكيل، إذ يمكن ربط وحداتها أو فصلها وفق احتياجات الخدمة ومستوى الإقبال على الطرق، ما يوفر مرونة تشغيلية غير مسبوقة.
وتعمل هذه المركبات التي طورتها شركة (NExT) مباشرة على الطرق دون الحاجة إلى بنية تحتية إضافية، وهو ما يمنحها قابلية واسعة للتوسع داخل المدن.
وتشير دراسات وتجارب ميدانية منشورة في مؤسسات بحثية في نيويورك وأبوظبي إلى قدرة هذا النموذج على تحسين تدفق الحركة، وتقليل الانبعاثات، ورفع كفاءة التشغيل عبر تخصيص عدد من الوحدات المتحركة بما يتناسب مع الطلب الفعلي.
ويمضي مركز النقل المتكامل في تنفيذ أول تشغيل تجريبي لها في جزيرة ياس بالشراكة مع جهات محلية ودولية، تمهيداً لمرحلة أوسع من التطبيقات المستقبلية في النقل الذكي.
وحول ذلك، أوضح مدير عام المركز بالإنابة، عبد الله حمد الغفلي، أن اعتماد المركبات المعيارية يعكس توجّه أبوظبي نحو منظومة نقل أكثر تكاملاً وذكاءً، مؤكداً أنها خطوة استراتيجية في تطوير القطاع.
وأكّد الغفلي، بتصريحات أوردتها صحيفة 'الإمارات اليوم' في 17 نوفمبر 2025، أن المركز يواصل ترسيخ مكانة أبوظبي كمركز عالمي لتقنيات التنقّل المبتكرة من خلال مبادرات نوعية تُسهم في تطوير منظومة النقل وتعزيز كفاءتها واستدامتها.
وأوضح أن اعتماد المركبات المعيارية الذكية يمثل خطوة استراتيجية تدعم توجه الإمارة نحو بناء منظومة نقل أكثر تكاملاً وذكاءً، بما يعكس رؤية أبوظبي في تبنّي حلول مستقبلية قادرة على إحداث تحول ملموس في قطاع النقل.
من جهته، أعرب الرئيس التنفيذي للمعلومات في شركة (NExT)، أنطونيو غوادانيينو، عن اعتزازه بالتعاون مع مركز النقل المتكامل، موضحاً أن المركبات المعيارية الذكية تمثل حلاً عملياً قابلاً للتنفيذ الفوري دون الحاجة إلى إنشاء بنية تحتية جديدة.
ونوّه غوادانيينو بالقدرة العالية لهذه المركبات في تقليل الازدحامات المرورية وتحسين خدمات الميل الأول والأخير، لافتاً إلى أن هذه الحلول تشكل استجابة مباشرة لتحديات رئيسية ستسهم في تشكيل مستقبل النقل خلال العقد المقبل.
ثورة التنقل الحضري
ويؤكد الدكتور وائل عبد المجيد أستاذ الذكاء الصناعي بجامعة جنوب كاليفورنيا، أن المركبات المعيارية الذكية تحدث ثورة في التنقل الحضري في أبوظبي، حيث تقوم بوصل الوحدات أو فصلها لحظياً بما يتوافق مع حجم الطلب، وحالة الازدحام، ومتطلبات الرحلات.
ويضيف لـ'الخليج أونلاين' أن هذا النظام يتيح خدمة ديناميكية بدلاً من السعة الثابتة للمركبات التقليدية، مع تحسين استخدام الموارد وتقليل الحاجة إلى إنشاءات جديدة مكلفة.
ويشير إلى أن المركبات الذاتية القياسية يمكن إعادة تهيئتها لتلبية الرحلات الفردية أو الجماعية أو الخدمات اللوجستية، مع تحسين مسارات الحركة عبر وصل أو فصل الوحدات بحسب الحاجة، مما يمنح المدن مرونة أكبر في إدارة شبكة النقل بكفاءة وفعالية.
ويوضح عبد المجيد أن هذه التقنية تُعد خطوة مفصلية لبناء منظومة نقل مستدامة، حيث تتوسع المركبات أو تتقلص وفقاً للطلب، مما يقلل من السعة غير المستغلة ويحد من هدر الطاقة.
وبيّن أستاذ الذكاء الصناعي أن قدرتها على الالتحام والانفصال خلال أوقات الذروة والفترات الهادئة تعمل على تحسين استغلال الطرق وخفض الانبعاثات.
كما يلفت إلى أن تشغيل المركبات المعيارية ذاتياً أو بالتحكم عن بُعد يتيح اندماجها الطبيعي مع البنى التحتية الحديثة للمدن الذكية، من دون الحاجة إلى تغييرات جوهرية، ما يسهم في خفض الازدحام وتحسين جودة الهواء، ويمنح المخططين فرصة لإعطاء الأولوية للمساحات الخضراء والمشاة.
ويعتقد أن هذه المركبات ستحدث تحولاً في التخطيط الحضري، عبر تقليل الرحلات الفردية وتوفير التنقل المشترك عند الطلب، كما أن درجة اتصالها العالية تسمح بضبط تدفقات الحركة لحظياً، ما يقلل من الذروات المرورية والانبعاثات الناتجة عن الانتظار والتوقف.
وأردف عبد المجيد أن المرونة والكفاءة التي توفرها هذه الأنظمة تتناغم مع رؤية مدن الخليج المستقبلية المستدامة، حيث توظف التكنولوجيا للتعامل مع الضغوط السكانية والبيئية.
واعتبر أن المركبات المعيارية يمكنها أداء أدوار متنوعة من التنقل اليومي إلى خدمات النقل في الفعاليات الكبرى، دون الحاجة إلى تغييرات كبيرة في البنية التحتية.
ويختتم بالتأكيد على أن تبني هذه المركبات يسهم في دعم الأهداف الإقليمية للابتكار الحضري، ويعزز قيادة أنظمة النقل المستدامة، ويعيد تشكيل المدن حول محور الرفاه، إمكانية الوصول، وتقليل البصمة البيئية، بما يواكب تطلعات 'مدينة المستقبل' في الخليج.
منظومة نقل ذكية تتوسع بثبات
وتأتي هذه الخطوة ضمن مسار أوسع تتبعه أبوظبي لتطوير منظومة النقل الذكي؛ فخلال الأشهر الأخيرة، أصبحت الإمارة أول مدينة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تُطلق سيارات الأجرة ذاتية القيادة تجارياً.
وتضاعف أسطول مركبات 'WeRide' في أبوظبي ثلاث مرات منذ إطلاقه نهاية 2024 ليصل اليوم إلى 44 مركبة تعمل في مواقع استراتيجية داخل المدينة، وفق البيانات الرسمية.
ويؤكد رئيس مجلس الأنظمة الذكية ذاتية الحركة، الشيخ حمدان بن محمد بن زايد آل نهيان، أن المجلس يعمل على تسريع التحول المستدام وضمان التشغيل الآمن والفعّال، بما يجعل أبوظبي نموذجاً عالمياً في تقنيات المستقبل.
وفي هذا السياق، توسّعت الإمارة أيضاً في تشغيل مركبات التوصيل ذاتية القيادة، فيما تغطي خدمات الأجرة الذاتية حالياً نحو نصف المناطق الحضرية الأساسية.
وبحسب بيانات مركز النقل المتكامل 'آد موبيليتي'، نفذت المركبات الذاتية أكثر من 40 ألف رحلة، وقطعت أكثر من 600 ألف كيلومتر دون تسجيل حوادث، في مؤشرات تعزز الثقة العامة وتدعم هدف أبوظبي بأن يعتمد 25% من التنقل على وسائل ذكية بحلول 2040.
ويمثل إطلاق المركبات المعيارية الذكية نقطة تحول قد تعيد صياغة كيفية تحرك الأفراد داخل المدن، من خلال مفهوم يقوم على الدمج بين المرونة التشغيلية، وتقليل الازدحام، وتعظيم الاستدامة.
وبينما تواصل أبوظبي توسيع تجاربها في النقل الذكي، تبدو هذه التقنية مرشحة لتكون أحد الأعمدة الرئيسة في منظومة التنقل الحضري خلال العقد المقبل.


































