متابعات- نبض السودان

تسببت واقعة إطلاق النار من قبل جنود إسرائيليين على وفد دبلوماسي أجنبي في مدينة جنين بالضفة الغربية، في ردود فعل غاضبة من عدة دول أوروبية، في مقدمتها إيطاليا، فرنسا، إسبانيا، بلجيكا، والاتحاد الأوروبي، حيث أدانت هذه الأطراف بشدة ما وصفته بـ'التهديد المباشر' للدبلوماسيين، واعتبرته تصرفًا غير مقبول من قبل الجيش الإسرائيلي، مطالبين بتوضيحات عاجلة حول ملابسات الحادث.

روما تستدعي السفير الإسرائيلي

في أول رد فعل رسمي، أعلن وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاياني، استدعاء سفير إسرائيل لدى بلاده بعد حادثة إطلاق النار، مؤكداً أن الطلقات التحذيرية التي أطلقها الجيش الإسرائيلي تجاه دبلوماسيين إيطاليين في جنين تمثل تهديداً غير مقبول.

وقال تاياني على منصة 'إكس' إن بلاده تطالب 'بتوضحات فورية' من الحكومة الإسرائيلية، مشيراً إلى أن نائب القنصل الإيطالي أليساندرو توتينو كان من بين الدبلوماسيين الذين تعرضوا لإطلاق النار، وطمأن بأنه بخير.

باريس ولندن وبروكسل تنضم إلى صف الاستنكار

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، عبّر هو الآخر عن استياء بلاده مما حدث، مؤكدًا أن أحد الدبلوماسيين الفرنسيين كان من بين المستهدفين خلال الزيارة إلى جنين، واصفًا الحادث بأنه 'غير مقبول'. وأعلن عن استدعاء السفير الإسرائيلي في باريس لتقديم توضيحات رسمية.

أما وزير الخارجية البلجيكي مكسيم بريفو فقد أكد أن دبلوماسيًا بلجيكيًا كان ضمن الوفد، وقال عبر 'إكس' إن الجنود الإسرائيليين أطلقوا عيارات نارية على موكب دبلوماسي يضم حوالي عشرين مركبة واضحة الهوية، وكانت الزيارة منسقة بشكل كامل مع الجيش الإسرائيلي مسبقًا، مشددًا على ضرورة حصول بلاده على 'توضيحات مقنعة'.

الاتحاد الأوروبي يطالب بالتحقيق الفوري

وفي موقف لافت، دعت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، كايا كالاس، الحكومة الإسرائيلية إلى فتح تحقيق فوري في الواقعة، مؤكدة أن أي تهديد لحياة الدبلوماسيين 'أمر مرفوض'، مشددة على التزام إسرائيل بضمان أمن الدبلوماسيين الأجانب بحسب الاتفاقيات الدولية.

وأوضحت كالاس أن الزيارة إلى جنين تم تنظيمها من قبل السلطة الفلسطينية، وكان من المفترض أن تسير وفق مسار محدد ومتفق عليه، لكن رغم ذلك أطلق الجنود الإسرائيليون طلقات حية باتجاه الوفد، وهو ما يتطلب محاسبة المسؤولين عنه.

إسرائيل تبرر وتعتذر دون اعتراف بالمسؤولية

من جهته، أصدر الجيش الإسرائيلي بيانًا أشار فيه إلى أن الوفد الدبلوماسي 'انحرف' عن المسار المتفق عليه مسبقًا، مما دفع الجنود لإطلاق طلقات تحذيرية في الهواء، دون الإبلاغ عن إصابات. وأعرب الجيش عن أسفه لما وصفه بـ'الإزعاج' الذي تسبب به الحادث، دون تقديم اعتذار رسمي أو تحمل للمسؤولية الكاملة.

وأكد بيان الجيش أن الوفد دخل منطقة غير مصرّح له بالتواجد فيها، في وقتٍ يُعتبر فيه مخيم جنين منطقة عمليات عسكرية تشهد مواجهات متكررة مع الفصائل الفلسطينية المسلحة.

شهود عيان: إطلاق نار متكرر ومشهد فوضوي

أكد أحد الدبلوماسيين الأجانب الذين كانوا ضمن الوفد لوسائل إعلام فرنسية، أن الوفد كان برفقة محافظ جنين قرب حدود المخيم عندما سُمع إطلاق نار كثيف، مما اضطر الجميع إلى الركض والاحتماء داخل المركبات، واصفًا المشهد بأنه 'مروع'.

وأظهرت مقاطع مصورة التقطها صحافيون من موقع الحادث، جنودًا إسرائيليين يصوبون بنادقهم باتجاه المجموعة، بينما يحاول الدبلوماسيون والصحافيون الفرار من المنطقة. كما أشار أحد مراسلي وكالة فرانس برس إلى سماع طلقات نارية متتالية من داخل مخيم جنين للاجئين.

الخارجية الفلسطينية: 'جريمة نكراء'

أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية الحادث، ووصفت ما حدث بأنه 'جريمة نكراء' ارتكبتها قوات الاحتلال باستهداف وفد دبلوماسي رسمي، مشيرة إلى أن الوزارة اعتادت تنظيم زيارات ميدانية لممثلي البعثات الأجنبية للاطلاع على ما يجري في شمال الضفة.

وقال أحمد الديك، المستشار السياسي للوزارة، والذي كان يقود الوفد، إن 'الجيش أطلق النار علينا بجنون'، مضيفًا أن الحادث أعطى الوفد الدبلوماسي صورة واقعية عن حجم التهديد الذي يعيشه الشعب الفلسطيني يوميًا تحت الاحتلال.

جنين تحت الحصار

تأتي هذه الواقعة في وقت تواصل فيه القوات الإسرائيلية عملياتها العسكرية المكثفة في مدينة جنين، والتي تعتبرها تل أبيب معقلاً للفصائل الفلسطينية المسلحة. ومنذ يناير الماضي، أطلقت إسرائيل عملية واسعة في شمال الضفة الغربية، أدت إلى نزوح آلاف المدنيين من مخيمات اللاجئين، بحسب وكالة 'أونروا'.

وتشير بيانات الوكالة الأممية إلى أن نحو 16 ألف شخص نزحوا من جنين حتى 31 مارس الماضي بسبب التوغلات والاشتباكات العنيفة التي يخوضها الجيش الإسرائيلي في المنطقة.