شهدت الجلسة التشريعية المخصصة للدراسة والتصويت على مشروع قانون المسطرة الجنائية مساء اليوم الثلاثاء، سجالا حادا، حيث رفض وزير العدل عبد اللطيف وهبي كل تعديلات الفرق البرلمانية لإلغاء الامتياز القضائي لكبار المسؤولين، مؤكدا أهمية هذه المسطرة لضبط الإجراءات، بينما أصر برلمانيون على مبدأ المساواة التامة بين جميع المغاربة أمام القانون.

وأكد الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، ضمن تعديله أن القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة، وأن جميع الأشخاص الذاتيين أو المعنويين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون ومطالبون بالامتثال له، مضيفا أن التعديل يقضي بحذف المادة 266 وكل المواد ذات الصلة، بهدف عدم التفرقة بين المواطنين والمواطنات أمام القانون.

في السياق ذاته، تقدمت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية بتعديل ينص على مراعاة التطورات الدستورية، التي ألغت المحكمة العليا، واعتبرت أن الوزراء مسؤولون عن أفعالهم، ويمكن محاكمتهم أمام محاكم المملكة إذا ارتكبوا ما يوجب المتابعة، مقترحا حذف أعضاء الحكومة والبرلمان من الفئة المستفيدة من هذا الامتياز القضائي.

من جهته، حذر سعيد بعزيز، البرلماني عن الفريق الاشتراكي، من أن يكرس هذا النص القانوني الفساد واللامساواة أمام القانوني ويمنح امتيازات لجهة دون أخرى، مضيفا أن 'تاريخ بلادنا يسير في طريق القطع مع هذه الممارسات، والدستور واضح في أن جميع المواطنين متساوون أمام القانون وملزمون بالامتثال له، مهما كانت وضعيتهم الاجتماعية أو الإدارية أو حتى موقعهم المسؤول'.

ومضى قائلا: 'إلى متى سنمنح الامتيازات للمعينين على حساب المنتخبين؟ نكسر المنتخبين ونزيد للمعينين امتيازات فوق امتيازاتهم'، مشددا على ضرورة القطع مع الامتياز القضائي في المغرب، خصوصا بعد إلغاء محكمة العدل الخاصة والمحكمة العليا، وتم إلغاء العديد من النصوص المتعلقة بتضارب المصالح في منظومة الجماعات الترابية.

بالمقابل، رفض عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، التعديلات المقترحة، موضحا أن القانون الجنائي لا يُبنى على الشعارات فقط، بل على الواقع والممارسة والاجتهاد القضائي والتصور القانوني، مؤكدا أن الامتياز القضائي يتيح للمسؤولين إحالة قضاياهم إلى محكمة النقض لتحديد المحكمة المختصة، إضافة إلى التحقق من وجود عناصر الجريمة من عدمها.

وأوضح وهبي، أن النواب لا يستحقون هذا الامتياز، لأنهم لا يديرون ميزانيات أو مؤسسات، ولديهم حصانة إلا إذا مسوا المقدسات الثلاث، مشددا على أن الامتياز القضائي ليس حماية لأحد، بل هو مسطرة لضبط الإجراءات وضمان سلامتها، معتبراً أن وجود هذا النظام في المغرب وغيره من الدول يحمي العدالة من أي محاباة.

وعاد بعزيز ليرد على الوزير، مؤكدا أن الامتياز القضائي يكرس اللامساواة، مشيراً إلى أن التعديل لا يستهدف البرلمانيين فقط، بل فئات أخرى تستفيد منه، بمن فيهم من لا يتصرفون في المال العام. وتساءل عن منطق استفادة مسؤولين مثل عمال الأقاليم وضباط الشرطة القضائية من هذا الامتياز، بينما يُستثنى منه رؤساء الجماعات الذين يديرون المال العام، مطالبا بمحاكمة جميع المواطنين أمام نفس المحاكم ووفق الإجراءات نفسها.