اخبار السودان
موقع كل يوم -أثير نيوز
نشر بتاريخ: ٨ تشرين الثاني ٢٠٢٥
في دراسة حديثة نشرتها مجلة Science Advances، أعلن فريق من جامعة أوساكا اليابانية عن تطوير نموذج ذكاء اصطناعي قادر على تحليل إشارات الدماغ وتحويلها إلى كلمات وجُمل تصف ما يراه الإنسان أو يفكر فيه.
اعتمد الباحثون على تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، التي تسجل النشاط العصبي أثناء مشاهدة الأشخاص لمقاطع فيديو أو تذكّرهم لمشاهد معينة، ثم درّبوا النموذج على الربط بين تلك الأنماط العصبية والمحتوى اللغوي المقابل لها.
▪️منجز علمي غير مسبوق
علميًا، يُعد هذا التطور نقلة نوعية في فهم العلاقة بين الدماغ واللغة.
فالذكاء الاصطناعي لم يكتفِ بقراءة النشاط العصبي، بل حوّله إلى نصوص دقيقة تصف المشهد أو الفكرة التي كانت تدور في ذهن الشخص.
هذا يفتح آفاقًا جديدة لعلوم الأعصاب والطب، خاصةً في مساعدة المرضى الذين فقدوا القدرة على الكلام أو أولئك في حالات غيبوبة جزئية.
تخيل أن يصبح بالإمكان “سماع” ما يفكر فيه المريض دون أن ينطق بكلمة — خطوة قد تغيّر مستقبل التواصل الإنساني في الطب العصبي والعلاج التأهيلي.
▪️ من زاوية معلوماتية: عقول مكشوفة؟
لكن في عالم المعلومات ، يختلف المشهد تمامًا.
تقنية كهذه، إن تطورت وخرجت من المختبر إلى الاستخدام الواسع، يمكن أن تُحوِّل العقل البشري إلى منجم مفتوح للمعلومات.
قد يصبح من الممكن — نظريًا — استخراج نوايا أو أفكار الأشخاص دون إذنهم، سواء في التحقيقات الأمنية أو حتى في ساحات القتال والاستخبارات السيبرانية.
تخيل أداة تستطيع تحليل “نية” الجندي أو المتهم أو السياسي من إشارات دماغه فقط.
الأمر يفتح سباقًا جديدًا بين القوى الكبرى، ليس فقط في الذكاء الاصطناعي، بل في ذكاء قراءة الوعي نفسه.
▪️ أخلاقيًا: حدود غير مرئية تُكسر
من الناحية الأخلاقية، نحن أمام سؤال وجودي:
هل يملك الإنسان حقًّا مطلقًا في خصوصية أفكاره؟
لقد كانت الحدود بين “ما أفكر فيه” و“ما أقوله” آخر حصون الخصوصية، وهذه التقنية تهدد بإزالتها.
القدرة على فك شيفرة النشاط العصبي قد تُستخدم لأغراض نبيلة، كفهم مرضى الشلل أو التوحّد، لكنها قد تُستغل أيضًا في المراقبة، أو التلاعب بالعقول، أو حتى في الإعلانات الموجّهة بناءً على محتوى التفكير.
▪️ المستقبل بين الأمل والخطر
من وجهة نظر علمية، هذا إنجاز مدهش؛ ومن وجهة نظر استخبارية، تطور حساس؛ ومن منظور أخلاقي، إنذار مبكر.
التحدي الأكبر ليس في التقنية ذاتها، بل في من سيسيطر عليها، ولأي غرض ستُستخدم.
فالعقل البشري كان دومًا منطقة محظورة، أما اليوم، فالباب بدأ يُفتح — والسؤال الآن: من سيدخله أولًا


























