طه العاني - الخليج أونلاين

ما أهم أهداف الشراكة الجديدة بين كينيا والإمارات؟

تبادل المعرفة والخبرات في مجالات الحوكمة.

كم أعداد المجالات التي تشملها الشراكة؟

8 مجالات حيوية.

يشهد التعاون بين دولة الإمارات العربية المتحدة وكينيا تطوراً ملحوظاً في مختلف المجالات، وخاصة في تطوير العمل الحكومي.

وتسعى الإمارات من خلال سياساتها الخارجية وعلاقاتها الثنائية إلى تعزيز التعاون مع الدول الأفريقية، ومن بينها كينيا، لدعم النمو الاقتصادي والاجتماعي وتحقيق الاستقرار في المنطقة.

شراكة جديدة

تتمتع دولة الإمارات بعلاقات ثنائية قوية مع كينيا، حيث تعتبر واحدة من أكبر الشركاء التجاريين للدولة الأفريقية في منطقة الشرق الأوسط.

وفي السنوات الأخيرة، ارتكزت العلاقات بين البلدين على التعاون الاقتصادي، والتجاري، والتنموي، وكان لهذا التعاون انعكاسات إيجابية على تنمية البنية التحتية وتحسين نوعية الحياة في كينيا.

وبهذا السياق، أعلنت حكومتا البلدين (19 أغسطس 2024) عن إطلاق شراكة جديدة تهدف إلى تبادل المعرفة وتقاسم الخبرات في مجالات الحوكمة وتطوير العمل الحكومي.

وجاءت هذه المبادرة ضمن إطار مذكرة تفاهم تم توقيعها بحضور وزير الدولة، الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، وذلك كجزء من مبادرات برنامج التبادل المعرفي الحكومي الإماراتي، خلال انعقاد الدورة الرابعة للجنة المشتركة بين البلدين.

ووقّعت مذكرة التفاهم كل من وزيرة دولة والأمين العام لمجلس الوزراء في الإمارات مريم بنت أحمد الحمادي، ورئيس الوزراء موساليا مودافادي، ووزير الخارجية وشؤون المغتربين في كينيا.

وتهدف هذه الشراكة إلى تعزيز التعاون المشترك في مجالات بناء القدرات المؤسسية، وتحسين عمليات الحوكمة في تطوير العمل الحكومي، إلى جانب تعزيز المهارات المؤسسية وغيرها من المجالات ذات الاهتمام المشترك.

وتأتي هذه الجهود ضمن رؤية الإمارات لعام 2071 التي تهدف إلى تعزيز مكانة الدولة كواحدة من أفضل الدول في العالم من خلال تعزيز الشراكات الدولية وتطوير الحكومات.

من جانبها، أكدت الحمادي التزام حكومة الإمارات بتوسيع آفاق التعاون المثمر وبناء شراكات إيجابية مع دول العالم، مما يعزز التعاون الدولي الهادف إلى تطوير العمل الحكومي والمساهمة في المسيرة العالمية نحو بناء مستقبل أفضل.

وعلى الجانب الآخر، أشاد مودافادي بالعلاقات القوية والمتميزة التي تربط البلدين، مشيراً إلى أن الإمارات وفرت أكثر من 30 ألف فرصة عمل للمواطنين الكينيين.

وقال إن زيارته للإمارات وما شهدته من توقيع اتفاقيات وإطلاق شراكات جديدة 'تؤكد قوة العلاقة المتنامية بين البلدين اللذين سيكثفان الجهود لدفع العلاقات قدماً بما يسهم في بناء الفرص وتوفير الإمكانات التي تصب في مصلحة الشعبين'.

ولفت مودافادي إلى الروابط القوية بين البلدين منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية عام 1982، مشيداً بدور الإمارات الداعم لمبادرات التنمية والتطوير في كينيا، ومعرباً عن ثقته أن التطور المستمر للتعاون سيسهم في تعزيز وتوسيع الفرص المستقبلية.

منافع مشتركة

ويقول أستاذ العلوم السياسية د. أسعد كاظم شبيب، إن الاتفاقية تأتي في إطار مسار الإمارات وخططها الاستراتيجية بالانفتاح تجاه دول العالم، لا سيما البلدان التي تمتلك مؤهلات على مستويات الحوكمة والأتمتة والجانب العمراني وخطط تطوير الطرق والمواصلات والبنى التحتية في المجالات الكهربائية والغازية والنفطية وغيرها.

ويضيف لـ'الخليج أونلاين' أن الاتفاقية تحمل كثيراً من المضامين المهمة في تطوير الخطط الاستراتيجية لدولة الإمارات، في المقابل هي أيضاً تقدم امتيازات ومؤهلات للجانب الكيني، لا سيما في مسألة تعميق أواصر وقيم التعاون ما بين الدولتين.

ويرى شبيب أن هذه الاتفاقية لها أهمية كبيرة، 'إذ ترسخ من قيم التعاون بين الدولتين، وأيضاً تفتح آفاقاً أخرى لتطوير مجالات -ربما- تعاني منها بعض المؤسسات الحكومية في الإمارات، للاستفادة من الكفاءات الموجودة في كينيا'.

وأشار إلى أن الإمارات تعمل بخطوات ثابتة ومتقدمة في ترسيخ الأداء الحكومي وتفعيل جوانب التطور التكنولوجي الذي تشهده دول العالم، ومن بين ذلك الحوكمة والأتمتة، وترى أن كينيا لديها مؤهلات في هذا المجال.

ويبيّن أن الامارات تعتقد أن 'الطاقات البشرية والعمالية الموجودة في كينيا تؤهلها للتقدم في تطوير العمل الحكومي، لا سيما وهي تمتلك عشرات الآلاف من القوى التي من الممكن أن تقدم خدماتها إلى الإمارات بمختلف القطاعات'.

ولفت شبيب إلى أن 'هناك بادرة انفراجة وحل ستأتي على الجانب الكيني نتيجة الاتفاقية مع الإمارات، حيث سيعود بعائدات مالية وبعملة صعبة إلى الدولة الكينية، وأيضاً سيقلل من مشكلة البطالة لديها'.

وحول أهمية هذه الاتفاقيات في تعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي في أفريقيا، يقول إن كينيا مثل العديد من الدول الأفريقية التي تعاني من مشاكل اقتصادية وسياسية، ومثل هذا الانفتاح الاقتصادي العمراني البشري بين دولة عربية كالإمارات، وبين دولة أفريقية ككينيا، سيكون بمنزلة نموذج مهم للتعاون ما بين الدول العربية والدول الأفريقية.

ويؤكد شبيب أن مثل هذه الاتفاقية الواسعة والكبيرة لها مضامين وأبعاد استراتيجية كبيرة، ستعود بالمنفعة على الجانبين.

مجالات حيوية

تهدف الاتفاقية الإماراتية الكينية إلى تعزيز كفاءة العمل الحكومي في كينيا من خلال تقديم الدعم الفني والاستشاري في مجالات حيوية متعددة.

قال عبد الله ناصر لوتاه، مساعد وزير شؤون مجلس الوزراء الإماراتي للتنافسية والتبادل المعرفي: إن 'الشراكة ستغطي 8 مجالات حيوية هي الأكثر ارتباطاً بالرؤى المستقبلية لحكومتي البلدين، وسيتم من خلالها نقل الخبرات وتبادل التجارب الناجحة في تطوير عمل الحكومة وتعزيز جاهزيتها لمتغيرات ومتطلبات المستقبل، إلى جانب التركيز على بناء القدرات الحكومية وتزويدها بالمهارات والأدوات اللازمة لدعم تسريع تنفيذ الخطط والرؤى المستقبلية'.

وذكرت وكالة أنباء الإمارات (وام)، في 18 أغسطس الجاري، أن مذكرة التفاهم مع كينيا تشمل مجموعة واسعة من مجالات التعاون، حيث تهدف إلى تطوير الخدمات الحكومية لتصل إلى جميع شرائح المتعاملين من خلال مبادرات استباقية وخدمات متميزة.

كما تتضمن المذكرة - وفقاً للوكالة - بناء قدرات موظفي الخدمات الحكومية المعنيين بتصميم وتقديم تلك الخدمات، وتسعى المذكرة إلى تعزيز التعاون في مجال الأجندة الوطنية، مما يمكن الطرفين من تحسين تجربتهما في إدارة الأداء، ومراجعة وتطوير خطة التنمية الوطنية لتحقيق الأهداف المستقبلية وضمان التنسيق الكامل بين الجهات الحكومية.

وتركز المذكرة على تعزيز التميز الحكومي عبر تبادل الخبرات وأفضل الممارسات لنشر ثقافة الجودة والتميز في الجهات الحكومية، وتطوير نموذج التميز الحكومي، مع بناء القدرات لتأهيل قادة التغيير الحكومي، الذين يمكنهم المشاركة في تحفيز الابتكار وتحقيق الإنجازات.

وتشمل مجالات الشراكة التعاون في تعزيز القدرة التنافسية الحكومية عبر عدة محاور، مثل التنافسية العامة، وريادة الأعمال، والازدهار، والابتكار، والتكنولوجيا، إضافة إلى تبادل أفضل الممارسات في مجال التنافسية العالمية.

وتنمي المذكرة أيضاً الموارد البشرية من خلال تطبيق مفاهيم جديدة واعتماد المعايير الدولية الحديثة، إلى جانب تطوير أنظمة وسياسات وتشريعات متقدمة لإدارة رأس المال البشري في القطاع الحكومي.

ويغطي التعاون أيضاً مجالات أخرى مثل تطوير مهارات البرمجة، وتحسين التجربة الإلكترونية الحكومية للمستخدمين، وإعادة هيكلة أنظمة العمليات الداخلية.

علاوة على ذلك يتناول التعاون مواضيع ذات اهتمام مشترك؛ مثل التوازن بين الجنسين، والطاقة المتجددة، وقضايا الشباب، وتطوير السياسات العامة، وتعزيز ريادة الأعمال، والتنمية الاقتصادية المستدامة.

وفي فبراير الماضي، أبرمت الإمارات وكينيا اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة، التي تهدف إلى تعزيز التجارة والاستثمار بين البلدين،كما أبرم البلدان اتفاقية، في أبريل الماضي، لتعزيز التعاون الاستثماري في مجالات البنية التحتية الرقمية والتكنولوجيا.

وبحسب وكالة أنباء الإمارات 'وام'، فإن محادثات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة جرت بين الدولتين 'بعدما توصلتا إلى البنود النهائية للاتفاقية تمهيداً للتوقيع عليها رسمياً في وقت لاحق، ومن ثم استكمال باقي الإجراءات ذات الصلة'.

كما سجل التبادل التجاري غير النفطي بين الإمارات وكينيا نمواً بنسبة 26.4% في 2023، ليبلغ 3 مليارات دولار، مقارنة بـ2.4 مليار دولار في 2022، وفق وسائل إعلام إماراتية.

وفي حديثه مع 'وام' أكد قال وزير التجارة الخارجية الإماراتي ثاني بن أحمد الزيودي، أن بلاده 'تواصل توسيع شبكة شركائها التجاريين حول العالم عبر إبرام اتفاقيات شراكة اقتصادية شاملة مع دول ذات اقتصادات واعدة مثل كينيا، التي تعد من أكبر 10 اقتصادات في القارة الأفريقية، ومن بين الأسرع نمواً'.