متابعات نبض السودان

يعاني كثير من الأشخاص من مشكلة سيلان الأنف المستمر، وهي حالة مزعجة تؤثر سلبًا على جودة الحياة اليومية، خصوصًا لدى مرضى الحساسية المزمنة. وقد أكد متخصصون أن هذه الحالة ليست مجرد أمر مزعج عابر، بل قد تكون مؤشرا على حالات صحية مزمنة تتطلب تدخلًا طبيًا.

تعريف طبي للحالة: أكثر من 12 أسبوعًا من الإزعاج

بحسب الدكتورة ناتالي إيرل، أخصائية الأنف والأذن والحنجرة في ماريلاند وواشنطن دي سي، فإن سيلان الأنف المزمن يُعرّف طبيًا بأنه حالة تستمر لأكثر من 12 أسبوعًا. وتتنوع طبيعة المخاط في هذه الحالة، فقد يكون شفافًا أو سائلًا أو مائيًا أو سميكًا وملونًا. وغالبًا ما تتطلب هذه الأعراض علاجًا طبيًا لتقليل إفراز المخاط.

نزلات البرد مقابل السيلان المزمن

تشير الدكتورة إيرل إلى أن نزلات البرد العادية غالبًا ما تُسبب سيلانًا أنفيًا مؤقتًا لا يتجاوز أربعة أسابيع، ويختفي تلقائيًا. أما في حالة السيلان المزمن، فإن الأمر يتطلب تدخلًا طبيًا لتحديد السبب الكامن، خصوصًا إذا استمر لفترة طويلة دون تحسن واضح.

رأي الخبراء: متى تستشير الطبيب؟

يؤكد الدكتور ويليام رايزاشر، أخصائي الأنف والأذن والحنجرة في كلية طب وايل كورنيل ومستشفى نيويورك، على ضرورة استشارة الطبيب 'في أي وقت يشعر فيه الشخص بالقلق بشأن سيلان الأنف الذي لا يتوقف'، مشيرًا إلى أن تحديد السبب بدقة يسهم في إيجاد علاج فعال وتحسين جودة الحياة.

الأسباب الخمسة الأكثر شيوعًا لسيلان الأنف المزمن

بحسب ما أورده الخبراء، هناك خمسة أسباب رئيسية تقف وراء سيلان الأنف المزمن:

1. الحساسية

تُعد الحساسية من أبرز الأسباب المؤدية لسيلان الأنف المزمن. وتشير الدكتورة إيرل إلى أن هذه الحالة تكون مصحوبة غالبًا بأعراض أخرى مثل العطس، حكة الأنف، انسداد الأنف، وقد تصل إلى حكة العين وسيلان الدموع أو حرقتها.

2. تغيرات الطقس

يشير الدكتور رايزاشر إلى أن تقلبات الطقس مثل تغير درجة الحرارة أو الضغط الجوي قد تؤدي إلى سيلان الأنف المستمر، واصفًا الأنف بأنه 'مقياس حرارة ومقياس رطوبة ومقياس ضغط جوي' يتأثر بالبيئة المحيطة.

كما أن تغييرات أخرى مثل أعمال البناء أو وجود غبار وأتربة في الجو يمكن أن تزيد من تهيج الأنف وتؤدي إلى إفرازات زائدة.

3. الأدوية

بعض أنواع الأدوية قد تُسبب سيلان الأنف كأثر جانبي، مثل حاصرات بيتا لعلاج ضغط الدم المرتفع، ووسائل منع الحمل الهرمونية. كذلك، يمكن أن تتسبب التغييرات في نوع أو جرعة الدواء في تفاقم الأعراض الأنفية.

4. مشاكل هيكلية في الأنف

قد تكون بعض التشوهات الهيكلية سببًا في سيلان الأنف المستمر. ووفقًا لبيانات كلية طب ستانفورد، فإن وجود زوائد أنفية أو أورام صغيرة في بطانة الأنف أو انحراف الحاجز الأنفي يُعد من العوامل المؤثرة، ويتطلب تشخيصًا دقيقًا من طبيب مختص.

5. الحمل

تُعتبر التغيرات الهرمونية أثناء الحمل من الأسباب التي تؤدي إلى سيلان الأنف المستمر، خصوصًا في الثلث الثاني من الحمل. ويشرح الدكتور رايزاشر أن توسع الأوعية الدموية في الجسم لتغذية الجنين يشمل أيضًا أنسجة الأنف، مما يؤدي إلى تسرب المزيد من السوائل والشعور بالانسداد والسيلان.

كيفية التعامل مع سيلان الأنف المزمن

تنصح الدكتورة إيرل باستخدام بخاخات الأنف الملحية أو الستيرويدية بالإضافة إلى مضادات الهيستامين التي تُصرف دون وصفة طبية، خاصةً إذا كان السبب هو الحساسية. لكن نظرًا لتعدد الخيارات المتاحة، فمن الأفضل استشارة الطبيب لتحديد العلاج الأنسب.

البيئة كعنصر حاسم في التشخيص

يشدد الدكتور رايزاشر على أهمية إبلاغ الطبيب بالتغيرات البيئية التي طرأت على مكان السكن أو العمل، لأن هذه العوامل قد تكون محفزًا رئيسيًا لسيلان الأنف المزمن. كما يوضح أن تشخيص الحالة قد لا يتطلب فحص دم في كل مرة، بل يتطلب طبيبًا متمرسًا قادرًا على تحديد المحفزات بدقة.

متى تتجه لإجراء فحص الحساسية؟

يمكن أن يُجري الطبيب فحصًا متخصصًا لتحديد ما إذا كان سيلان الأنف ناتجًا عن التحسس، لكن في معظم الحالات، يعتمد التشخيص على الأعراض والمحفزات اليومية. الفحص الدقيق يشمل مراجعة الأدوية والظروف البيئية والنظام الغذائي وحتى مستوى التوتر.