اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٢٣ تموز ٢٠٢٥
تفاقمت معاناة ساكنة جماعة البراكسة التابعة لدائرة وادي زم بإقليم خريبكة بشكل لافت في الآونة الأخيرة، بسبب أزمة مائية خانقة تنذر بكارثة اجتماعية وبيئية، في ظل استمرار استنزاف منبع 'عين تنتكرت'، الذي يعتبر المصدر الرئيسي لمياه الشرب بالنسبة لعدد من الدواوير المجاورة، وعلى رأسها دواوير أولاد موسى، وأولاد علي.
وحسب المراسلات الرسمية، توصلت جريدة 'العمق' بنسخة منها، أن الأزمة الحالية لا ترتبط فقط بتراجع التساقطات أو التغيرات المناخية، بل تعود بالأساس إلى غياب المراقبة وترك المجال مفتوحا لاستغلال غير قانوني للملك العمومي المائي، بعد أن أقدم أحد الأشخاص، منذ سنة 2014، على حفر بئر بالقرب من المنبع دون ترخيص قانوني أو دراسة لتأثيره البيئي.
وأثبتت المراسلات أن هذا البئر، الواقع على بعد 100 متر من 'العين الصغيرة'، تسبب في انخفاض مقلق لمنسوب المياه، بل وجفافه الكامل في فترات متفرقة، ما أدى إلى حرمان العديد من الأسر من مياه الشرب لأيام متتالية.
وأوضحت الوثائق الرسمية أن الشخص المعني يستغل البئر بكميات كبيرة ودون أي ترخيص ساري، رغم صدور قرار رسمي سنة 2013 يقضي بسحب رخصة الحفر، إضافة إلى خلاصات اجتماع رسمي بتاريخ 4 شتنبر 2020، أوصت بوقف الضخ الفوري بعد رصد خروقات تقنية وقانونية، إلا أن القرار ظل معلق التنفيذ إلى اليوم، لأسباب وصفتها الساكنة بـ'غير المفهومة'.
وتجاهلت الجهات المسؤولة، بحسب المعطيات ذاتها، نداءات الساكنة المتكررة، رغم توجيهها لعدد كبير من الشكايات والمراسلات إلى كل من المدير الإقليمي للتجهيز والنقل والماء بخريبكة، ورئيس دائرة وادي زم، وقائد قيادة السماعلة، ومدير وكالة الحوض المائي لأبي رقراق الشاوية، ومدير وكالة الحوض المائي لأم الربيع، دون أن يسجل أي رد فعل رسمي أو تدخل ميداني لإنصاف المتضررين.
وزادت حالة الصمت الإداري من حجم الاحتقان داخل أوساط السكان، الذين اضطروا إلى اللجوء لمصادر بعيدة أو انتظار صهاريج متنقلة لتأمين حاجاتهم اليومية من الماء، رغم أن منبع 'عين تنتكارث' يقع على مرمى حجر من بيوتهم وكان يكفي لتغطية حاجاتهم لسنوات.
وأكدت تصريحات متفرقة أدلت بها الساكنة لجريدة 'العمق' أن عدم التعامل الجدي مع هذا الملف لا يفسر فقط بالتقصير الإداري، بل يرتبط، حسب قولهم، بنفوذ قوي يتمتع به الشخص المستغل للبئر، وهو ما مكنه من تجاوز القرارات القانونية والإدارية دون محاسبة، ودون أن يجرؤ أي مسؤول محلي على التدخل لإيقاف ما وصفوه بـ'العبث بالموارد الطبيعية'.
ورجح عدد من المتضررين أن تكون علاقات الشخص المذكور مع جهات نافذة سببا مباشرا في استمرار الوضع على حاله، رغم تعدد الشكايات ووضوح التقارير التقنية، ما ولد شعورا واسعا بالظلم والإحباط لدى الساكنة، التي عبرت عن فقدانها للثقة في فعالية المؤسسات المعنية بحماية حقوق المواطنين.
وتفاقمت الأزمة أكثر في ظل الوضع البيئي الهش، حيث تشهد جماعة البراكسة، خصوصا دواويرها القروية، انخفاضا عاما في مستوى المياه الجوفية بسبب سنوات الجفاف المتتالية، ما يجعل من كل استغلال غير مشروع للمياه تهديدا صريحا للأمن المائي المحلي.
ورفعت الساكنة، في ختام مراسلاتها، مطلبا عاجلا بتدخل السلطات الإقليمية في شخص عامل عمالة خريبگة، لإيقاف النزيف الحاصل في منبع 'عين تنتكارث'، وتفعيل قرارات سابقة صدرت بإغلاق البئر، وفتح تحقيق نزيه وشفاف في أسباب استمرار هذا الوضع غير القانوني، مطالبة ' بإيفاد لجنة محايدة للمعاينة المباشرة واتخاذ ما يلزم من إجراءات لوقف الاستغلال الجائر للمورد المائي الوحيد بالمنطقة.'