مصر – نبض السودان

في تطور لافت يعكس التحرك الرسمي الحاسم، أعلنت وزارة التربية والتعليم في مصر، عن إقالة مديرة مدرسة الكرمة للغات الخاصة بدمنهور، وذلك فور صدور حكم بالسجن المؤبد بحق المتهم في قضية هتك عرض الطفل ياسين، التي هزت الرأي العام المصري.

قرار الإقالة الرسمي بعد الحكم القضائي

أوضحت الوزارة في بيان رسمي أنه بمجرد صدور حكم محكمة جنايات دمنهور اليوم، تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لإقالة مديرة المدرسة. كما تم الإعلان عن تشكيل لجنة متخصصة لمراجعة أعمال المدرسة بشكل كامل خلال الفترة الماضية، ورفع تقرير عاجل عن نتائج التحقيق.

ويأتي هذا القرار في إطار مسؤولية الوزارة المباشرة تجاه حماية الطلاب، وضمان وجود رقابة إدارية وتعليمية حقيقية داخل المؤسسات التعليمية الخاصة.

صدمة مجتمعية بعد تفاصيل الواقعة

تعود الواقعة إلى فبراير 2024، حين تفجرت تفاصيل جريمة بشعة داخل إحدى دورات المياه بمدرسة خاصة للغات في دمنهور، تورط فيها أحد مسؤولي المدرسة الذي قارب على الثمانين من عمره، وقام بـ هتك عرض الطفل ياسين، البالغ من العمر 5 سنوات، مرارًا بمساعدة إحدى العاملات بالمدرسة.

القضية التي فجرتها أسرة الطفل بتحرك قانوني، سرعان ما انتقلت إلى ساحة النيابة العامة التي أحالتها إلى محكمة الجنايات، وسط موجة من الغضب الشعبي والتفاعل الإعلامي الكبير.

الحكم القضائي.. المؤبد للمتهم

في جلستها الأخيرة، أصدرت محكمة جنايات دمنهور – الدائرة الأولى، حكمًا يقضي بـ السجن المؤبد 25 عامًا على المتهم 'ص. ك' البالغ من العمر 79 عامًا، وذلك بعد ثبوت التهم عليه، بناءً على تقارير طبية وشهادات شهود.

وكانت هيئة المحكمة قد تحفظت على المتهم منذ بداية المحاكمة، والتي اقتصرت على حضور الطفل المجني عليه وأسرته، إضافة إلى المتهم وفريق الدفاع وشهود الواقعة.

تقرير الطب الشرعي يدين المتهم

صرّح عصام مهنا، محامي الطفل المجني عليه، بأن تقرير الطب الشرعي أثبت بما لا يدع مجالًا للشك، تعرض الطفل للاعتداء. كما أشار إلى أن الطفل تعرف بنفسه على المتهم أمام القاضي، وهو ما عزز من موقف القضية وأدى إلى هذا الحكم الرادع.

وأوضح مهنا أن الأسرة، وخصوصًا والدة الطفل، خاضت معركة قانونية شرسة طيلة عام كامل، من أجل ضمان معاقبة الجاني، واستعادة كرامة طفلها وحقه القانوني.

حملة مجتمعية لدعم الضحية

وفي أعقاب كشف تفاصيل الواقعة، أطلق أولياء الأمور والمواطنون في البحيرة ومختلف أنحاء مصر حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم: 'حق ياسين لازم يرجع'، تعبيرًا عن تضامنهم الكامل مع الطفل الضحية، والمطالبة بمحاسبة جميع المسؤولين المتورطين أو المتقاعسين عن حماية الأطفال في المؤسسات التعليمية.

وقد لاقت هذه الحملة دعمًا واسعًا من فنانين وإعلاميين وحقوقيين، مطالبين بتشديد الرقابة على المدارس الخاصة واتخاذ إجراءات رادعة ضد أي مسؤول يتقاعس عن حماية الأطفال.

تحقيقات موسعة ومحاسبة شاملة

وبحسب مصادر مطلعة، فإن اللجنة التي شكلتها وزارة التعليم ستراجع جميع ملفات التعيين والمراقبة داخل المدرسة، إلى جانب مراجعة الكاميرات وأنظمة الإشراف، خاصة وأن الجريمة وقعت داخل دورة مياه المدرسة خلال اليوم الدراسي.

ويرجّح أن تمتد التحقيقات لتشمل العاملين في المدرسة، وعلى رأسهم المسؤولة التي يُشتبه بأنها شاركت أو سهّلت للمتهم ارتكاب جريمته.

هل يكشف التحقيق عن شبكة إهمال أوسع؟

القرار بإقالة مديرة المدرسة ليس نهاية المطاف، بل هو بداية لتحقيق أوسع يتوقع أن يكشف عن منظومة إدارية مهترئة أو متواطئة، خصوصًا مع وقوع الحادث داخل مؤسسة تعليمية يُفترض أنها تحت رقابة صارمة من وزارة التعليم وجهات الأمن.

وتدعو الأصوات الحقوقية إلى إصدار مدونة أخلاقيات ملزمة لجميع المدارس الخاصة، تشمل ضوابط صارمة حول آليات التوظيف، وأماكن مراقبة الأطفال، والإبلاغ الإجباري عن أي شبهة تحرش أو اعتداء.