قدّمت وزارة الداخلية، اليوم الخميس، معطيات محينة تكشف في جزء منها تفاصيل الأحداث المأساوية التي طبعت ليلة الأربعاء وحوّلت أحياء بمدن سلا والقنيطرة وإنزكان ومراكش ووجدة إلى ما يشبه ساحات حرب كانت المواجهات فيها بين جانحين ملثمين والقوات الأمنية على أشدها، بينما ألسنة اللهب تشتعل في وكالات بنكية ومحلات تجارية وسيارات عامة وخاصة.

منحى تصاعدي

أول ما يثير الانتباه في هذه الاحتجاجات التي انطلقت سلمية منذ اليوم الأول، أي السبت الفائت، بملف يحمل مطالب لا تتجاوز تجويد الصحة والتعليم، وظلت ملتزمة بطابعها رغم استعمال القوة لفض المشاركين فيها، أنها اتخذت أربعة أيام بعد ذلك، أي بداية من ليلة الثلاثاء، منحى تصعيديا تصفه وزارة الداخلية بـ'الجسيم والغريب'، حيث تحولت إلى تجمهرات مست بالأمن والنظام العامين، تخللتها أعمال عنف وشغب خطيرة، انخرطت فيها بشكل مثير للاستغراب أعداد كبيرة من القاصرين، تعدت في المجمل نسبة 70 في المائة وبلغت في أحيان متعددة نسبة 100 في المائة من المجموعات المشاركة.

ورصدت وزارة الداخلية استعمال أسلحة بيضاء والرشق بالحجارة وتفجير قنينات للغاز وإضرام النيران في العجلات المطاطية، بمشاركة نسب كبيرة من الأطفال والقاصرين، كما عرفت في مناطق متفرقة، توضح وزارة الداخلية، أبعادا أشد جسامة وأكثر خطورة، بانخراط المشاغبين في عمليات هجوم، باستعمال الأسلحة البيضاء، واقتحام واكتساح بنايات مملوكة للدولة ومقرات مصالح أمنية.

محاولة استيلاء فاشلة على السلاح انتهت بسقوط أرواح

توقفت وزارة الداخلية عند التطور الدرامي وغير المسبوق الذي عرفته الاحتجاجات بمنطقة القليعة التابعة ترابيا لعمالة إنزكان أيت ملول ليلة أمس الأربعاء، حيث حاولت مجموعة من الأشخاص الاستيلاء على الذخيرة والعتاد والأسلحة الوظيفية الموضوعة رهن إشارة هذه المصالح، مما اضطر عناصر الدرك الملكي إلى استعمال السلاح الوظيفي.

وحرصت وزارة الداخلية على التأكيد أن تدخل عناصر الدرك الملكي كان في إطار الدفاع الشرعي عن النفس، ما أسفر عن تسجيل 3 وفيات، وإصابة أشخاص آخرين.

حصيلة ثقيلة 

بخصوص الإصابات في صفوف موظفي حفظ النظام، فقد تم تسجيل إصابة 354 شخصا بجروح متفاوتة الخطورة، من بينهم 326 عنصرا من القوات العمومية، وإلحاق أضرار مادية جسيمة بـ271 عربة تابعة للقوات العمومية و175 سيارة مملوكة للخواص، بالإضافة إلى أعمال اعتداء وتخريب ونهب طالت حوالي 80 من المرافق الإدارية والصحية والأمنية والجماعية والوكالات البنكية والمحلات تجارية بـ23 عمالة وإقليم.

وأكدت الوزارة أنه تمت مباشرة المساطر القانونية اللازمة في مواجهة الأشخاص المشتبه في تورطهم في هذه الأفعال المجرمة، وذلك تحت إشراف النيابة العامة المختصة، حيث جرى وضع عدد من الرشداء تحت تدابير الحراسة النظرية، في حين تم إخضاع الأحداث لتدابير الاحتفاظ، وذلك لضرورات البحث، وذلك في تقيد صارم بكافة الضمانات والضوابط الإجرائية المنصوص عليها، وبما يضمن صون الحقوق والحريات المكفولة قانونا.

وأشارت الوزارة إلى أنها ستواصل تنفيذ العمليات النظامية والأمنية الرامية إلى توقيف كافة المتورطين في أعمال العنف والشغب، وذلك بما تقتضيه المسؤولية الملقاة على عاتقها من حزم وصرامة في مواجهة كل الأفعال المخالفة للقانون، وبما يستلزمه ذلك من احترام صارم للاختصاصات والصلاحيات المخولة وللمقتضيات القانونية الواجبة التطبيق.

كما سيتم اتخاذ جميع التدابير القانونية اللازمة، من دون توان أو تساهل، مع كل من يثبت تورطه في أفعال أو تصرفات مجرمة قانونا، وذلك بترتيب المسؤوليات والآثار القانونية الناشئة عنها، وفقا للإجراءات والمساطر المقررة وتحت إشراف النيابة العامة.