تحول دراماتيكي خطير ذلك الذي تشهده الاحتجاجات العارمة التي يقودها الشباب في عدد من المدن المغربية بدعوة من حركة 'جيل Z'، فعلى خلاف الطابع السلمي الذي ميز مظاهرات نظمت بشكل متزامن من مساء يوم الأربعاء بكل من مدن الدار البيضاء، تطوان، طنجة وفاس؛ عرفت مدن مثل سلا والقنيطرة واشتوكة آيت باها ومراكش والقليعة ضواحي أكادير، أعمال شغب وتخريب ومواجهات عنيفة بين محتجين ملثمين وقوات الأمن، تطورت إلى استعمال الرصاص الحي وسقوط أرواح.

فبالرغم من خفوت حدة التدخل الأمني الذي صاحب هذه الاحتجاجات منذ انطلاقتها السبت الماضي، إلا أنه تم تسجيل ليلة الأربعاء أعمال تخريب بمدينة سلا، كان 'حي الأمل' مسرحا لها، حيث تم إضرم النار في سيارات للشرطة كانت مركونة في الشارع العام، كما اقتحم الجانحون محلات تجارية ووكالات بنكية وقاموا بتخريبها غير مقدرين لعواقب ما يقترفون من جرم يضعهم أمام المساءلة القانونية، علما أن ما كانت تصنع أيديهم توثقه عدسات الكاميرا بالصوت والصورة.

لكن أكثر المشاهد قسوة هي تلك القادمة من القليعة التابعة لعمالة إنزكان آيت ملول، والتي اهتزت على سماع دوي أعيرة نارية، مثلما أظهرت ذلك مقاطع فيديو منتشرة على 'فيسبوك'، ليتبين أن الأمر يتعلق بمحاولة بعض المحتجين اقتحام مركز للدرك الملكي، ما دفع عناصره إلى استعمال السلاح الوظيفي لصد عملية الهجوم، ما أسفر عن مقتل شخصين، فيما أصيب آخرون أثناء مشاركتهم في هذا الهجوم.

وأفادت السلطات المحلية بعمالة إنزكان آيت ملول، في بلاغ نشرته بعد منتصف الليلة، أن هؤلاء المحتجين كانوا مدججين بأسلحة بيضاء وحاولوا الاستيلاء على الذخيرة والعتاد والأسلحة الوظيفية لرجال الدرك بعدم استولوا أولا على سيارة وأربع دراجات نارية تابعة لمصالح الدرك الملكي وأضرموا النار في جزء من بناية المركز، كما أنهم عمدوا، ضمن مجموعات من الأشخاص، إلى الانخراط في أعمال عنف وشغب من خلال رشق مركز الدرك الملكي بالحجارة واقتحامه، قبل أن تتمكن العناصر الأمنية من صدهم بادئ الأمر باستعمال قنابل مسيلة للدموع، وذلك في إطار الدفاع الشرعي عن النفس، ثم استعمال الرصاص الحي.

ويلاحظ أن هذه الأحداث الدامية توالت مباشرة بعد ورود أنباء تفيد بأن تعليمات وجهتها وزارة الداخلية إلى مصالحها بمختلف مدن المملكة بالتعامل بمرونة مع غليان الشارع، بعد مرور أربعة أيام من إعمال مقاربة أمنية متشددة، تجسدت في حملة توقيفات ومتابعات قضائية شملت 193 شخصا، مع اعتقال 409 أشخاص آخرين ووضعهم تحت تدابير الحراسة النظرية بتعليمات من النيابة العامة التي أكد مسؤول رفيع بها أن توجيهات أعطيت في الساعات الأخيرة من يوم الأربعاء إلى النيابات العامة بمختلف محاكم المملكة، للتعامل بمنتهى الصرامة والحزم مع أعمال التخريب وإضرام النار والعنف.

وهكذا، فسيتم التقدم للمحكمة بملتمسات من أجل إيقاع عقوبات رادعة في حق مرتكبيها، علما أن الأفعال المذكورة قد تصل عقوبتها إلى 20 عشرين سنة سجنا، وإذا اقترنت ببعض الظروف قد تصل إلى السجن المؤبد.

وقبل انطلاق الاحتجاجات مساء الأربعاء، دعت مجموعة 'جيل زد' الشباب إلى الحفاظ على سلمية الاحتجاجات، وحثت السلطات على احترام حق الاحتجاج والتعبير.