كان مدينةُ السينما بامتيازٍ. في مايو من كلِّ عامٍ، تستقبلُ ألمعَ الممثِّلين والمخرجين والمنتجين وصنَّاعِ الفنِّ السابع لإضفاءِ إيقاعٍ خاصٍّ على حياةِ المدينةِ الهادئةِ خارجَ الموعدِ المذكور، ويتجوَّلوا في شارعها الأسطوري «لا برومناد»، ويقيموا في فنادقها المميَّزة، ويرتشفوا قهوتهم على شرفاتها وشواطئها، ويصعدوا على درجاتِ قصرِ المهرجاناتِ الشهير، ويتمايلوا على السجَّادةِ الحمراء.

تستقطبُ مدينةُ كان، لما تتمتَّعُ به من مقوِّماتٍ سياحيَّةٍ، عديداً من الرحَّالةِ وهواةِ السفر، من بينهم نُهيلة، المعروفةُ بـ nouhas_garden على منصَّةِ إنستجرام، وهي هاويةُ سفرٍ مغربيَّةُ الأصلِ فرنسيَّةُ الجنسيَّة، وتقيمُ في باريس. زارت نُهيلة كان أكثر من مرَّةٍ، لأنها ترى فيها «توازناً مثالياً بين الفخامةِ والهدوء، وبين التاريخِ والطبيعة»، كما تذكرُ لـ «سيدتي». تتابعُ: «كلُّ زيارةٍ، شكَّلت تجربةً مختلفةً. أحياناً حرصتُ على اكتشافِ زوايا المدينةِ القديمة، وفي أخرى، أردتُ الهروبَ من صخبِ الحياةِ اليوميَّة. لأنني أعيشُ في باريس، فإن قضاءَ بعض الوقتِ في كان، يمنحني إحساساً بالتحرُّر، وهي بالنسبةِ لي أكثر من وجهةٍ سياحيَّةٍ. إنها استراحةٌ ذهنيَّةٌ وجسديَّةٌ من إيقاعِ العاصمةِ السريع». وتضيفُ: «المشي على شاطئ البحرِ، واستنشاقُ هواءِ الريفييرا، والاستمتاعُ بنمطِ الحياةِ الهادئ، كلُّ ذلك يعيدُ إليَّ الصفاءَ الداخلي. في كلِّ مرَّةٍ، أعودُ فيها إلى كان، أجدُ هناك شيئاً جديداً، إمَّا في أحدِ الأسواقِ المحليَّة، أو في رحلةٍ قصيرةٍ إلى جزيرةٍ قريبةٍ، أو حتى في لحظةِ تأمُّلٍ عند الغروب، لذا تبقى من وجهاتي المفضَّلةِ التي لا أملُّ من زيارتها».

يمكنك متابعة كان ملاذ راق على الريفييرا الفرنسي في عدد 'سيدتي'.

محطات جاذبة في كان

«كان» غنيَّةٌ بالأماكنِ السياحيَّةِ التي تستحقُّ الزيارةَ مثل قصرِ المهرجانات حيث ينظَّمُ مهرجانُ كان السينمائي الشهير، والميناءِ القديم الذي يحتفظُ بسحره التقليدي، وشارعِ لا كروازيت الأنيق مُمثِّلاً القلبَ النابضَ للمدينة، لكنْ ما يجعل كان فريدةً، هو موقعُها الاستراتيجي، فهي نقطةُ انطلاقٍ مثاليَّةٌ لاكتشافِ الريفييرا الفرنسيَّة:

وحسبَ نُهيلة، تفتحُ زيارةُ كان البابَ أمامَ تجربةٍ متكاملةٍ على امتدادِ الساحلِ الجنوبي لفرنسا.

نشاطات سياحية منوعة

تُقدِّم مدينةُ كان أنشطةً منوَّعةً، تناسبُ السيَّاحَ من كلِّ الأعمار، فبالنسبةِ للعائلاتِ هناك الشواطئ، والرحلاتُ البحريَّةُ للجزر، والأسواقُ المحليَّة، وللأزواجِ، يمكن قضاءُ لحظاتٍ رومانسيَّةٍ على الكروازيت، أو في أي مطعمٍ يطلُّ على البحر، وللشبابِ تبرزُ الرياضاتُ المائيَّةُ الجاذبة، والتسوُّقُ من المتاجرِ العصريَّة، أو بوتيكاتِ العلاماتِ الفاخرة، أمَّا لكبارِ السنِّ، فيبدو كلٌّ من الجولاتِ الثقافيَّة، والمشي في الحدائقِ، وزيارةِ القرى القريبةِ رحلةً جميلةً. وتوضحُ نُهيلة: «التسوُّقُ جزءٌ أساسٌ من تجربةِ كان سواء بين بوتيكاتِ المصمِّمين العالميين على الكروازيت، أو المتاجرِ المحليَّةِ في أزقَّة لو سوكيه». وتستطردُ: «السياحةُ في كان، تُربطُ بالفخامةِ غالباً، لكنَّها في الواقعِ، تناسبُ كلَّ الميزانيَّات. بصفتي مهتمَّةً بالسفرِ منذ أيَّامِ دراستي، أؤمنُ بأن كلَّ وجهةٍ، يمكن استكشافها بطريقتَين: برفاهيَّةٍ، أو بميزانيَّةٍ محدودةٍ. الأمرُ هنا، يعتمدُ على نمطِ المسافر، وما يبحثُ عنه. في كان تحديداً، يمكن الإقامةُ في فندقٍ فاخرٍ، أو شقَّةٍ صغيرةٍ، وتناولُ الطعامِ في مطاعمَ راقيةٍ، أو محليَّةٍ ذات أسعارٍ معقولةٍ، لذا هي وجهةٌ، تناسبُ الجميع، الأزواجَ، والعائلاتِ، والشبابَ، وحتى كبارَ السنِّ، إن كان بهدفِ الاسترخاءِ، أو الاستكشاف».

وعن التنقُّلِ في المدينة، تذكرُ نُهيلة: «يعدُّ المشي الوسيلةَ الأفضل داخل كان، فكلُّ العناوين قريبةٌ من بعضها نسبياً، لكنْ تتوفَّرُ خدمةُ الحافلاتِ المحليَّة، وهي فاعلةٌ جداً، وهناك أيضاً محطَّةُ قطارٍ، تتيحُ التنقُّلَ بسهولةٍ إلى نيس، وأنتيب، وموناكو، أو حتى إيطاليا، ولمَن يرغبُ في حريَّةٍ أكثر، يمكن استئجارُ سيارةٍ لاكتشافِ القرى والشواطئ الخفيَّةِ على طول الساحل. كذلك، تتوفَّرُ خدمةُ السياراتِ مع سائقٍ حسبَ الحاجة، أما العَبَّاراتُ، فهي وسيلةٌ ممتعةٌ للذهابِ إلى الجزر، خاصَّةً جزيرةَ سانت مارجريت».

كان وجهة فنية بامتياز

تصفُ نُهيلة ثقافةَ كان بمزيجٍ أنيقٍ بين الفنِّ، والبحرِ، والهدوءِ الفرنسي الأصيل، فالمدينةُ كما تُبيِّن «تنبضُ بالفنِّ في كلِّ زاويةٍ، من المهرجاناتِ العالميَّةِ إلى المعارضِ الفنيَّة، ووصولاً إلى الرسومِ الجداريَّةِ التي تُزيِّن بعض الشوارع. كان، تُقدِّر التفاصيل، وتُشجِّع على التمتُّعِ بالحياةِ ببساطةٍ وذوقٍ. سواء في المقاهي، أو الأسواقِ، أو الأحاديثِ اليوميَّةِ مع السكان هناك دفءٌ واضحٌ، وودٌّ، يشعرُ به الزائر على الفور. الثقافةُ في كان متأثِّرةٌ كثيراً بجغرافيا المكان، بالبحرِ، والضوءِ الطبيعي الساحر، والطابعِ المتوسطي الذي ينعكسُ في أسلوبِ الحياةِ والطعام».

المطبخ والإقامة في كان

يعكسُ المطبخُ في مدينةِ كان روحَ الجنوبِ الفرنسي، ويتميَّزُ بنكهاتٍ بسيطةٍ، لكنَّها غنيَّةٌ. من بين الأطباقِ التي تنصحُ نُهيلة الزائرين بتجربتها فطيرةُ La Socca الرقيقةُ من دقيقِ الحمّص، والشهيرةُ في المنطقة، وحساءُ السمكِ التقليدي المتوسطي Bouillabaisse، إضافةً إلى أطباقِ الأسماكِ والمأكولاتِ البحريَّة الطازجة المنتشرةِ في المطاعمِ الصغيرة، والأجبانِ الفرنسيَّة، وزيتِ الزيتون، والخبزِ الطازج، وهي تُقدَّم غالباً بوصفها مُقبِّلاتٍ. تقولُ نُهيلة للسيَّاحِ الذين يُحبُّون فنونَ الطعام، ويُخطِّطون لزيارةِ كان في وقتٍ قريبٍ: «الجميلُ في كان، أن الطعامَ ليس لذيذاً فقط، بل ويُقدَّم دائماً بأسلوبٍ راقٍ ومُعتنى به».

وتنصحُ الزائرين باختيارِ مكانِ الإقامةِ في المدينةِ حسبَ نوعِ التجربةِ التي يبحثون عنها «فمَن يُفضِّل الأجواءَ الحيويَّة، والقربَ من كلِّ شيءٍ، يمكنه الإقامةُ وسطَ المدينة، أو على الكروازيت، أمَّا الباحثُ عن الهدوءِ ففندقٌ صغيرٌ، أو شقَّةٌ في المرتفعاتِ المطلَّةِ على البحر قد يفي بالغرض، ومَن يُخطِّط لاكتشاف الريفييرا، يُفضَّل أن يقيمَ قربَ محطَّةِ القطار. ومن المهمِّ الحجزُ مبكراً، خاصَّةً في موسمِ المهرجاناتِ، والصيف، إذ ترتفعُ الأسعار، وتصبحُ الخياراتُ محدودةً».