×



klyoum.com
lifestyle
لايف ستايل  ١٧ كانون الأول ٢٠٢٥ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

klyoum.com
lifestyle
لايف ستايل  ١٧ كانون الأول ٢٠٢٥ 

قم بالدخول أو انشئ حساب شخصي لمتابعة مصادرك المفضلة

ملاحظة: الدخول عن طريق الدعوة فقط.

تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

موقع كل يوم »

لايف ستايل

»حياتنا» ال عربية»

أحلام مؤجَّلة

ال عربية
times

نشر بتاريخ:  الثلاثاء ١٦ كانون الأول ٢٠٢٥ - ٠٠:١٧

أحلام مؤجلة

أحلام مؤجَّلة

لايف ستايل

موقع كل يوم -

ال عربية


نشر بتاريخ:  ١٦ كانون الأول ٢٠٢٥ 

شعرتُ بمزيج غريب مِن المشاعر وأنا أمرُّ ببطء في منزل والدَيَّ، مزيج مِن الحنين المُسبَق والتوتّر، والإثارة الممزوجة بالخوف البارِد. كنتُ أستعِدّ للانتقال إلى المنزل الزوجيّ، فلَم يتبقَّ سوى أسبوع واحِد على زفافي مِن منير، وفي هذا اليوم بالذات، كان عليَّ أن أنتهي مِن تجميع كلّ ما يخصُّني مِن الغرفة التي قضَيتُ فيها سنوات حياتي كلّها.

بدأتُ بصندوق الذكريات، ثمّ الكتب المدرسيّة، وصولاً إلى الخزانة الخشبيّة القديمة. انحنَيتُ أمام آخِر درج فيها، ذلك الدرج الذي لَم أفتَحه منذ سنوات، والذي لَم يكن أحَدٌ يعلَم بوجوده أصلاً. سحَبتُ الدرج بقوّة، فظهرَ أمامي، تحت كومة مِن الأوراق والغبار، دفتر بلون بنفسجيّ باهِت، وعلى غلافه نجمة ذهبية كنت قد رسمتُها بِيَدي عندما كنتُ في السادِسة عشرة. كان على الغلاف مكتوبًا بخطّي القديم: 'يوميّات هند - لا يُفتح إلا بإذن خاص!'.

ابتسمتُ ابتسامةً باهِتة... يومياتي القديمة... كنت قد نسيتُ أمرها تمامًا، وكأنّها تخصُّ شخصًا آخَر. جلَستُ على الأرض وفتحتُ الدفتر بتردّد، وخرجَت منه رائحة الورق القديم، فبدأتُ أقرأ: 'أكتبُ هنا، في هذا الدفتر السرّيّ جدًا، لأنّني أعلَم إن كان سيصدِّقني أحَد إذا تحدّثتُ بصوت عالٍ. فأبي وأمي يقولان لي دائمًا: 'حلمُكِ كبير يا هند، الواقع أبسَط بكثير'. لكنّني لا أريد هذا الواقٍِع البسيط! أريدُ أن أكون محاميةً بكلّ ما للكلمة مِن معنى! تلك التي تقِف بصلابة وثقة في قاعة المحكمة، قويّة، لا تهاب أحَدًا، وتصرخُ بكل قوّتها في وجه الظُلم. أريدُ أن أرتدي البدلة الرسمية الأنيقة، وأحمِل حقيبة جلديّة، وأعودُ إلى البيت في المساء بعد أن أكون قد انتشَلتُ مظلومًا أو مظلومةً مِن الإدانة الباطِلة. يا إلهي، ما أجمَل أن يكون للحياة التي أعيشُها معنى وقيمة! حلمي هذا هو كل شيء بالنسبة لي، وهو ما يُعطيني الدافِع للاستمرار.'

شعَرت بغصّة في قلبي وأنا أرى كَم كانت كلماتي مُفعمةً بالشغف والطموح حينها. لكنّ الحقيقة المُرّة كانت مكتوبة أيضًا بعد فترة وجيزة: 'لقد ضاعَ اليوم سُدىً مرةً أخرى، ضاعَت ساعتان كامِلتان في التفكير المُعقّد في المادّة التي يجِب عليَّ أن أختارها. أبي يريدُني بشدّة أن أكون موظفةً في أيّ شركة، 'وظيفة مضمونة ومستقبل آمِن' كما يُكرِّر دائمًا. وأمّي تخافُ عليَّ مِن 'صعوبة مهنة المحاماة ومتاعبها التي لا تنتهي'. الكلّ يطلب منّي أن أختار الطريق الأسهل، الطريق الذي لا يتطلّب الكثير مِن الجهد أو المجازفة. هل أنا خائفةٌ إلى هذا الحدّ مِن الفشَل؟ هل أنا كسولة كما يصفونَني؟ ربّما لو كان لديهم القليل مِن الإيمان الصادِق بي، لكنتُ أقوى وأكثر تصميمًا. لكنّني، ولسبب غامِض، أستمِع لهم وأطيعُهم. سأُكمِل صفوفي المدرسيّة، ثمّ أبحَث عن وظيفة هادئة ومُريحة. ربّما كانت المحاماة مجرَّد حلم طائش مِن أحلام المراهقة.'

توقَّفتُ عن القراءة، وأغلَقتُ الدفتر للحظة. نظرتُ حولي في الغرفة، هذا المكان كان شاهدًا على الأحلام الكبيرة وعلى الاستسلام الصغير، فشعرتُ بغصّة مؤلِمة في حَلقي. 'موظّفة بسيطة في شركة بسيطة'، هذا هو واقعي الذي أعيشُه الآن.

ثمّ وقَعَ نظري على ورقة سقطَت أرضًا حين أخذتُ الدفتر مِن الدرج، ورقة كتبتُ عليها ما يُقلِقُني، وكأنّها محاولة أخيرة لأُخفِّف عن نفسي. كانت الأحداث تعودُ إلى أوّل فترة مِن تعارفي بمنير، أيّ مِن أربع سنوات، ونسيتُ كلّيًا أمرها، ربّما لأنّ عقلي الباطنيّ أرادَ أن أنسى ما دوَّنتُ عليها: 'أكتبُ للمرّة الأخيرة... فلقد تعرّفتُ على منير، رجُل طيّب في المُجمَل، جديٌّ، يُعتمَد عليه. الكلّ يحبُّه، وخاصّة عائلتي، فهم يرون فيه نموذجًا للاستقرار. لكن... لكنّه ليس... ليس فارِس الأحلام الذي يسكنُ بالي. ففارِس أحلامي مُثقّفًا بشكل عميق، مُتمرِّدًا، يؤمِن بالحرية وقوّة الرأي المستقِل، يرى في عمَلي رسالةً حقيقيةً لا مُجرّد مصدر دَخل شهريّ. منير... منير رجُل تقليديّ جدًّا، جامِد ومُتمسِّك بالقديم، يعشقُ النظام والروتين القاتِل. هو يُريدُني زوجةً 'على قدر المسؤولية' كما يكرِّر دائمًا. يُريدُني أن أعتني بالمنزل أوّلًا وقَبل كلّ شيء، والوظيفة تأتي ثانيًا، أمّا الأحلام... فلا مكان لها في قاموسه الجامِد. سأرتدي يوم زفافي فستانًا يختارُه حتمًا هو، وأتحدَّث بطريقة يقبَلها هو. أمّا بالنسبة لعائلته... فهم لا يشعرون براحة تجاهي أبدًا وعندما أذهب لزيارتهم، أشعرُ بنظرات والدته التي تفحَص كلّ تفاصيل حياتي... يقولون إنّني 'متحرِّرة' أكثر مِن اللازم، وهذا يثيرُ قلَقهم. مُتحرِّرة؟!؟ يا إلهي، أنا هند الموظّفة الخجولة، كيف يسمّونَني مُتحرِّرة؟ لكنّني لا أُجادِل ولا أُدافِع عن نفسي، بل أُصمُت وأتقبَّل. فأنا أتغيَّر رغمًا عنّي وأرتدي قناعًا سميكًا لا يشبهُني. لماذا يا هند؟ لماذا أنا على علاقة برجُل لا يشبهُني على الإطلاق؟ لماذا أستسلمِ بهذه السهولة؟ ربّما لأنّني لا أملُك الشجاعة الكافية لأقول: لا، سأذهب وأدرُس القانون... سأبدأ مَن جديد بكلّ ما لدَيّ مِن قوة!'

رمَيتُ الدفتر والورقة بعيدًا عنّي، وكأنّني أتخلّص مِن ماضٍ مؤلم. نهضتُ ومُشيتُ نحو النافذة المُطِلّة على الحديقة الصغيرة. شعرتُ بدموع مُرّة تنهمِر على خدًّي، فلَم أكن أبكي مِن الحزن على ما فاتَني، بل مِن الغضب الشديد على ما أنا مُقبلة عليه: مُقبِلة على حياة طويلة مع منير، إنسان صَلبٌ كالصخر، صارِم، لا يعرفُ معنى المُغامرة أو التجديد. فعندما أتحدَّث عن عمَلي أو طموحي، يبتسِم ابتسامة باهِتة ويقول: 'المرأة مكانها الأساسيّ هو البيت يا هند، وعمَلها يجِب أن يكون ضمن الحدود الضيّقة'. لقد أحبَبته لِجدّيته، لكونه يُمثِّل 'الأمن' و'المضمون'، عكس كلّ أحلامي التي كانت تبدو 'مغامرةً وغير مضمونة النتائج'. لكنّني لَم أُحِبّه بالطريقة التي كنتُ أحلم بها لنفسي. هو ليس شريك الحياة والأحلام، بل هو... القَيد الذهبيّ الذي سأسلِّم له حياتي بالكامل.

شعَرتُ أنّ الفتاة الصغيرة ذات النجمة الذهبيّة على الدفتر تصرخُ بعنف بداخلي الآن. 'هل هذا هو مصيرُنا الأبديّ؟ أن نكون نسخةً باهِتةً مِن إنسان آخَر؟ أن نعيش حياةً مِن اختيار الآخَرين بدَلًا مِن اختيارنا؟' تذكَّرتُ نفسي وأنا أقِف أمام المرآة، أتدرَّب على الدفاع القويّ عن الحق. لماذا تخلّيتُ عن المُحاماة؟ خوفًا مِن الفشَل؟ خوفًا مِن الرفض العائليّ؟ كسَلًا خوفًا مِن بذل الجهد الإضافيّ؟ نعم، كلّ ذلك كان جزءًا مِن الأسباب. لكنّني اليوم، وأنا على وشك الزواج، أدركُ أنّ الاستسلام لهذا الخوف أسوأ بكثير مِن الفشَل المؤقّت. الزواج مِن منير كان هروبًا يائسًا، وليس قرارًا نابعًِا مِن القلب. كان اختيارًا للسهولة، وليس اختيارًا للذات.

نظَرتُ إلى اليوميّات والورقة مرةً أخرى... 'سأرتدي قناعًا'، هذه الكلمات كانت كافية لاتّخاذ قراري الحاسِم، قرارًا قويًّا وغير متوقَّع على الإطلاق، لكنّه كان صادِقًا مع تلك الفتاة الصغيرة التي لَم يؤمِن بها أحَد.

مسَحتُ دموعي بسرعة، ووقفتُ مُنتصِبة القامة بشموخ. لَم أعُد هند الموظّفة الخجولة التي ترضَخ، بل كنتُ هند، المحامية المستقبليّة، تستعِدُّ للدفاع عن قضيّتها الأولى والأهمّ على الإطلاق: حياتها.

أخَذتُ هاتفي، وكتبتُ رسالة قصيرة ومُختصرة لمنير، رسالةً هادئةً في ظاهِرها، مُهذّبة، ولكن لا رجعة فيها: 'منير، أعتذر بشدّة عن هذا القرار لكنّني لا أستطيع أن أستمِرّ في هذه العلاقة. هناك حلم قديم جدًّا بداخلي ينتظرُ أن أُقاتِل بكلّ قوّتي مِن أجله الآن. أتمنّى لكَ كلّ الخَير والتوفيق في حياتكَ.'

أغَلقتُ الهاتف ثمّ ذهبتُ مباشرةً إلى حاسوبي المحمول وبحثتُ على الفور عن أوّل كلّيّة حقوق تقبَل التسجيل في الفصل القادِم. ملأتُ استمارة التسجيل الإلكترونيّة وبحثتُ عن دورات مُكثّفة للتعويض عمّا فاتَني خلال تلك سنوات. كان قلبي يخفقُ بقوّة لا تُصدَّق، لكنّني لَم أعُد أشعر بالخوف المُعتاد، بل بالإثارة والطاقة الهائلة لتحقيق الهدَف.

نظًرتُ إلى الدرج الذي وجَدتُ فيه اليوميّات والورقة... كنت على وشك تَرك ماضيَّ كلّه في هذا البيت الذي تربَّيت فيه، لكنّني سأبقى وأعيشُ فيه أهمّ شيء على الاطلاق: أحلامي المؤجَّلة.

أخَذتُ الدفتر البنفسجيّ، ووضعتُه في حقيبة يَدي بصورة دائمة، ليس كذكرى للحنين، بل كوَعد بأنّني لن أخذل الفتاة الصغيرة مُجدّدًا. سأدخل الجامعة، سأدرسُ القانون، سأدافِعُ عن الأبرياء والمظلومين. ربّما يكون الطريق صعبًا ومليئًا بالعثرات، لكنّني سأسيرُ فيه وأنا أشعرُ بأنّني حقًّا أنا، تلك المحامية التي حلِمتُ بها، تلك التي تقِف قويّة، مِن دون خوف، في قاعة الحياة الواسِعة. فلقد حانَ الوقت لأرتدي بدلتي الرسميّة، وأقِفُ في قاعة المحكمة الخاصّة بي وحدي.

حاورتها بولا جهشان

المصدر:

ال عربية

-

لايف ستايل

موقع كل يومموقع كل يوم

أخر لايف ستايل:

شيرين عبد الوهاب تطمئن جمهورها وتهدد مروجي الشائعات

* تعبر المقالات الموجوده هنا عن وجهة نظر كاتبيها.

* جميع المقالات تحمل إسم المصدر و العنوان الاكتروني للمقالة.

موقع كل يوم
8

أخبار كل يوم

lebanonKlyoum.com is 2238 days old | 113,839 Lifestyle Articles | 597 Articles in Dec 2025 | 0 Articles Today | from 18 News Sources ~~ last update: 14 min ago
klyoum.com

×

موقع كل يوم


مقالات قمت بزيارتها مؤخرا








لايف ستايل