اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ١٠ أيار ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
دخلت الحرب السودانية، التي تجاوزت عامها الثاني، مرحلة جديدة وحساسة مع تصاعد وتيرة استخدام الطائرات المسيّرة من قِبل قوات الدعم السريع لاستهداف مواقع استراتيجية يسيطر عليها الجيش، في تطور يرى فيه مراقبون 'منعطفًا خطيرًا' قد يقلب موازين المعركة الممتدة منذ اندلاعها في عام 2023.
الطائرات تضرب مناطق آمنة.. وبورتسودان لم تسلم
خلال الأسبوع الأخير، كثّفت قوات الدعم السريع هجماتها عبر المسيّرات مستهدفة مواقع تعتبرها القوات المسلحة مناطق آمنة وبعيدة عن خط النار، مثل مدينة بورتسودان، مقر الحكومة المؤقت على الساحل الشرقي للبلاد، والتي كانت حتى وقت قريب تُعدّ بمنأى عن النيران.
هذه التطورات أطلقت تساؤلات حول قدرة هذه الاستراتيجية الجوية الجديدة على زعزعة توازن القوى أو تهديد خطوط الإمداد والاتصال العسكرية للجيش السوداني، بحسب الحدث.
خلود خير: محاولة لتقويض سلطة الجيش دون تحريك الجنود
المحللة السودانية خلود خير رأت أن استخدام المسيّرات هو محاولة مباشرة لتقويض قدرة الجيش على فرض سيطرته في المناطق التي يهيمن عليها، ما يتيح للدعم السريع توسيع رقعة المواجهات دون الحاجة لتحريك قوات على الأرض.
مايكل جونز: تكيّف استراتيجي قد يكون يائسًا
ومن جهته، وصف الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، مايكل جونز، هذه التحركات بأنها نوع من 'التكيّف الاستراتيجي الضروري وربما اليائس'، خصوصًا في ظل خسارة الدعم السريع للعاصمة الخرطوم، التي اعتبرها 'خسارة استراتيجية ورمزية كبيرة'.
وأشار جونز إلى أن الأسلحة الخفيفة والمسيّرات تمكّن الدعم السريع من ضرب أهداف جديدة، في مناطق لم يكن قادرًا سابقًا على اختراقها.
رسالة حرب مستمرة
الباحث المتخصص في الشأن السوداني حامد خلف الله قال إن الدعم السريع يحاول إرسال رسالة بأن الحرب لم تنتهِ، من خلال استهداف مناطق حيوية في الشرق، رغم خسارته الميدانية في العاصمة ومدن الوسط.
استبعاد استعادة الخرطوم أو بورتسودان
ورغم هذه التطورات، استبعد خلف الله قدرة الدعم السريع على استعادة الخرطوم أو الوصول لبورتسودان عبر العمليات البرية، مشيرًا إلى أن التفوق الجوي النوعي للجيش السوداني ما زال يشكّل عقبة كبرى أمام أي تقدم ميداني مباشر.
تكتيك التشتيت والإرباك
من جانبه، أكد الباحث مهند النور، من معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، أن الهجمات بالمسيّرات تهدف إلى تشتيت جهود الجيش وإشغاله، ومنعه من التقدّم في دارفور وكردفان، حيث لا تزال المعارك مشتعلة على الأرض.
وأوضح أن الدعم السريع يعتمد على أسلوب الهجوم السريع والانسحاب السريع، دون الدخول في معارك طويلة تستنزف موارده.
نوعان من المسيّرات في الميدان
ضابط متقاعد في الجيش كشف عن وجود نوعين من المسيّرات لدى الدعم السريع:
وأكد أن عبور المسافة الشاسعة التي تفصل دارفور عن بورتسودان، والتي تصل إلى 1500 كيلومتر، لا يمكن أن يتم إلا عبر هذه المسيرات بعيدة المدى.
سباق تسلّح مكلف ومدمّر
وبحسب خلود خير، فإن الجانبين الآن منخرطان في سباق تسليح مكلف، يتركّز على امتلاك وتدمير الطائرات المسيّرة، الأمر الذي يعكس تغيرًا كبيرًا في طبيعة المعركة، وتحوّلها من مواجهات ميدانية مباشرة إلى حرب تكنولوجيا واستنزاف.
الدعم السريع: من الهجمات البرية إلى الضربات الذكية
منذ بداية الحرب، عوّلت قوات الدعم السريع على الهجمات البرية الخاطفة، التي مكّنتها في البداية من كسر دفاعات الجيش والاستيلاء على عدد من المدن الكبرى. إلا أن الطرد من الخرطوم دفعها إلى تغيير نهجها التكتيكي، واللجوء إلى الضربات الذكية عبر الجو، بهدف إرباك الجيش وإضعاف سيطرته على مناطق بعيدة عن خطوط الجبهة.
معاناة إنسانية غير مسبوقة
تجدر الإشارة إلى أن هذه الحرب المدمّرة تسببت حتى الآن في مقتل عشرات الآلاف من المدنيين، وتسبّبت في نزوح أكثر من 13 مليون شخص داخل السودان وخارجه، وسط أزمة إنسانية تعدها الأمم المتحدة من بين الأسوأ في التاريخ الحديث.