متابعات- نبض السودان

في قلب أم درمان، تبهرك تفاصيل الحياة اليومية التي تعكس صمود المدينة رغم آثار الحرب القاسية. تتحرك الحياة في كل الشوارع بزخمٍ لافت، فتراها تضج بالحيوية في مشهدٍ يبعث الطمأنينة رغم التحديات التي ما تزال ماثلة. الشباب يملأون الأركان، والمحال والمواصلات عادت لتنبض بالحياة، وكأن المدينة تأبى الانكسار.

التحديات الحياتية مستمرة رغم عودة النشاط

رغم تجاوز أم درمان لمحنة وباء الكوليرا الذي أرعب المواطنين خلال الشهر الماضي، لا تزال أزمات الكهرباء والمياه تقض مضاجع السكان. القطوعات المبرمجة تصل إلى 12 ساعة يوميًا، وهو ما يزيد من معاناة الأهالي، إلى جانب شكاوى متزايدة من نقص بعض الأدوية، مما يعكس الحاجة الماسة لمزيد من الاهتمام بالوضع الصحي.

جهود رسمية واضحة.. والناس يتطلعون للمزيد

تبرز جهود الوالي أحمد عثمان حمزة وحكومته في كثير من المرافق، إذ تُلاحظ لمسات السلطة المحلية في محاولات إعادة الأمور إلى نصابها، لكن حجم التحديات يتطلب تضافرًا أكبر للجهود الاتحادية ومبادرات شعبية للنهوض بالخدمات وتأمين معاش المواطنين. وتظل الحاجة الملحة لنفير قومي لمجابهة الظروف واضحة في حديث الأهالي.

المواطنون بين الرضا والأمل في استتباب الأمن

في حديث عابر مع المواطنين، أجمعت أصواتهم على رضاهم النسبي بما تحقق حتى الآن، وإن كانت المطالب الأمنية ما تزال حاضرة بقوة. أحد الشباب قال: (الحياة تمام)، فيما أشار رجل ستيني: (كل شي كويس إلا بس محتاجين شوية شدة أمنية)، بينما اختزلت سيدة مسنة المشهد بقولها: (الحمد لله الجينا سالمين وشفنا حلتنا).

أم درمان.. مقصد العائدين من الداخل والخارج

تشهد مناطق مثل 'الثورات' حركة متزايدة للقادمين سواء من خارج السودان أو من الولايات الأخرى. أم درمان باتت مقصدًا رئيسيًا لهم، بفضل توفر الخدمات بشكل أفضل نسبيًا مقارنة بمناطق أخرى، ما يعزز الأمل في عودة الاستقرار الكامل للمدينة.

لمسات صمود في وجه المحنة

الشوارع، لا سيما في محلية كرري، تعج بالحياة، الأطفال والشباب يملأون الملاعب، والمحال التجارية عادت لتفتح أبوابها في مشهد يومي يعكس رغبة الأهالي في تجاوز المحنة. ما تزال بعض المناطق، خصوصًا أم درمان القديمة، تحتفظ بشواهد الحرب، لكنها لا تحجب الأمل في نفوس السكان الذين يثبتون كل يوم أن الدولة فوق كل شيء.

القصر الرئاسي ومظاهر الدولة

زيارة الأمين العام لمجلس السيادة الفريق الركن د. محمد الغالي لتفقد أعمال صيانة وتأهيل القصر الرئاسي أعطت إشارات رمزية إلى عودة مؤسسات الدولة للعمل. انعكست تلك الزيارة أيضًا على إحساس الأهالي بجدية الدولة في استعادة عافيتها ومؤسساتها الحيوية.

أم درمان وموقعها في وجدان الوطن

تظل أم درمان، بتاريخها وموقعها، في قلب كل سوداني. صمودها، وعودة الحياة إلى شوارعها وأسواقها، دليل على أن إرادة الشعب السوداني قادرة على تجاوز أصعب المحن، وأن الحلم بإعادة العاصمة إلى سيرتها الأولى ما زال حيًا في قلوب الجميع.

الترقب سيد الموقف

بين مشاعر الأمل والخوف، يعيش أهالي أم درمان يومياتهم في انتظار ما ستقدمه الدولة وحكومتها من خطوات عملية لترسيخ الاستقرار وتحقيق تطلعات المواطنين. الكل يترقب ما ستسفر عنه الأيام القادمة، وما إذا كانت العاصمة الوطنية ستتمكن من تجاوز التحديات الكبرى التي خلفتها الحرب.

نواصل في الحلقات القادمة رصد حال بقية محليات العاصمة

في قادم الحلقات، سنواصل رصد المشهد العام في بقية محليات ولاية الخرطوم، لنضع القارئ أمام صورة متكاملة لما تعيشه العاصمة في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ السودان.