في خطوة جديدة لتعزيز العلاقات المغربية السنغالية، جرت يوم أمس بأكادير مراسيم التوقيع على بروتوكول اتفاق لإطلاق الخط البحري أكادير-دكار، في حدث يترجم التزام البلدين بتعزيز التعاون التجاري والاقتصادي.

هذا المشروع يهدف حسب الاتفاع الموقع إلى تسهيل حركة التجارة بين المغرب ودول غرب إفريقيا، من خلال تقليص تكاليف النقل وزيادة كفاءة نقل البضائع والشاحنات، ويُعد الخط البحري أكادير-دكار ركيزة أساسية في تعزيز التبادلات التجارية وفتح آفاق جديدة للاستثمار بين البلدين، بما يساهم في دعم الاقتصادين المغربي والسنغالي ويعزز من تكامل القارة الإفريقية في مجالات التجارة والنقل.

في تصريح لـ 'العمق' أكد المحلل الاقتصادي، علي الغنبوري، أن الخط البحري المزمع إقامته بين المغرب والسنغال يعكس عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، بناء على المعطى التاريخي المشترك الذي يمتد عبر الزمن، معتبرا أن هذه العلاقات تتمتع بجذور تاريخية عميقة، ما يعزز من خلاله المبادلات التجارية بينهما، بالإضافة إلى تعزيز الشراكات الاقتصادية المتينة بين المغرب والسنغال.

وفي سياق التحولات الاقتصادية العالمية، أشار الغنبوري إلى أن المغرب اليوم يتبنى توجها منفتحا تجاه إفريقيا، وهو ما يفرض عليه الحاجة إلى تنويع وسائل النقل، خاصة فيما يتعلق بالمبادلات التجارية، موضحا أن المغرب يقترح حاليًا مشروعا طموحا يهدف إلى تمكين دول إفريقيا من الوصول إلى الواجهة الأطلسية، من خلال تطوير بنية تحتية مينائية كبيرة يمكن استغلالها في التجارة والمبادلات التجارية.

وقال الخبير الاقتصادي إن هذا الخط المزمع إنشاؤه بين المغرب والسنغال يدخل في إطار تقوية العلاقات التجارية بين البلدين ويعد جزءًا من المشروع الكبير المتعلق بالواجهة الأطلسية، الذي بدأ تنفيذه بشكل ثنائي مع مجموعة من الدول التي تربطها علاقات تاريخية مع المغرب.

وأضاف: 'هذا الخط لن يكون له تأثير سلبي على المبادلات التجارية بين المغرب ودول إفريقية بل سيعززها، حيث أن الاقتصاد وبناء منطقة مندمجة اقتصاديًا لا يعتمد فقط على النقل عبر الطرق أو القنوات الطرقية، بل يجب توفير بنية جوية وبحرية كبيرة أيضًا'.

وأشار المحلل إلى أن المغرب يعمل على مضاعفة أسطوله الجوي من 50 طائرة إلى 250 طائرة في المستقبل القريب، بالإضافة إلى ذلك، يتم العمل على بناء ميناء الداخلة الأطلسي وتعزيز أسطول السفن الوطنية، مشددا على أن تعزيز العلاقات مع الدول الإفريقية، وخاصة عبر موريتانيا، يعد خطوة استراتيجية تهدف إلى دعم التكامل الاقتصادي والتبادل التجاري بين المغرب والعمق الإفريقي.

وفيما يتعلق بالطرق البحرية، أورد الغنبوري أن الطريق البحري لا يمكنه أن يستوعب بمفرده الكم الهائل من المبادلات التجارية بين المغرب ودوله الشريكة، ما يتطلب تحقيق توازن بين وسائل النقل المختلفة، مسجلا أن المغرب قد عمل على تعزيز بنيته التحتية عبر إنشاء طريق سيار بين تزنيت والداخلة، وهو ما يسهم في تسريع تدفق التجارة مع العمق الإفريقي.

وأكد المتحدث أن المغرب يخطط لجعل الأقاليم الجنوبية مركزًا صناعيا مهما لعدة منتجات، مما يستدعي تعزيز البنية التحتية في المجالات الجويّة، البحريّة، والطّرقيّة.

وتحدث الغنبوري عن أهمية تنويع طرق المبادلات التجارية، مشيرا إلى أن بعض السلع يصعب نقلها عبر الطرق البرية فقط، مما يفتح أمام المغرب إمكانيات جديدة لتعزيز مبادلاته التجارية مع إفريقيا في إطار تكاملي.

وقال: 'لا تقتصر القوة الاقتصادية أو التجارية على مسار واحد، بل يجب أن يكون هناك تكامل على مستوى خطوط الإمداد بكاملها، سواء على المستوى الجوي أو الطرقي أو البحري'.

وخلص المتحدث تصريحه بالتشديد على أن موريتانيا تشكل عمقًا إفريقيا للمغرب، حيث يوجد عدد من المنتجات التي لا يمكن نقلها عبر الطرق البرية فقط، موضحا أن المغرب يسعى لأن يصبح منصة حقيقية للربط التجاري في إفريقيا، مما يتطلب تنويع بنية النقل والبنية التحتية الاقتصادية بشكل عام، وبالتالي فإن المغرب يعمل في إطار مقاربة شاملة تهدف إلى تعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول الإفريقية.

جدير بالذكر أن رئيس مجلس جهة سوس ماسة، كريم أشنكلي، أكد في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن إطلاق الخط البحري التجاري أكادير-دكار يأتي ضمن تنفيذ الرؤية الملكية التي تركز على تعزيز التعاون الإفريقي. وأشار إلى أن هذا الخط البحري الجديد سيلعب دورًا هامًا في تعزيز التنمية المستدامة في جهة سوس ماسة.

وأفاد أن هذا الخط المباشر بين أكادير ودكار سيوفر فرصا جديدة للمستوردين والمصدرين، ويسهم في تعزيز التجارة البينية بين دول القارة الإفريقية.