متابعات- نبض السودان

في تطور مثير للقلق، دفع تصاعد أعمال العنف داخل مخيم كرياندونغو شمالي أوغندا السلطات الأوغندية إلى نشر الجيش وفرض حالة طوارئ في المنطقة، وذلك بعد سلسلة من الهجمات التي نفذها لاجئون من جنوب السودان ضد لاجئين سودانيين، أسفرت عن سقوط قتيل وعدد كبير من الجرحى.

هجمات مروعة

بدأت الهجمات مساء الخميس وتجددت مساء السبت، حيث استُهدفت كلسترات متعددة من المخيم من بينها L وC وB، في هجوم استمر قرابة ثلاث ساعات. ووفق شهادة اللاجئ السوداني علي إبراهيم لموقع “دارفور24”، فقد أسفر الهجوم عن مقتل الشاب كباشي وإصابة نحو 60 لاجئًا سودانيًا بإصابات تراوحت بين الخفيفة والخطيرة، وسط حالة من الهلع والنزوح الجماعي داخل المخيم.

فرض الطوارئ وحظر التجوال في المخيم

عقب هذه الأحداث، عقد حاكم مقاطعة بيالي اجتماعًا طارئًا مع قادة الجيش والشرطة والأمن، إلى جانب مسؤولين من مفوضية شؤون اللاجئين ومكتب رئيس الوزراء. وأسفر الاجتماع عن إعلان حالة الطوارئ داخل المخيم، وفرض حظر تجوال يبدأ من السابعة مساءً وحتى السابعة صباحًا.

وأكد رئيس مجتمع اللاجئين السودانيين في أوغندا، المهندس حسن تيمان، أن الجيش الأوغندي انتشر بالفعل في مواقع استيطان اللاجئين لضمان حمايتهم، مشددًا على ضرورة التزام اللاجئين السودانيين بالتوجيهات الجديدة.

خلفيات الأزمة.. نزاع على الأراضي الزراعية

كشف تيمان أن قادة مجتمع النوير، وهم من جنوب السودان، تعهدوا بالتعاون لاحتواء الأزمة والقبض على الجناة، وأقرّوا بأن جذور النزاع ترجع إلى خلافات حول الأراضي الزراعية التي يستقر عليها اللاجئون السودانيون. هذا الاعتراف يسلّط الضوء على تعقيدات الوضع في المخيم، حيث تتداخل الموارد المحدودة مع الهويات العرقية والمناطقية.

نزوح جديد داخل المخيم وخارجه

أدت الهجمات إلى موجة نزوح داخلية، حيث ترك اللاجئون في كلستر L منازلهم واتجه بعضهم إلى منطقة الاستقبال داخل المخيم، بينما فرّ آخرون إلى مدن مجاورة مثل قولو وكرياندونغو وماسيندي، وسط مخاوف متزايدة من تجدد الهجمات.

وقال علي إبراهيم إن اللاجئين لم يعودوا يشعرون بالأمان، إذ تكررت الهجمات دون وجود تدخل حاسم من السلطات، مؤكدًا أن المهاجمين يتحركون علنًا بين الكلسترات دون رادع.

 400 شخص بينهم نساء وأطفال

روت اللاجئة السودانية إشراقة عثمان تفاصيل مرعبة عن الهجوم، مشيرة إلى أن ما لا يقل عن 400 شخص شاركوا في الاعتداء، بعضهم من النساء والأطفال، وأن الهجوم بدأ في الكلستر C واستُخدمت فيه أسلحة وعنف شديد، بينما كانت الأسر داخل منازلها.

وانتقدت إشراقة تقاعس الشرطة الأوغندية التي لم تتدخل بالشكل المطلوب لإنهاء الاشتباكات، رغم أن غالبية سكان المخيم من النساء والأطفال الهاربين من مناطق النزاع مثل الخرطوم ودارفور والجزيرة وكردفان.

'نعيش في بيئة غير آمنة'.. شهادة أحمد خالد

من جانبه، أكد اللاجئ السوداني أحمد خالد أن اللاجئين داخل المخيم باتوا يعيشون في بيئة غير آمنة تمامًا، حيث تسود الفوضى والخوف، وسط غياب تام للإجراءات الوقائية أو الأمنية الكافية من الحكومة الأوغندية.

غياب دور مكتب رئيس الوزراء ومفوضية اللاجئين

اتهم عدد من اللاجئين السودانيين، من بينهم علي إبراهيم، مكتب رئيس الوزراء ومفوضية اللاجئين بعدم التحرك الجاد رغم تقديم شكاوى متكررة. وقال: 'ذهبنا إلى مسؤولة في المفوضية بعد الهجوم، لكنها أخبرتنا بأنها لا تستطيع فعل شيء'، ما يطرح تساؤلات حول دور الجهات المعنية في حماية اللاجئين.

بيان مشترك يدعو إلى ضبط النفس ووقف العنف

وفي سياق متصل، أصدرت منظمات مجتمع مدني سودانية وجنوب سودانية بيانًا مشتركًا أعربت فيه عن قلقها العميق إزاء تصاعد العنف في المخيم، ودعت فيه جميع الأطراف إلى ضبط النفس والابتعاد عن الردود الانتقامية، مؤكدة أن العنف لا يمكن أن يكون وسيلة لحل الخلافات.

كما ناشد البيان كبار السن والزعماء الدينيين وقادة المجتمع والشباب ببذل الجهود لنشر التهدئة، داعيًا في الوقت ذاته مكتب رئيس الوزراء الأوغندي والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى تحمّل مسؤولياتهم في ضمان أمن وسلامة جميع اللاجئين.