تعبر البنية الانسانية عن رغبة ملحة وجامعة نحو التنظيم عبر بوابة المؤسسات ، توجه انساني يطغى على أغلب الديمقراطيات المقارنة والتي تتبنى مقياس الاختيار الواعي والحر للمواطن عبر صناديق الاقتراع لمن سيمثله في المؤسسات الدستورية ومن ثمة يعبر عن مطامحه بهدف بلوغ الرفاه وخاصة في شقيه الاقتصادي والاجتماعي.

ترتبط منظومة الديمقراطية في شقها التمثيلي بالمؤسسات الحزبية هذه الأخيرة التي تزاوج في تدخلاتها بين التأطير المواطن من جهة والتنخيب من جهة أخرى ، وهو ما يؤشر على نموذج دولة المؤسسات الدستورية التي تسعى إلى إحقاق الحق على أساس القانون .

إن مهمة الأحزاب السياسية وفي مختلف الانظمة السياسية تتأسس على سلة من الركائز وخاصة تلك التي تتعلق بالتمويل هذا الاخير الذي يعتبر بمثابة كلمة السر في نجاح وبلوغ التدبير العمومي المرافق العامة وهو ما يجب ان نقرنه بما بتعارف عليه دوليا بمول الشكارة ، اي اصحاب رؤوس الاموال والذين يدخلون غمار الممارسة السياسية ويشكلون نقطة قوة بالنسبة للاحزاب التي يحصلون على تزكيتها ، لكن هل مول الشكارة مستمر التأثير في الزمكان ام ان هناك اسقاطات جديدة يمكنها ان تؤثر على مردوديته لكي لا اقول وجوده داخل البنية السياسية الحزبية المقارنة .

ونحن نطارح هذا الموضوع لا يمكننا اولا ان نجهز على التجربة الحزبية السياسية المغربية والتي بدورها تعرف وجودا وتجدر ا لمول الشكارة ، ناهيك على ضرورة التطرق لسلة من البنى الحديثة التي اصبحت ترخي بظلالها على المنظومة السياسية المغربية والتي انطلقت معالمها الاولى مع بزوغ فجر العولمة ومواكبتها بالطفرة النوعية للتكنولوجيات الحديثة وخاصة المشبكة عبر الشبكة العنكبوتية والتي أصبح لها موقع بارز في التواصل مع الناخب اي المواطن ومن ثمة توجيهه لاختيارات بعينها يمكن ان نعتبر من خلالها على ان مول الشكارة اي اصحاب الرساميل قد اصبح لديهم مناقش شرس عنوانه التقدم التكنلوجي او ان صح التعبير على ذلك التواصل السيبيراني المنخفض التكلفة .

إن واقع الحال لينم عن انفجار فكري انساني ينبعث من خلاله أمر واقع عنوانه التواصل المستمر والتلقائي مع الجمهور الذي اصبح يتقن لغة التواصل الالكتروني الامر الذي استعمال الفكر والعقل ويساهم في تغيير الخريطة السياسية لسلة عريضة من الانظمة السياسية المقارنة ولا ادل على ذلك من الانتخابات الامريكية الاخيرة ونظيرتها الفرنسية والاسبانية وحتى المغربية التي اصبحت خريطتها الحزبية السياسية تنحو بخطى تابثة نحو التوجيه السيبراني والاهتمام برواده وذلك من قبيل المؤثر وصانع المحتوى وغيره من البروفايلات الالكترونية الحديثة التي لها وقع على نشر الخبر وتسويقه بسرعة البرق .

ومن هذا المنطلق ، فمول الشكارة ليس منبوذا داخل المنظومة الحزبية المغربية لكن صبغته التقليدية لم تعد مجدية الامر الذي يجب معه مواكبة التغيرات الفكرية والانسية وخاصة تلك المرتبطة بالتكنلوجيا الحديثة ومن خلالها التواصل الالكتروني .

ان الاقناع الحزبي السياسي لا يمكن ان يستمر بصورته النمطية وهو ما فطنت اليه جملة من الاحزاب السياسة المغربية من قبيل الاستقلال الاصالة والمعاصرة وغيرها عبر ادماج الشباب الالكتروني خاصة في صفوفها النضالية وكذا الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى الحزبي السياسي المقنع .

ان مول الشكارة سيبقى نقطة فارقة في العمل الحزبي السياسي المغربي ولكن تاثيره الكمي وكما سبقت اليه الاشارة الى ذلك مقترن بتغيير رؤيته ومنهجية عمله الحزبي وفقا للمتغيرات التي تعرفها البنية الانسانية وخاصة في هذه الحقبة الالكترونية بامتياز ، فهل سيستطيع مول الشكارة ان يحافظ على موقعه الحزبي ام لا ، سؤال ستجيب عنه لا محالة الانتخابات التشريعية لسنة 2026.