دعا نواب برلمانيون، خلال اجتماع لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، الأربعاء، إلى 'تعبئة وطنية' من أجل إصلاح التعليم العالي، أو 'خلوة وطنية' لعدة أيام لتفكير جماعي ومعمّق في مستقبل القطاع، داعين إلى الرفع من قيمة المنح الجامعية لتواكب تكاليف الحياة ومساعدة الطلبة على مواصلة دراستهم في ظروف كريمة.

واقترح رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، إدريس السنتيسي، في تعقيبه على عرض قدمه وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عز الدين ميداوي، إلى تنظيم 'خلوة وطنية للتفكير بصوت عال' تجمع سياسيين وأكاديميين وممثلين عن الطلبة، وذلك بهدف صياغة تصور وطني شامل ومشترك للتعليم الجامعي، مؤكدا على أهمية التشخيص الدقيق للواقع الجامعي الذي قدمه الوزير، معتبرا إياه المدخل الأساسي لأي إصلاح جاد وفعال.

وشدد السنتيسي على أن قطاع التعليم العالي يعاني من أزمات هيكلية كبيرة لا يمكن تجاهلها، مشيرا إلى تحديات كالاكتظاظ وضعف جودة التكوين وتدهور التصنيفات العالمية وصعوبة تأهيل الخريجين لسوق العمل. كما انتقد بشدة 'الجمود التشريعي' الذي عرفه القطاع خلال السنوات الأربع الأخيرة، داعيًا إلى تحريك عجلة التشريع لمواكبة التغيرات.

ودعا رئيس الفريق الحركي إلى ترسيخ استقلالية الجامعات ومنح صلاحيات أوسع لرؤسائها ومجالسها، مع ربط المسؤولية بالمحاسبة. كما شدد على أهمية إعادة هيكلة الجامعات وتقسيم الكليات المتعددة التخصصات لتحقيق العدالة المجالية وتعزيز التوازن بين الجهات.

كما طالب البرلماني برفع منحة طلبة الدكتوراه إلى الحد الأدنى للأجور المعتمد في القطاع العام نظرا لدورهم في الإنتاج العلمي، وتحسين ظروف سكن وإطعام الطلبة التي وصفها بغير اللائقة والضعيفة، مشددا في المقابل على  ضرورة إتاحة فرصة ثانية وثالثة في التعليم العالي وتمكين حاملي الإجازة والماستر من استكمال دراساتهم لتحسين فرص التشغيل.

من جانبه، أشاد النائب عمر اعنان، باسم الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، بـ'صراحة ووضوح' الوزير الوصي على قطاع التعليم العالي، في تشخيص واقع التعليم العالي. ومع ذلك، عبر عن قلق فريقه إزاء 'المسافة الشاسعة بين النصوص والالتزامات المعلنة وبين واقع الحال في الجامعات والمختبرات'.

وطالب اعنان بـ'تعبئة وطنية' لإصلاح القطاع، منتقدا 'غياب رؤية استراتيجية موحدة وتباطؤا مقلقا في تنزيل' القانون الإطار 51.17. وسجل الفريق المعارض تأخرا في تفعيل بنود أساسية تتعلق بإحداث نظام وطني موحد للجامعات، وتعزيز استقلاليتها، وإحداث صندوق البحث العلمي، وتحفيز القطاع الخاص، وربط الجامعة بمحيطها الاقتصادي، وتشجيع الابتكار، وتحديث نظام الإجازة والماستر والدكتوراه، وإدماج التكنولوجيا الحديثة.

كما سلط الضوء على تحديات بنيوية مثل قدم المناهج، والاكتظاظ، وضعف الدعم الاجتماعي للطلبة، وهشاشة البحث العلمي، وبيروقراطية الحكامة الجامعية، داعيا إلى تحول في الممارسات البيداغوجية، ودعم البحث العلمي في العلوم الإنسانية والاجتماعية، وملاءمة المسالك الجامعية مع سوق الشغل، ومعالجة مشكلة الاكتظاظ، وتحسين الدعم الاجتماعي للطلبة.

في سياق متصل، دعا النائب البرلماني عن الفريق الاستقلالي، العياشي الفرفار، إلى تسريع وتيرة إعادة هيكلة التعليم العالي بما يضمن الانسجام والفعالية، وذلك بعد مرور وقت على إصدار القانون الإطار لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي.

وشدد الفرفار على ضرورة إعادة النظر في التشريعات المؤطرة للتعليم العالي والبحث العلمي لتستجيب لمتطلبات الإصلاح المنشود، وعلى رأسها القانون رقم 01.00، بالإضافة إلى الرفع من الاعتمادات المالية المخصصة للبحث العلمي والابتكار لتسريع وتيرته. كما طالب بتفعيل اللجنة الوطنية لتتبع مواكبة إصلاح المنظومة لتقوم بمهامها على أكمل وجه، وضمان التقائية السياسات والبرامج القطاعية، وتتبع تنفيذ الأهداف المتعلقة بتطوير البحث العلمي والابتكار.

أما النائب يوسف شيري عن الفريق النيابي للتجمع الوطني للأحرار، فقد أثنى على أداء الوزير عز الدين ميداوي، معتبرا أن الوزير تمكن من معالجة أزمات معقدة كأزمة كليات الطب، وأطلق مشاريع مبتكرة لتحسين البنية التحتية الأكاديمية. لكنه نبه إلى الإكراهات التي تعيشها مناطق مثل ورزازات وتنغير وزاكورة، حيث يضطر الطلبة إلى التنقل لمسافات طويلة لمواصلة دراستهم، مشددا بدوره على أهمية الإنصاف المجالي والرفع من قيمة المنح الجامعية لمواكبة هذا التوسع في الطلب على التعليم العالي.