متابعات – نبض السودان

في موقف لافت يعكس حجم التوتر السياسي الذي يعيشه السودان، حذر السفير السابق في ليبيا وعضو حزب المؤتمر الوطني، حاج ماجد سوار، من مغبة التقليل من أهمية الخطوة التي أقدم عليها 'تحالف تأسيس' المتمرد بإعلانه تكوين ما أسماه بـ'الحكومة الموازية' أو 'حكومة الوحدة والسلام'.

وأكد سوار أن الاستهزاء بتشكيل هذه الحكومة هو أمر في غاية الخطورة، محذرًا من تجاهل أبعادها الاستراتيجية، ومشددًا على ضرورة التعامل معها بجدية، باعتبارها حلقة في مؤامرة كبرى تقودها قوى إقليمية ودولية تهدف لتفتيت وتمزيق السودان، وفق تعبيره.

مؤامرة كبرى وخطط مريبة

وأوضح سوار أن إعلان 'الحكومة الموازية' لا يمكن عزله عن محاولات قوى إقليمية مثل الإمارات وجهات دولية مثل الولايات المتحدة للضغط على السودان، مشيرًا إلى أن محاولة إحياء ما يُعرف بـ'الرباعية'، والتي تقودها إدارة ترامب السابقة، هي جزء من ذات المخطط الساعي لإضعاف الجيش السوداني وفرض حلول خارجية تخدم مصالح خصوم السودان.

وأشار إلى أن هذه الرباعية تُستخدم كورقة ضغط سياسي وأمني، في ظل وجود دعم إماراتي واضح للتمرد، وتغاضٍ أمريكي عن عمليات نقل الأسلحة.

دبلوماسية ترامب وغموض الموقف الأمريكي

وفي السياق ذاته، اعتبر الناشط السياسي عثمان العطا أن الخوف من اجتماع الرباعية المتوقعة هو في الغالب 'هاجس نفسي'، سببه سلوك الرئيس الأمريكي السابق ترامب، الذي اعتاد التصرف بشكل متعالٍ ويفتقد إلى الاتزان الدبلوماسي مع قادة الدول.

وأضاف العطا أن دبلوماسية ترامب تسعى إلى فرض الحلول من طرف واحد لإبراز قدرة أمريكا على فرض أجندتها العالمية، دون الاكتراث بالحقائق على الأرض أو مصالح الشعوب.

تحذير من سيناريوهات التدخل الأممي

وقال العطا إن الضغوط التي مارستها الولايات المتحدة على الجيش السوداني كانت ممنهجة، حيث لم تترك مسؤولًا إلا وفرضت عليه عقوبات، كما تم فرض حصار اقتصادي واسع على شركات سودانية، بينما تم التغاضي تمامًا عن الدعم العسكري المقدم للتمرد من قبل الإمارات.

وأوضح أن منبر جدة في مايو 2023، وجنيف في أغسطس 2024، كانا جزءًا من هذه المنظومة الدولية، وقد تم استخدامهما للضغط على الجيش السوداني من خلال ممارسات غير متكافئة ومتحيزة لصالح المتمردين.

الإمارات ودورها في إشعال النزاع

اتهم العطا دولة الإمارات بتسهيل سقوط مدينة سنجة بولاية سنار عبر توفير معدات تقنية متقدمة للتمرد في يوليو 2024، مشيرًا إلى أن الهدف من ذلك كان تمكين التمرد قبل منبر جنيف، لتقديمه كند قوي للجيش، وإعطاء مبرر قانوني لتدخل أممي، عبر توصيات موجهة من المنبر.

وأكد العطا أن المليشيا التي وصفها بـ'الإماراتية' ارتكبت جرائم مروعة في ولاية الجزيرة لإثارة الرأي العام الدولي، بما يمنح المجتمع الدولي ذريعة للتدخل الإنساني أو العسكري.

انهيار الرباعية وفشل التنسيق الدبلوماسي

لفت العطا إلى أن الرباعية المتوقعة فشلت في التأسيس الدبلوماسي الجاد، لافتًا إلى أن الولايات المتحدة لم ترسل مبعوثًا خاصًا لتحضير الاجتماعات، ما جعل الإمارات تقوم بدور 'السكرتارية' في تحديد المواعيد. وقد أدى هذا الخلل إلى توتر كبير في المواقف بين السعودية ومصر من جهة، والإمارات من جهة أخرى، نتيجة انحياز الأخيرة الواضح للتمرد.

وأوضح أن الإمارات، عبر ضغوط خارجية، دفعت إلى الإعلان المتعجل للحكومة الموازية، في محاولة لخلط الأوراق السياسية وتحقيق اختراق تفاوضي قبل اكتمال التوازن على الأرض.

الجيش والدبلوماسية العسكرية

قال العطا إن الجيش السوداني يمتلك حاليًا دبلوماسية جديدة وصفها بـ'العسكرية'، مشيرًا إلى أنها أثبتت فعاليتها خلال المنعطفات الحادة، وإنه لا يزال يمتلك الحق الدستوري والقانوني لحسم التمرد مهما كلف الأمر.

وأكد أن الجيش يقف حاليًا على أرضية شعبية صلبة، وهي الأقوى منذ اندلاع النزاع، مشيرًا إلى أن الجماهير تستعد للخروج في مظاهرات ضد الرباعية والتدخل الدولي، تعبيرًا عن دعمها للمؤسسة العسكرية.

انتصارات ميدانية واستعدادات متقدمة

أشار العطا إلى أن الجيش استعاد السيطرة على الضفة الشرقية لنهر النيل من الحدود مع جنوب السودان حتى مصر، وأرسل تعزيزات ضخمة إلى دارفور وكردفان، تشمل قوات مشتركة، ومجاهدين، وآليات عسكرية حديثة.

كما استعاد الجيش، بحسب العطا، السيطرة الكاملة على الأجواء السودانية باستخدام طائرات مسيرة استراتيجية، وقال إن المقاتلات الحربية ستبدأ قصف مواقع التمرد في نيالا والفاشر والجنينة خلال الأيام المقبلة، في مؤشر على تحول ميداني كبير.