اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٨ أيار ٢٠٢٥
في ظل الدينامية الجديدة التي يشهدها الحوض الأطلسي، تبرز المبادرة الملكية لإحداث 'منتدى الدول الإفريقية المطلة على الأطلسي' كإطار استراتيجي يعيد رسم التوازنات الجيوسياسية، ويعزز من حضور المغرب الإقليمي والدولي، خاصة في ملف الصحراء المغربية، وهي مبادرة تبرز أن المغرب لم يعد يراهن فقط على الآليات الأممية لتثبيت سيادته على الصحراء'، بحسب تعبير الخبير في الشؤون الاستراتيجية هشام معتض.
وتأتي هذه المبادرة في سياق تصاعد الرهانات الدولية على الفضاء البحري باعتباره أحد أهم الميادين الجيوسياسية في القرن الحادي والعشرين، حيث أضحت المحيطات محورا أساسيا في معادلات الأمن الطاقي، والتجارة العالمية، وحركة سلاسل الإمداد.
وفي هذا الإطار، يبرز الجنوب الأطلسي كمجال استراتيجي بالغ الأهمية، لا فقط لكونه ممرا بحريا حيويا، بل أيضا باعتباره عمقا تنمويا وأمنيا جديدا لقارة إفريقيا، يشهد اهتماما متزايدا من القوى الإقليمية والدولية. وهذا ما يجعل من المبادرة الملكية خطوة استباقية تهدف إلى تموقع المغرب في قلب هذا التحول، وإعادة توجيه دفة التعاون البحري لصالح تصور تنموي مندمج يعزز الاستقرار الإقليمي ويخدم قضية الصحراء المغربية من بوابة الشراكات الجيوسياسية.
وفي هذا الإطار، يرى الخبير في الشؤون الاستراتيجية هشام معتضد، أن المبادرة الملكية الأطلسية ليست مجرد تحرك تنموي عابر، بل هي 'نقطة ارتكاز جيوسياسي' تُتيح للمغرب إعادة توزيع الثقل السياسي والاقتصادي غرب القارة الإفريقية. فهي مبادرة تجمع بين البُعد التنموي والهدف السيادي، عبر تكريس مغربية الصحراء كواقع إقليمي تتقاطع عنده المصالح الدولية.
ويؤكد معتضد، في تصريح لجريدة 'العمق'، أن المغرب لم يعد يراهن فقط على الآليات الأممية لتثبيت سيادته على أقاليمه الجنوبية، بل بات يعتمد على استراتيجية واقعية تقوم على نسج شبكة مصالح عابرة للقارات، خصوصاً مع الدول الإفريقية الأطلسية. هذا التكامل الطوعي يُحوّل المبادرة إلى حزام نفوذ سياسي واقتصادي، يعزز من شرعية المغرب ويجعل دعم مغربية الصحراء جزءا من منافع شركاء يرون في الرباط محوراً لوجستياً نحو الأسواق الدولية.
ويبرز الخبير أن المغرب يستخدم المبادرة أيضاً كمنصة دبلوماسية بديلة، تُقدِّم الصحراء المغربية لا كمجال نزاع، بل كمجال ترابي منتج ومنفتح على العالم. مشيرًا إلى أن المشاريع المهيكلة والبنيات التحتية الكبرى في العيون والداخلة أصبحت تُترجم واقعية سياسية جديدة، انعكست في تزايد سحب الاعترافات من الكيان الانفصالي.
من زاوية الأمن الإقليمي، تعتبر المبادرة بحسب معتضد 'بوابة متقدمة لتحالفات أمنية ناعمة'، تستند إلى الاقتصاد الأزرق، ومكافحة الجريمة المنظمة، وتأمين سلاسل التوريد البحرية. هذا التموقع الجديد، يقول معتضد، يضع الرباط في قلب معادلة أمنية تشمل الفضاء البحري كأحد أهم مسارح التنافس الجيوسياسي المعاصر.
كما يشير إلى أن المغرب يعمل على إعادة ترتيب التحالفات الإفريقية، متجاوزاً ثنائية الجزائر-جنوب إفريقيا، من خلال هندسة علاقات تقوم على البراغماتية والجدوى، ما يسمح له بقيادة رؤية متكاملة للأمن الجماعي الإفريقي.
ويخلص هشام معتضد إلى أن المبادرة الأطلسية تُمثل تحولاً في كيفية مقاربة النزاع المفتعل حول الصحراء، إذ لم يعد بالإمكان فصل الملف عن التغير الهيكلي في دور المغرب داخل الفضاء الأطلسي. فالمغرب لا يقترح فقط سيادة على أقاليمه الجنوبية، بل مشروع استقرار إقليمي يتخذ من الصحراء المغربية محوره الجنوبي وقلبه الديناميكي.