اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٣ تموز ٢٠٢٥
كشفت دراسة أجرتها الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب عن استمرار تمثلات وصور نمطية جنسانية خاطئة وأحكام مسبقة في مؤسسات التعليم الثانوي تؤثر على الممارسات والعلاقات داخل الفضاء المدرسي.
وأضافت الدراسة التي شملت عينة من 13 مؤسسة تعليمية في جهتي الرباط سلا القنيطرة والدار البيضاء سطات، و92 مشاركا من تلاميذ وأساتذة وإطارات إدارية، أن البيئة المدرسية ما تزال مشبعة بالصور النمطية والأحكام الجاهزة ذات الطابع الجنسي، خصوصا المرتبطة بالجسد والسمات الشخصية للفتيات.
وأظهرت النتائج أن هناك تصورا شائعا بين المشاركين بأن المرأة أضعف جسديا من الرجل، وأن سماتها النفسية تميل أكثر إلى العاطفية والخجل والخوف، في تجاهل تام لأثر التنشئة الاجتماعية. هذه الصور النمطية تبرر التفاوتات الاجتماعية وترسخ قيما تقلل من شأن قدرات الفتيات.
كما رصدت الدراسة تحولات في الخطاب التمييزي، حيث ظهرت أنماط جديدة من الأحكام الجاهزة تتخذ شكل خطاب يوحي بالمساواة لكنه يحمل في طياته تبريرات ثقافية تعيد إنتاج التفاوت بين الجنسين بشكل غير مباشر، ما يصعب مواجهته.
وأبرزت الدراسة أن المدرسة تعكس ديناميكيات المجتمع المحيط بها، إذ تبرز الصور النمطية والتفاوتات داخل المدرسة بصورة مشابهة لما هو موجود في المحيط الاجتماعي. ورغم اعتماد التعليم المختلط رسميا، إلا أن الواقع يشير إلى فصل تلقائي بين الجنسين في الفصول الدراسية والفضاءات المدرسية، مع سيطرة الأولاد على الفضاءات الرياضية، وإجبار الفتيات على التكيف مع المساحات المتبقية، ما يعكس استمرار الفصل الجندري كمعيار ثقافي.
وأشارت الدراسة إلى أن مظاهر التمييز القائم على النوع الاجتماعي أكثر حضورا في المناطق القروية وشبه الحضرية، حيث يظهر التلاميذ تمسكا واضحا بالنماذج الذكورية التقليدية، ويعبرون عن مواقف مناهضة للنساء، مع تبني بعض التلميذات لأدوار جنسانية تقليدية تعتمد على الحماية الذكورية وتقسيم العمل بين الجنسين.
وذكرت أن التلميذات يظهرن وعيا أكبر بقيم المساواة من نظرائهن الذكور، حيث يعدلن بعض التمثلات النمطية، ويعتبرن المدرسة وسيلة تمكين اجتماعي ومهني، مع اختيار ملحوظ للمسالك العلمية خاصة الرياضيات. في المقابل يواجه التلاميذ الذكور صراعا داخليا بين القيم التقليدية والمفاهيم الحديثة حول المساواة، مع قبول محدود لتنفيذ مبادئ المساواة في الفضاء الخاص ورفضها في الفضاء العام.
كما رصدت تأثير الفضاء الرقمي في إعادة إنتاج الصور النمطية، حيث تركز المحتويات الرقمية والإعلانات على نماذج تقليدية للجنسين، مع تغيب الفتيات عن بعض المجالات الرقمية كاللعاب الإلكترونية، ووجود فكاهة جنسية وممارسات إقصائية ضدهن. كما تؤثر خوارزميات المنصات الاجتماعية على ترسيخ هذه الصور في ظل غياب التربية الرقمية والنقدية داخل المدارس.
وفي ما يخص التوصيات فقد دعت الدراسة إلى تعزيز المساواة بين الجنسين في التشريعات التربوية من خلال مراجعة النصوص القانونية لتبني لغة مجندرة وتجريم كل أشكال التمييز الجنسي، مع إرساء آليات دعم مستدامة للفتيات خصوصا في الوسط القروي وإنشاء هيئة مستقلة لرصد مدى الالتزام بقيم المساواة داخل المنظومة التربوية.
كما أوصت بتقديم دعم مالي مباشر للفتيات في الأسر الهشة وتعزيز الشراكات مع الجمعيات العاملة في مجال تعليم الفتيات وتنفيذ مقاربات متعددة القطاعات تراعي الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
وأوصت كذلك بدعم حملات التوعية والتحسيس بمشاركة منظمات المجتمع المدني الهيئات الدينية النقابات والمهن القانونية مع تخصيص ميزانيات لحملات التواصل ضد التمييز الجنسي والعنف المبني على النوع، داعية إلى مراجعة عميقة للمناهج الدراسية لضمان عدالة التمثلات والرموز، وإدماج التربية الجنسية كمادة مستقلة وتنظيم تكوينات مستمرة للفاعلين التربويين والإداريين مع التركيز على الأساتذة في التربية البدنية والرياضية.
وشددت التوصيات على ضرورة تطوير الفضاءات الرقمية المدرسية من خلال إنشاء منصات تعليمية رقمية لنشر الوعي وتكوين التلاميذ على الاستخدام النقدي وتفعيل آليات رقمية للإبلاغ عن العنف والتمييز. كما اقترحت اعتماد آليات تقييم منتظمة لرصد التقدم وتشجيع الممارسات الجيدة داخل المؤسسات كالمسابقات والأنظمة الداخلية للإنصات والوساطة.
كما دعت إلى إشراك الأولاد في حملات التوعية لتعزيز مسؤوليتهم في قضايا المساواة وتطوير التعاون مع المجتمع المدني لتعزيز تمكين النساء والفتيات بالإضافة إلى بناء جهاز مؤسساتي متكامل على المستويات الوطنية والجهوية والمحلية يضم لجان توجيهية وأدلة عملية وشراكات استراتيجية.