مباشر- شهد نمو الأجور في روسيا تباطؤاً ملحوظاً خلال الآونة الأخيرة، في إشارة قوية على أن اقتصاد 'زمن الحرب' بدأ يفقد زخمه رغم تسجيل البلاد لأشد حالة نقص في العمالة منذ عقود.

وارتفعت رواتب الموظفين الجدد بنسبة 6.9% فقط على أساس سنوي في نوفمبر الماضي، وهو تراجع حاد مقارنة بنسبة 18.9% التي سُجلت في يناير من نفس العام، وفقاً لتحليل بيانات التوظيف.

ويأتي هذا التباطؤ في وقت لا يزال فيه معدل البطالة عند مستوى قياسي منخفض يبلغ 2.2%، مما يكشف عن تزايد الاختلالات الهيكلية في المنظومة الاقتصادية الروسية مع استمرار العمليات العسكرية في أوكرانيا ودخولها مراحل استنزاف مالي أعمق.

ويرى خبراء في الاقتصاد الروسي أن هذا التراجع في وتيرة نمو الرواتب سيؤدي بالضرورة إلى التأثير سلباً على مستويات الاستهلاك والضرائب المرتبطة بها، مما يزيد من الضغوط على المالية العامة للدولة.

وتواجه موسكو تحدياً مزدوجاً؛ إذ يزداد اعتمادها على الضرائب المحلية لتمويل ميزانيتها في ظل انخفاض عائدات الطاقة التي كانت تمثل الركيزة الأساسية للاقتصاد، وذلك نتيجة العقوبات الدولية وتراجع أسعار النفط العالمية.

وتعتبر هذه البيانات 'إنذاراً مبكراً' بأن آليات النمو التي اعتمدت على ضخ السيولة العسكرية بدأت تصل إلى حدودها القصوى.

وأظهرت تحليلات سوق العمل انخفاضاً واضحاً في عدد الوظائف الشاغرة عبر مختلف القطاعات، وكان قطاعا التعدين والنقل هما الأكثر تضرراً من هذا الانكماش.

وتعكس الإحصاءات الرسمية تباطؤاً في نمو الاقتصادالكلي بعد الطفرة التي أعقبت عام 2022، عندما مولت موسكو إنتاج الأسلحة ورواتب الجنود من وفورات الطاقة السابقة.

ورغم أن الناتج المحلي الإجمالي سجل نمواً يزيد عن 4% في عامي 2023 و2024، تبدو توقعات 2025 أقل تفاؤلاً، حيث من المرجح ألا يتجاوز النمو حاجز 1% على أفضل تقدير.

وأدى تدفق السيولة السابقة إلى سباق محموم على الأجور لجذب العمالة النادرة بسبب الهجرة الجماعية والتعبئة العسكرية، وهو ما فاقم من أزمة التضخم التي يكافح البنك المركزي الروسي للسيطرة عليها.

وحذرت محافظة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، من أن السيولة الرخيصة خلقت نمواً في الأجور دون أن يقابله تحسن في الإنتاجية، مما جعل الاقتصاد عرضة لمخاطر 'الإنهاك'. ومع انخفاض مؤشر مديري المشتريات إلى 48 نقطة في ديسمبر، بات من الواضح أن النشاط التصنيعي والخدمي دخل مرحلة من الانكماش الشهري المتواصل.

تشير المعطيات الراهنة إلى أن الاقتصاد الروسي يقف أمام منعطف خطر مع اقتراب عام 2026، إذ لم تعد الميزانية قادرة على تحمل تكلفة رفع الأجور بنفس الوتيرة السابقة.