في تحرك عسكري واسع النطاق، أطلق الجيش السوداني صباح السبت 15 نوفمبر 2025 عمليات متزامنة على عدة جبهات في ولايات كردفان، انتهت بسيطرته على منطقتي أم دم حاج أحمد شرق مدينة الأبيض وكازقيل جنوبها، بعد أن كانت قوات الدعم السريع قد استولت عليهما في وقت سابق من أكتوبر الماضي.

منذ اندلاع النزاع في 15 أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، دخلت البلاد في واحدة من أعقد الأزمات الإنسانية على مستوى العالم وفق تقديرات الأمم المتحدة. وتشير البيانات إلى نزوح أكثر من عشرة ملايين شخص داخل السودان وخارجه، فيما يواجه الملايين خطر المجاعة وسوء التغذية الحاد. كما أدى استمرار المعارك إلى انهيار الخدمات الصحية والتعليمية وتعطل الإمدادات الإنسانية نتيجة القيود الأمنية وانعدام الوصول الآمن.

أكدت مصادر عسكرية أن الجيش السوداني كثف فجر اليوم هجماته باستخدام الطائرات المسيّرة والقصف المدفعي على مواقع قوات الدعم السريع. وأوضحت أن الهدف من هذه العمليات هو تعزيز السيطرة على مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، والتقدم نحو مدينة بابنوسة في غرب كردفان لفك الحصار المفروض على قيادة الفرقة 22 مشاة، المحاصرة منذ بداية الحرب في أبريل 2023.

تشهد مناطق شمال كردفان تغيراً متكرراً في السيطرة بين الطرفين. ففي منتصف سبتمبر الماضي، شنت قوات الدعم السريع هجوماً على منطقة كازقيل الواقعة على بعد 45 كيلومتراً جنوب مدينة الأبيض، وتمكنت من السيطرة عليها وعلى منطقة الرياش بعد مواجهات عنيفة مع القوات النظامية. ووفقاً لمصادر محلية، حاول الجيش إرباك التحركات العسكرية عبر تغيير موقع لافتة المدينة، لكن ذلك لم يمنع تقدم قوات الدعم السريع.

أفادت مصادر إعلامية مرتبطة بالجيش السوداني أن القوات النظامية انسحبت في فترات سابقة من منطقتي كازقيل وأم دم حاج أحمد بشكل كامل، بما في ذلك وحدات الاستطلاع. وأكدت صفحات مقربة من قوات الدعم السريع أن هذه الانسحابات جاءت ضمن ترتيبات ميدانية وصفت بأنها تكتيكية. ويعكس هذا التبدل في السيطرة تصعيداً متسارعاً للعمليات العسكرية في شمال كردفان، وسط استمرار المواجهات بين الطرفين.

تتمتع منطقة كازقيل بأهمية استراتيجية كبيرة، إذ تقع على الطريق الرابط بين مدينتي الدبيبات والدلنج جنوب مدينة الأبيض بمحلية شيكان، ما يجعلها نقطة ارتكاز رئيسية لأي تحرك عسكري أو لوجستي في شمال كردفان. كما تتميز بمراعٍ طبيعية واسعة، إلى جانب شهرتها في إنتاج الجبن المضفر وتربية الماشية، وهو ما يمنحها قيمة اقتصادية وزراعية إضافية ويُفسر التنافس الحاد عليها بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

خلال الأشهر الماضية، شهدت منطقة كازقيل سلسلة من المواجهات المتكررة بين الطرفين. ففي مطلع سبتمبر، سيطر الجيش عليها قبل أن تستعيدها قوات الدعم السريع في الثامن من الشهر ذاته بعد ساعات من دخول الجيش. ثم عادت قوات الدعم السريع لتفرض سيطرتها مجدداً في الثالث عشر من سبتمبر بعد فقدانها لفترة قصيرة. وفي الثامن من يوليو 2025، أعلنت قوات الدعم السريع استعادة السيطرة على المنطقة بعد ساعات من إعلان الجيش بسط نفوذه عليها، في مشهد يعكس الطبيعة المتقلبة للصراع المستمر في إقليم كردفان، حيث تتكرر عمليات السيطرة والانسحاب بشكل دوري بين الطرفين.