أطلق المرصد السوداني لحقوق الإنسان تحذيرًا شديد اللهجة يوم الثلاثاء بشأن الأوضاع الإنسانية المتدهورة التي يواجهها اللاجئون السودانيون في غرب ليبيا، لا سيما في مدن طرابلس ومصراتة والزواية وصبراتة. المنظمة وصفت الظروف بأنها “كارثية”، مشيرة إلى أن حياة المئات باتت مهددة بفعل تصاعد العنف، والاعتقالات التعسفية، والخطاب المعادي للأجانب الذي يستهدف السودانيين الفارين من الحرب في بلادهم. التقرير أشار إلى أن الانتهاكات تُرتكب على مستويين متوازيين: من قبل أجهزة الدولة، ومن داخل المجتمعات المحلية، ما يعكس أزمة متعددة الأبعاد تتجاوز مجرد الإهمال الإداري.

بحسب المرصد، نفذت أجهزة أمنية ليبية، من بينها إدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية، سلسلة من المداهمات الليلية على مساكن اللاجئين السودانيين، أسفرت عن اعتقال المئات منهم بشكل تعسفي. المعتقلون، بمن فيهم نساء وأطفال، نُقلوا في شاحنات مكتظة إلى ساحات مفتوحة تُستخدم كمراكز احتجاز مؤقتة، حيث يُحتجزون في ظروف مهينة وغير إنسانية تفتقر إلى الحد الأدنى من المعايير الصحية والإنسانية. هذه الممارسات، وفقًا للمنظمة، تُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، وتستدعي تدخلًا عاجلًا من الجهات الأممية المعنية بحماية اللاجئين.

إلى جانب الانتهاكات الرسمية، أشار التقرير إلى تصاعد أعمال العنف المجتمعي ضد السودانيين في ليبيا، مدفوعة بحملات كراهية منسقة على منصات التواصل الاجتماعي. المنظمة وثّقت حوادث اعتداء جسدي من قبل مجموعات من السكان المحليين، شملت اقتحام منازل، تخريب ممتلكات، وتهديدات مباشرة باستخدام الأسلحة البيضاء. من بين الحالات التي أوردها التقرير، تعرض الصحفي السوداني مصعب محمد علي وأسرته لهجوم في مدينة صبراتة، ما يعكس حجم الخطر الذي يواجهه اللاجئون، لا سيما من أصحاب الخلفيات الإعلامية أو الحقوقية.

المرصد أعرب عن قلقه البالغ إزاء سلامة ما لا يقل عن 45 صحفيًا سودانيًا يقيمون حاليًا في ليبيا، معتبرًا أنهم يشكلون أهدافًا سهلة بسبب طبيعة عملهم السابقة ووضعهم القانوني الهش. المنظمة تلقت نداءً عاجلًا لإجلاء 19 صحفيًا من مناطق عالية الخطورة، حيث يواجهون تهديدات مباشرة على حياتهم. هذه الفئة، بحسب التقرير، تحتاج إلى حماية خاصة بموجب المواثيق الدولية، لا سيما خطة الأمم المتحدة لحماية الصحفيين، التي دعت المنظمة إلى تفعيلها بشكل فوري.

في ختام تقريرها، طالبت المنظمة السلطات الليبية بوقف المداهمات والاعتقالات التعسفية بحق اللاجئين والمهاجرين، وتوفير الحماية الكاملة والعاجلة للفئات المعرضة للخطر. كما دعت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إلى تفعيل ولايتها في حماية اللاجئين السودانيين، وتسريع عمليات الإجلاء الإنساني للحالات الأكثر هشاشة. وناشدت اليونسكو التدخل العاجل لحماية الصحفيين السودانيين، وتفعيل الآليات الدولية المنصوص عليها في خطة الأمم المتحدة لحماية العاملين في المجال الإعلامي، في ظل تصاعد التهديدات والانتهاكات في ليبيا.