اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢ أب ٢٠٢٥
متابعات – نبض السودان
في تصعيد جديد على خلفية النزاع حول المناطق الغنية بالذهب في شمال السودان، أصدر والي الولاية الشمالية عبد الرحمن عبد الحميد قرارًا بتبعية جبل البوم إلى محلية وادي حلفا، ما أثار ردود فعل غاضبة واتهامات للحكومة بإذكاء الفتنة المجتمعية بين المكونات المحلية المتجاورة.
القرار الذي حمل تاريخ 28 يوليو 2025، وجّه كلاً من الأمانة العامة للحكومة الولائية ووزارة البنى التحتية والتنمية العمرانية بتنفيذه الفوري، معلنًا نهاية 'إدارية' لنزاع ظل محتدمًا بين محليتي دلقو ووادي حلفا منذ مايو الماضي حول تبعية الموقع الذي يقع في منطقة استراتيجية غنية بالذهب.
ردود غاضبة: الفتنة مقابل الفتات
وعقب القرار، أصدر اتحاد أبناء المحس بيانًا شديد اللهجة حذر فيه من الانجرار إلى خلافات مجتمعية أعمق، واعتبر أن القرار يعكس محاولة لإشعال الفتنة بين المجتمعات المحلية عبر التنافس على ما وصفه بـ'فتات' المسؤولية الاجتماعية التي تدفعها شركات التعدين العاملة في المنطقة.
وقال الاتحاد في بيانه:
'بعد أن فشلت قوى الظلام في إغراق المنطقة وتكرار مأساة عبود، لجأت إلى سياسة الأرض المحروقة، فأطلقت يد الباحثين عن الذهب لتلويث الأرض ونشر السموم'.
كما اتهم البيان النظام الحاكم بتطبيق سياسة 'فرق تسد' عبر إثارة النزاعات حول المواقع الغنية بالموارد، في ظل تجاهل تام للتنمية أو العدالة في توزيع العائدات.
الذهب.. لعنة الثروات في شمال السودان
يُعد جبل البوم أحد أهم المواقع التعدينية في الولاية الشمالية، وتشير مصادر محلية إلى أن الشركات العاملة فيه تحقق أرباحًا ضخمة من التنقيب عن الذهب، في وقت تعيش فيه المجتمعات المحيطة ظروفًا معيشية صعبة، تفتقر فيها الخدمات الأساسية مثل الكهرباء، والمياه، والصحة.
وتُقدّر إيرادات الذهب السنوية في السودان بأكثر من مليار دولار، إلا أن عوائدها الحقيقية على المجتمعات المحلية تكاد لا تُذكر، حيث تذهب النسبة الأكبر من الأرباح إلى الشركات الأجنبية أو الجهات المركزية، بينما يُترك السكان في مواجهة التلوث البيئي، وتدمير الأراضي الزراعية، وانتشار الأمراض المرتبطة باستخدام الزئبق والسيانيد.
بيئة مدمّرة.. وغضب مكبوت
شهدت المناطق الشمالية خلال السنوات الأخيرة احتجاجات متكررة ضد شركات التعدين، إلا أن معظمها قُمع بعنف من قبل السلطات، وسط تهميش مطالب المجتمعات المحلية في الحصول على بيئة آمنة وتعويضات عادلة. ويُحمّل الأهالي الحكومة مسؤولية تدهور الأوضاع، بسبب تراخيها في مراقبة أنشطة التعدين العشوائي وتغاضيها عن الفساد البيئي.
ويُخشى من أن يؤدي النزاع الحالي حول جبل البوم إلى انزلاق الوضع إلى صراع أهلي محلي، في ظل غياب آليات واضحة للعدالة الاجتماعية ورفض الحكومة حتى الآن دعوات تشكيل لجان محايدة للفصل في تبعية المناطق المتنازع عليها بناءً على الوقائع السكانية والجغرافية، لا الحسابات السياسية.