اخبار السودان
موقع كل يوم -أثير نيوز
نشر بتاريخ: ٢٣ حزيران ٢٠٢٥
في خضم مساعي بناء الدولة السودانية الحديثة ،وفق ما طرحه دكتور كامل إدريس رئيس الوزراء ، للدولة المتحررة من إرث المحاصصات الحزبية والولاءات الضيقة، تبرز الحاجة إلى حكومة مؤسسات قائمة على الكفاءة والتخصص، ضمن هذا السياق يطرح سؤال جوهري:
— هل يمكن للضباط الإداريين أن يشغلوا مواقع وزارية اتحادية في حكومة مدنية حديثة ؟
— وهل يتوافق ذلك مع المعايير المعتمدة في الدول المتقدمة ؟
الإجابة تكمن في فهم طبيعة هذه الكوادر وتاريخها الوظيفي، ثم ربطه بمقتضيات اللحظة الوطنية ومفاهيم الحكم الرشيد، مع الاعتبار بأن محاكمتهم سواء بالتاريخ القريب فيه ظلم واجحاف،بحكم التقاطعات السياسية، وعدم طرح رؤى اصلاحية لدولة مؤسسات تعتمد على الكفاءات كما طرح الان من رئيس الوزراء وفق برامجة، لذا تأتي ضرورة تقييم التجربه، أن قدر لها ترسيخها، بتقييمها وفق، المعايير المحدده لدولة المؤسسات.
— من هم الضباط الإداريين؟
الضباط الإداريين هم نخبة من الكوادر المدنية، يتم اختيارهم عبر لجان قومية صارمة، وتدريبهم في معهد الإدارة العامة، وجامعة الخرطوم، وأكاديمية العلوم الإداريه، ليشكلوا الذراع التنفيذية للدولة على مستوى الحكم المحلي.
وقد لعبوا عبر عقود أدوارآ محورية في :
— ترسيخ سلطة الدولة بالمحليات.
— فض النزاعات القبلية.
— تنظيم الحياة المدنية في الريف والمدن.
— قيادة جهود التنمية المجتمعية.
— الإشراف على الانتخابات وتعداد السكان.
— تفعيل الإدارة الأهلية وخطاب التعايش.
فهي مسيره ممتدة ذاخرة، محفورة في وجدان الشعب السوداني وذاكرتة.
قصدت ملامسة جزء بسيط تعريفي، لما هو مؤرخ.
إنهم، باختصار، مهندسو الإدارة اللامركزية وواجهات الدولة في الواقع الحي.
بجانب ذلك التعريف لابد من تعريف
حكومة المؤسسات والكفاءات المهنية وتناول النموذج العالمي:
— الدول التي أرست قواعد الحكم الرشيد مثل ألمانيا، كندا، سنغافورة، ورواندا، لم تبني مؤسساتها على المحاصصات، بل على قاعدة أساسية:
— الكفاءة أولآ ، والانتماء المؤسسي فوق الانتماء السياسي.
— في هذه الدول، كثيرآ ما يتولى كبار موظفي الدولة من ذوي الخبرة في الخدمة المدنية مناصب وزارية، خاصة في وزارات مشابهه مثل:
— الحكم الاتحادي والتنمية الريفية
— العمل والإصلاح الإداري
–التنمية الاجتماعية
–شؤون مجلس الوزراء.
— الشئون الدينية والاوقاف
لماذا الضباط الإداريين؟
— الخبرة الميدانية المتراكمة: على تماس دائم مع المواطنين، يديرون واقع الدولة بتعقيداته اليومية.
— الحياد والانضباط الوظيفي: لم يعرفوا التسييس، وارتبطوا غالبآ بثقافة الواجب الوطني.
–التأهيل الأكاديمي والإداري: يمتلكون خلفية في الإدارة العامة، القانون، التنمية، التخطيط، وإدارة النزاعات.
— الانتشار الجغرافي: لا ينتمون للنخب المركزية فحسب، بل يمثلون الطيف القومي من كل ولايات السودان.
— الوزارات التي يمكنهم إدارتها بفعالية؟
–الحكم الاتحادي والتنمية الريفية:
لأنهم يملكون فهمآ عميقآ للعلاقة بين المركز والولايات.
— العمل والإصلاح الإداري:
بحكم درايتهم بهياكل الخدمة المدنية والإصلاح الإداري.
— التنمية الاجتماعية :
لتعاملهم اليومي مع القضايا المجتمعية، ومختلف فئات المجتمع.
— شئون مجلس الوزراء:
لقدرتهم على التنسيق المؤسسي ومتابعة الأداء التنفيذي، وفق مطلوبات التقييم والمتابعة.
— الشؤون الدينية :
لمعرفتهم بملف الخطاب الديني وضبط مؤسسات الدعوة الرسمية
ومراجعة الأوقاف وفق المطلوبات،
وفي هذا الصدد يتيح فرصة، لجميع الاديان والمعتقدات، عبر هذا الخيار لمن يريد أن يرى معايير حرية الاديان ، سيجد مساحة واحدة، عبر جهه مختصه، تضبط الخطاب الديني.
— رؤية المجتمع الدولي:
تحقق رسالة إيجابية بأن وجود هؤلاء الكوادر في مواقع تنفيذية عليا:
— يعكس استقلال القرار الإداري عن الأحزاب والولاءات.
— يرسل إشارة إيجابية للشركاء الدوليين والجهات المانحة بأن الدولة جادة في إصلاح مؤسساتها من الداخل من خلال توجهها الذي تم التأمين عليه.
— يظهر قدرة الحكومة على إدارة البرامج الوطنية بكفاءات محلية مؤهلة، مما يعزز الثقة ويشجع الدعم الدولي.
لما سبق الأمل يبنى بالمؤسسات لا بالأمزجة والارادة متوفرة للقيادة العليا ممثله في رئيس مجلس السياده والعزيمة تواذيها، عند رئيس مجلس الوزراء، والشعب يريد لهذا الأمل أن يلوح في الأفق.
إن قدر لهذا التوجه القائم على إشراك الضباط الإداريين في قيادة الوزارات ذات الصلة يمكن أن يعالج العديد من الإشكالات التي عطلت بناء الدولة، من تعقيدات المحاصصات، إلى فشل تنفيذ البرامج، وحتى لا يتم وضع رئيس الوزراء في مهب الضغوط المتقاطعة لواقع يتطلب التفكير فيه بأننا نريد أن نبني دولة على الانقاض، تتطلب تنازلات من أحزاب أو شركاء أو قيادات وطنية.
ويجدر التنويه هنا إلى التعديل الذكي في تسمية وزارة الحكم الاتحادي بإضافة التنمية الريفية في الهيكل الجديد المقترح، وهي خطوة تعكس فهمآ عميقآ وإدراكآ نوعيآ لدى د. كامل إدريس لطبيعة عمل هذه الوزارة وما يمكن ان تقدمة، وإمكاناتها في الدفع بعجلة التنمية المتوازنة.
إن تجارب الماضي مهما كانت محبطة للبعض لا تلغي حقيقة أن الضباط الإداريين ظلوا محجوبين عن الأدوار المركزية بفعل التقاطعات السياسية التي كانت سائدة، وليس قصورآ في كفاءتهم، ومع ذلك، ظهرت إشراقات فردية منهم أصبحت رموزآ للرأي العام والنزاهة والانضباط الإداري.
لذا، نقول بثقة:
إذا توفرت الإرادة، ووجد د. كامل إدريس من يستشيرهم بصدق، لأشاروا عليه بالضباط الإداريين.
لأنهم يمثلون ما تحتاجه المرحلة: مؤسسية، مهنية، وأرضية معرفية متجذرة.
*22يونيو 2025*