زرافة في قلب النيل تثير ضجة كبرى في مصر.. والحقيقة صادمة

متابعات – نبض السودان

أحدثت مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر حالة من الجدل الواسع، بعد أن أظهرت مشاهد قيل إنها لزرافة هاربة من حديقة الحيوان بالجيزة وهي تسير في نهر النيل بالقرب من كوبري قصر النيل، وسط ذهول وصيحات المواطنين الذين تجمعوا على الكوبري لمشاهدة المشهد الغريب.

وتظهر المقاطع المصوّرة الزرافة وهي تتحرك ببطء أسفل الكوبري ثم تدخل إلى مياه النيل، قبل أن يتم تداول فيديو آخر يزعم ناشروه أنه يوثّق لحظة إنقاذ الزرافة باستخدام طائرة مروحية، في مشهد وُصف بأنه “سينمائي” وغير مسبوق.

انتشار واسع ومشاهدات بالملايين

حصدت هذه المقاطع المصوّرة أكثر من مليوني مشاهدة خلال ساعات قليلة من نشرها على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة في مصر، حيث اشتعلت التعليقات بين مصدق ومكذب، بينما طالب البعض بفتح تحقيق عاجل مع إدارة حديقة الحيوان بالجيزة بدعوى “الإهمال الجسيم” في حماية الحيوانات.

وانتشرت وسوم عديدة مثل #زرافة_النيل و#حديقة_الحيوان على منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، حيث عبّر مصريون عن دهشتهم من المشهد الذي بدا حقيقيًا للغاية، فيما أشار آخرون إلى أن اللقطة تبدو وكأنها مأخوذة من أحد الأفلام أو باستخدام مؤثرات رقمية متقدمة.

مصدر رسمي يحسم الجدل

وفي أول تعليق رسمي على الواقعة، نفى أحمد إبراهيم، عضو اللجنة الإعلامية لتحالف تطوير حديقتي الحيوان والأورمان، صحة المقاطع المنتشرة، مؤكدًا أنها مفبركة بالكامل باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI)، وأنه لا توجد أي حالة هروب أو إصابة بين الحيوانات داخل الحديقة.

وقال إبراهيم في تصريحات صحفية إن “الزرافات الموجودة بحديقة الحيوان بالجيزة بخير، ولم يحدث أي طارئ في الساعات الماضية”، مضيفًا أن إدارة الحديقة راجعت تسجيلات المراقبة وكشوف العاملين ولم تُرصد أي واقعة مشابهة.

وأوضح أن مثل هذه المقاطع “تُستخدم لجذب التفاعل عبر المنصات الرقمية دون مراعاة تأثيرها السلبي على الرأي العام”، داعيًا المستخدمين إلى توخي الدقة قبل تداول أي محتوى بصري مثير للجدل.

حديقة الحيوان.. معلم تاريخي في ثوب التطوير

تُعد حديقة الحيوان بالجيزة واحدة من أقدم وأشهر حدائق الحيوان في العالم، إذ تم إنشاؤها عام 1891، وتُعد وجهة رئيسية للزوار من داخل مصر وخارجها.

وتخضع الحديقة حاليًا لعملية تطوير شاملة ضمن خطة حكومية لتحويلها إلى وجهة ترفيهية وسياحية عالمية، مع الحفاظ على طابعها التاريخي والمعماري.

ويشمل مشروع التطوير تحديث الممرات والبنية التحتية وإعادة تصميم بيوت الحيوانات لتكون أقرب إلى بيئاتها الطبيعية، إلى جانب تطوير أنظمة الرعاية والتغذية للحيوانات وإدخال تقنيات جديدة لمراقبتها وضمان رفاهيتها.

كما يجري العمل على ترميم المعالم التراثية داخل الحديقة مثل كوبري إيفل الذي صممه المهندس الشهير غوستاف إيفل، والقاعة اليابانية، والقاعة الملكية، وجزيرة الشاي والجبلاية، والمتحف الحيواني الذي يضم مجموعة نادرة من الهياكل والمحنطات.

الذكاء الاصطناعي وموجة الفيديوهات المزيفة

تأتي هذه الواقعة لتسلّط الضوء على التحديات الجديدة التي تفرضها تقنيات الذكاء الاصطناعي، خاصة في مجال إنشاء المحتوى المرئي، حيث أصبح من السهل إنتاج مقاطع واقعية يصعب التمييز بينها وبين الحقيقة.

وحذّر خبراء من أن انتشار مثل هذه المقاطع قد يؤدي إلى فقدان الثقة بالمصادر الإعلامية، داعين إلى إطلاق حملات توعية حول كيفية التحقق من صحة الصور والفيديوهات المنتشرة عبر الإنترنت.

مصر تتابع.. والزرافة بخير

حتى اللحظة، لم تُسجّل أي حالة طارئة داخل حديقة الحيوان، وأكدت إدارة الحديقة أن الزرافة لم تخرج من مقرها إطلاقًا وأنها تخضع للمتابعة البيطرية اليومية.

وبذلك، يكون الفيديو الذي أربك المصريين مجرد مشهد خيالي أنتجه الذكاء الاصطناعي، لكنه نجح في إثارة نقاش واسع حول حدود التكنولوجيا الحديثة وقدرتها على صناعة واقع بديل يبدو حقيقيًا تمامًا.