اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٢٤ تشرين الثاني ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
شهد العالم خلال الساعات الماضية حدثًا جيولوجيًا نادرًا وغير مسبوق أثار اهتمام العلماء ووسائل الإعلام الدولية، بعد أن ثار بركان إثيوبيا 'هايلي غوبي' بشكل مفاجئ، منهياً آلاف السنين من الخمول الجيولوجي في واحدة من أكثر مناطق العالم عزلةً وخشونةً.
ثوران استثنائي يوقظ واحدًا من أندر براكين القرن الأفريقي
ويعد هذا الثوران واحدًا من أبرز الأحداث البركانية في منطقة القرن الأفريقي، نظرًا لندرة سجله البركاني وموقعه الوعر، إضافةً إلى الانبعاثات الضخمة التي وصلت إلى ارتفاعات هائلة وامتدت فوق دول عديدة في آسيا والخليج.
وأكد برنامج علم البراكين العالمي التابع لمؤسسة سميثسونيان أن 'هايلي غوبي' ثار للمرة الأولى منذ العصر الهولوسيني، وهي فترة بدأت قبل نحو 12 ألف عام، ما يجعل هذا الحدث واحدًا من أندر الثورانات المسجلة في المنطقة.
موقع بركاني شديد العزلة داخل واحد من أقسى الأماكن على الأرض
يقع بركان هايلي غوبي في إقليم عفر شمال شرق إثيوبيا، على بعد 800 كيلومتر من العاصمة أديس أبابا، ضمن منخفض داناكيل، وهو من أكثر بقاع الكوكب حرارةً وقسوةً مناخية.
ويعد هذا الموقع جزءًا من وادي الصدع العظيم، المنطقة التي تشهد نشاطًا تكتونيًا عنيفًا نتيجة تصادم وانفصال الصفائح الأرضية، مما يجعلها بؤرة دائمة للاضطراب البركاني.
ثوران ضخم.. أعمدة الرماد تصل إلى ارتفاع 15 كيلومترًا
بحسب مركز تولوز لرصد الرماد البركاني، بدأ الثوران صباح الأحد عند الساعة 8:30 بتوقيت جرينتش، مطلقًا أعمدة كثيفة من الدخان والرماد وصل ارتفاعها إلى 14–15 كيلومترًا في السماء، وهو ارتفاع يقارن بأكبر الثورانات التي شهدها العالم خلال العقود الأخيرة.
وأظهرت بيانات الأقمار الصناعية أن البركان قذف كميات هائلة من الرماد وثاني أكسيد الكبريت، وسط مخاوف من تأثيراته المناخية على المدى القصير.
سحابة رماد تعبر قارات.. وصولها إلى الخليج وآسيا
صور الأقمار الصناعية رصدت كتلة ضخمة من الغبار والرماد تحركت فوق البحر الأحمر وصولًا إلى اليمن وسلطنة عُمان والهند وشمال باكستان، ما يعكس قوة اندفاع المواد البركانية رغم صمت البركان لآلاف السنين.
فيديوهات اللحظات الأولى: الدخان يتصاعد من جبال إرتا أليه
وثقت مقاطع متداولة اللحظات الأولى للثوران، حيث ظهر دخان كثيف يتصاعد من فوهة البركان الممتدة على سلسلة جبال إرتا أليه، وهي منطقة مشهورة بالبحيرات البركانية النشطة.
ورغم قوة الثوران، لم تُعلن السلطات الإثيوبية عن سقوط ضحايا نظرًا لبعد المنطقة عن التجمعات السكانية.
أهمية موقع البركان: جغرافيا معقدة وأسرار جيولوجية
يبعد بركان هايلي غوبي مسافة 15 كيلومترًا فقط عن بركان إرتا أليه، أحد أنشط البراكين على سطح الأرض، والذي يضم بحيرة حمم دائمة.
لكن على عكسه، ظل هايلي غوبي خامدًا لآلاف السنين، وهو ما يجعل ثورانه الحالي فرصة علمية نادرة لفهم البراكين الخامدة وتقدير أخطارها المستقبلية.
لماذا يُعد هذا الثوران حدثًا استثنائيًا؟
يرى الباحثون أن ثوران هايلي غوبي يحمل صفات تجعله من أبرز أحداث القرن الجيولوجية، ومن أهمها:
عدم تسجيل أي نشاط سابق للبركان في التاريخ الحديث.
وقوعه في منطقة شديدة الوعورة وصعبة الوصول.
ارتفاع أعمدة الرماد إلى مستويات شاهقة.
امتداد سحابة الغبار إلى دول بعيدة في قارات مختلفة.
تسجيل مستويات مرتفعة من انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت.
هذه العوامل دفعت مراكز البحوث إلى وصف الثوران بأنه 'حدث فريد في تاريخ المنطقة الحديث'.
ماذا كشفت الأقمار الصناعية؟ أدلة لا تُرى من الأرض
قدمت الأقمار الصناعية معلومات دقيقة لم يكن بالإمكان رصدها من الأرض، أهمها:
أعمدة رماد تمتد لعشرات الكيلومترات.
انتشار سحابة الرماد عبر البحر الأحمر نحو الجزيرة العربية.
ارتفاعات غير مسبوقة في تركيز ثاني أكسيد الكبريت SO₂.
هذه البيانات أكدت اتساع نطاق الثوران، مقارنة بما يمكن رؤيته ميدانيًا.
هل يشكل البركان تهديدًا مباشرًا؟
حتى الآن لا توجد مخاطر مباشرة على السكان بسبب بُعد المنطقة عن العمران.
لكن الجهات المختصة وجهت تحذيرات للطيران الدولي بسبب حركة الرماد، كما أشارت تحليلات بيئية إلى احتمال تأثيرات على جودة الهواء في المناطق التي مرت فوقها السحابة البركانية.
اهتمام عالمي واسع: ثوران يفتح بابًا جديدًا لفهم براكين شرق أفريقيا
وصف علماء في جامعة ميشيغن الثوران بأنه 'حدث نادر للغاية يستحق دراسة معمقة'، خاصة أنه يعيد تسليط الضوء على الصدع العظيم، المنطقة التي تشهد ولادة قارة جديدة ببطء بسبب الانفصال المستمر للصفائح الأفريقية.
