اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ٣٠ تموز ٢٠٢٥
نبض السودان – رحاب عبد الله
بعد إعلان وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، عقب تجديد ثقة القيادة في الدكتور جبريل إبراهيم وزيرًا للمالية، عن برنامج إصلاحي غير مسبوق تعكف الوزارة على إعداده، يتضمن إصدار قانون جديد للمالية العامة يستوعب كافة التطورات ويواكب التغيرات العالمية، أبدى عدد من المراقبين تخوفهم من أن يكون هذا البرنامج خصمًا على معيشة المواطن من خلال فرض ضرائب ورسوم جديدة.
خبير اقتصادي يؤكد المخاوف ويقترح تدابير بديلة
وأكد الخبير الدكتور محمد الجاك سليمان، من مركز البحوث والاستشارات الصناعية، تلك المخاوف، وقال في حديثه لـ(نبض السودان) إن من البديهيات المتفق عليها في دولة تعيش ظروف حرب، ولضمان استمرارية الإيرادات المالية للدولة خلال هذه الفترة، أن تُتخذ تدابير لا تؤثر سلبًا على معيشة المواطنين.
تعزيز الإيرادات غير النفطية بدلًا عن فرض الأعباء
وأوضح الجاك أن من بين هذه التدابير، تعزيز مصادر الإيرادات غير النفطية، مثل الضرائب والرسوم، والاستثمارات في القطاعات غير النفطية التي تقع في مناطق الحرب والتي خرجت من دائرة الإنتاج بسبب سيطرة المتمردين والنفوذ القبلي والجهوي، ما يجعل إدارتها والاستفادة منها أمرًا صعبًا إن لم يكن مستحيلًا.
إصلاح النظام الضريبي ومحاربة الإعفاءات والمحسوبية
وأشار إلى ضرورة تحسين نظام التحصيل الضريبي، وتقليل التهرب الضريبي، ومحاربة المحسوبية والفساد، وضمان شمول الضرائب لكل أوجه الممارسات الاقتصادية، ومنع الإعفاءات لكافة الفئات، بما في ذلك شركات الجيش والأمن والشرطة، والتي يُقال إنها تسيطر على نحو 80% من النشاط الاقتصادي في السودان، مما سيسهم في زيادة وتحسين كفاءة استخدام الإيرادات.
التجربة الباكستانية نموذج للترشيد والكفاءة
وضرب مثالًا بدولة باكستان، والتي تُعد دولة محدودة الدخل مقارنة بجارتها الهند، حيث استطاعت باكستان ترشيد ميزانية الدفاع، التي تمثل حوالي 7% من ميزانيتها، وتوظيفها بكفاءة عالية. وقد تجلى ذلك في الأداء العسكري المتميز للجيش الباكستاني أمام الجيش الهندي، الذي تفوق ميزانيته ميزانية الجيش الباكستاني بعشرة أضعاف. ورغم ذلك، استطاع الجيش الباكستاني أن يثبت وجوده في الحرب الأخيرة، حيث تمكن من حسم المعركة في ستة أيام فقط، مما أجبر القيادة الهندية على توقيع اتفاقية لوقف الأعمال الحربية.
تعزيز العلاقات الدولية لجذب الاستثمارات
ودعا الجاك، ضمن التدابير المطلوبة، إلى تحسين العلاقات الدبلوماسية مع العالم، والتصرف بعقلانية وبراغماتية سياسية في محاولة لكسب وجذب الاستثمارات الأجنبية في القطاعات المختلفة مثل الصناعة، الزراعة، السياحة، الصحة، التعليم، والبنية التحتية، ما يسهم في زيادة فرص العمل للمواطنين، وتشجيع ريادة الأعمال بين الشباب والنساء لتعزيز النمو الاقتصادي، وخلق فرص عمل، وزيادة الإيرادات.
حماية الفئات الضعيفة من آثار الحرب
كما دعا إلى توفير دعم للفئات الضعيفة مثل الأسر الفقيرة، والمسنين، والأطفال، والنساء، لضمان عدم تأثرهم سلبًا بالحرب، مع وضع خطط مالية طويلة الأجل تستند إلى الاستثمار في الموارد الحقيقية للدولة دون مبالغة، والتعاون مع الدول الأخرى والمنظمات الدولية للحصول على الدعم الفني واللوجستي في إصدار تشريعات تقلل إلى أقصى حد من الهدر والفساد.
السيطرة على الموارد ومحاربة التجنيب
وأكد الجاك على أهمية تعزيز التجارة الخارجية وزيادة الصادرات لإدخال الإيرادات في دائرة الاقتصاد الحقيقي عبر المستندات البنكية، ومنع عمليات التجنيب، إلى جانب تعزيز التواصل مع المواطنين وتقديم المعلومات الصحيحة لهم، لتفادي الشائعات ومظاهر القلق.
محاربة الفساد أولوية قصوى في برنامج الإصلاح
وشدد الجاك في ختام حديثه على أن أهم عنصر لبدء برنامج الإصلاح الاقتصادي هو تحسين إدارة الموارد العامة، وتقليل الهدر، ومحاربة الفساد والمفسدين في المجالين المالي والمؤسسي، مؤكدًا أن ذلك يعد البند الأكثر أهمية.
إصلاح اقتصادي دون المساس بمعيشة المواطن
ورأى أن تطبيق هذه التدابير بصرامة يمكن أن يمكّن الدولة السودانية من ضمان استمرارية الإيرادات المالية دون أن تتأثر معيشة المواطنين سلبًا.