اخبار السودان
موقع كل يوم -نبض السودان
نشر بتاريخ: ١٦ أيلول ٢٠٢٥
متابعات- نبض السودان
كشفت دراسة حديثة عن مفاجأة علمية مدوية تقلب المعتقدات الراسخة حول تاريخ التحنيط، حيث أثبتت الأبحاث أن بعض المجتمعات القديمة في الصين وجنوب شرق آسيا مارست طقوس تجفيف جثث موتاها بالدخان، في دلالة على أن التحنيط لم يكن ابتكارًا حصريًا للمصريين القدماء، بل سبقهم آخرون بآلاف السنين.
المومياوات المصرية ليست البداية
على الرغم من أن المومياوات المصرية الملفوفة بالأربطة الشهيرة تعود إلى نحو 4500 عام، فإن أقدم الأمثلة المعروفة سابقًا للتحنيط كانت في مجتمعات تشيلية قديمة، حيث ساعد الهواء الجاف في حفظ الجثث طبيعيًا. لكن الاكتشاف الجديد يُظهر أن التحنيط في مناطق استوائية رطبة كان موجودًا قبل ذلك بكثير، ما يغير مسار فهم تاريخ هذه الممارسة الإنسانية الفريدة.
جثث محفوظة رغم المناخ الرطب
الجثث المستعادة من مواقع متعددة في الصين وفيتنام والفلبين ولاوس وتايلاند وماليزيا وإندونيسيا أثارت حيرة الباحثين في البداية. فقد لاحظوا علامات حروق على العظام لا تتوافق مع محاولات الحرق التقليدية، ما قادهم لافتراض أن التجفيف بالدخان كان التقنية المستخدمة.
تحليل علمي دقيق
بعد فحص عينات العظام ومقارنتها بعينات من مواقع دفن قديمة في اليابان، اكتشف الباحثون أن هذه البقايا تعرضت لدرجات حرارة منخفضة، وهو ما يؤكد أن الهدف لم يكن إحراق الجثث بل الحفاظ عليها. اللافت أن الهياكل العظمية بقيت بحالة جيدة جدًا، ما يدعم فرضية أن المجتمعات القديمة استخدمت النار والدخان بطرق مدروسة لإطالة بقاء أجساد موتاها.
أقدم من 10 آلاف عام
تاريخ بعض العينات يعود إلى أكثر من 10 آلاف سنة، ما يعني أن هذه الطقوس سبقت الممارسات المصرية بآلاف السنين، في مفاجأة وصفها الباحث هسياو تشون هوانغ من الجامعة الوطنية الأسترالية بأنها 'مذهلة وكبيرة'.
بعد إنساني وثقافي
لم يكن الهدف فقط حفظ الجثث من التحلل، بل حملت هذه الممارسة أبعادًا ثقافية وروحانية. بعض المجتمعات الإندونيسية والأسترالية عُرفت بربط الجثث بإحكام وتعليقها فوق النار لأسابيع أو شهور، ليس فقط لحفظها، بل للاعتقاد بأن روح الميت تتحرر نهارًا للتجول ثم تعود إلى الجسد ليلًا.
الرغبة في الخلود
الباحثون يرون أن هذه الطقوس تكشف عن جانب إنساني عميق، يتمثل في الرغبة الأبدية لدى البشر في بقاء أحبائهم بجانبهم، وأن لا ينقطع التواصل معهم حتى بعد الوفاة. ويرجح العلماء أن الدخان لم يكن وسيلة عملية فقط، بل أداة ذات دلالات دينية وروحانية تعكس فهمًا مبكرًا لفكرة الخلود.