اخبار السودان
موقع كل يوم -أثير نيوز
نشر بتاريخ: ٢١ أيلول ٢٠٢٥
اعتبرت القيادية في الحركة الإسلامية السودانية سناء حمد أن استئناف الأحزاب السياسية لنشاطها في العاصمة يمثل مؤشراً إيجابياً على تعافي الحياة العامة، مشيدة بطلب الحزب الشيوعي من المدير التنفيذي لمحلية أم درمان باستلام مقره ضمن نطاق اختصاصه، واصفة الخطوة بأنها حضارية وتتماشى مع اللوائح والقوانين المعمول بها. وأكدت أن من حق أي حزب أن يستعيد ممتلكاته، حتى في ظل قرارات سابقة بحظر النشاط الحزبي، مشيرة إلى أن وجود الأحزاب بات مسموحاً، وبالتالي فإن قرار استئناف النشاط يعود للحزب نفسه وفق تقديراته.
وفي سياق حديثها، استعرضت سناء حمد تاريخ الحزب الشيوعي السوداني، مشيرة إلى أنه كان أول حزب أيديولوجي في البلاد، وأول من ابتعد عن الطائفية السياسية، كما أنه وضع قوانين ولوائح داخلية تنظم عمله، بما في ذلك آلية انتخاب السكرتير العام، رغم ما يُثار من جدل حول تأثير التكتلات الداخلية على عملية الاختيار، وهو أمر اعتبرته طبيعياً في جميع الأحزاب السياسية حول العالم. وأضافت أن الحزب الشيوعي كان سبّاقاً في الإنتاج الثقافي وتنظيم الندوات السياسية ذات الطابع المختلف، كما أنشأ مكتباً عسكرياً وآخر للتأمين، وبرزت داخله قيادات نسوية منذ عام 1948، ما يعكس عمق تجربته التنظيمية والفكرية.
وأوضحت سناء أن حركة الإخوان المسلمين تأسست بعد الحزب الشيوعي بأشهر، ودخلت في تحالف مع حزب التحرير الإسلامي، قبل أن تنفصل عنه وتؤسس الحركة الإسلامية، التي اتخذت لاحقاً اسم “جبهة الميثاق الإسلامي” كذراع سياسي. واستقطبت الحركة التيارات المحافظة، وضمّت في صفوفها شخصيات بارزة كانت تنتمي سابقاً للحزب الشيوعي، مثل الشيخ يس عمر الإمام، الذي اعتُبر منارة داخل الحركة الإسلامية. وأشارت إلى أن الحركة استفادت من التجربة التنظيمية للحزب الشيوعي في بناء هياكلها وشبكات علاقاتها، ما ساهم في ترسيخ حضورها السياسي والاجتماعي.
ورغم أن الحركة الإسلامية لم تنشأ من الطائفية، إلا أنها وجدت جذورها في مراكز الوعي الفكري مثل جامعة الخرطوم ومعهد المعلمين العالي والمعهد العلمي، ونجحت في مخاطبة وجدان المجتمع السوداني المسلم، الذي كان يتوق حينها لمعرفة دينه وتعاليمه. وأكدت سناء أن الإسلاميين والشيوعيين كانوا خصوماً بطبيعة الحال، نظراً لتباين الدعوات والأسس الفكرية بينهما، مشيرة إلى أن الصراع بين الطرفين شكّل ملامح الحياة السياسية السودانية لعقود، وخلّف مرارات عميقة في نفوس أجيال متعاقبة، ما أعاق تطور المشهد السياسي في البلاد.
وفي ظل الحرب الراهنة التي وصفتها بأنها غير مسبوقة في تاريخ السودان، دعت سناء إلى فتح صفحة جديدة في العلاقة بين الإسلاميين والشيوعيين، تقوم على الاتفاق حول استقلال القرار الوطني، وعدم الارتهان للخارج، إلى جانب دعم المؤسسة العسكرية في أداء دورها الوطني. وشددت على ضرورة تجاوز المناكفات السياسية، والانتقال إلى حوار أو تفاهم صامت بين كيانين امتلكا وعياً مبكراً، والتزما الفكر، ورفعا من قيمة العقل، وامتلكا الشجاعة في السباحة عكس تيار الطائفية وأحزاب الأسر.
واستحضرت سناء حمد موقفاً شخصياً يعود إلى عام 2019، حين تحاورت مع أحد قيادات الحزب الشيوعي حول إمكانية تحالف بين الإسلاميين والشيوعيين لإنقاذ البلاد من الفوضى التي كانت تلوح في الأفق. وقالت إن القيادي الشيوعي تنهد وأقر بصعوبة الخطوة بسبب المرارات المتراكمة، لكنه عبّر عن ثقته في أن السودان محروس بالأولياء الصالحين والقباب المنتشرة في البلاد، وهو ما أثار دهشتها، لتسأله كيف يمكن لشيوعي أن يعوّل على الرموز الدينية، فأجاب ضاحكاً: “نحن مش كفار، نحن أبناء ثقافتنا ونعتز بها”.
واختتمت سناء حديثها بنداء إلى العقلاء من الطرفين، داعية إياهم إلى تجاوز الذات، والانخراط في بناء تحالف وطني عاقل وعملي، يضع مصلحة السودان فوق أي اعتبارات حزبية أو أيديولوجية، ويؤسس لمرحلة جديدة من التفاهم السياسي، تكون قادرة على مواجهة التحديات الراهنة، واستعادة الاستقرار الوطني.