ركود في الأسواق .. سباق الأمتار الأخيرة !

الخرطوم : عبد الرحمن صالح

الأزمات المجتمعة التي لحقت بالاقتصاد في البلاد وسياسة التحرير الاقتصادي التي أدت الى موجة تضخمية ضربت الاقتصاد ، واصبح يعاني من الانكماش، أدت إلى تراجع مظاهر التجوال في الأسواق ، التي باتت حزينة تبحث عن زبائنها ، وواصلت الأسواق ركودها في ظل موجة الغلاء التي ضربت معظم السلع ، مما ادى إلى قلة القوة الشرائية وإحجام المواطنين عن الشراء ، ويبدو أن الركود لم يقتصر على الأسواق فقط بل طال عددا من القطاعات الخدمية ، ليبقى السؤال هل يؤدي الركود في الأسواق والقطاعات الإنتاجية إلى شلل النشاط التجاري في ظل زيادة الرسوم والضرائب عليه.

انهيار اقتصادي

ويؤكد مصدر مطلع بوزارة التجارة فضل حجب اسمه أن الركود الذي ضرب الأسواق والقطاعات الإنتاجية بالبلاد ، وانخفاض القوة الشرائية ناتج من ارتفاع التضخم وعدم المواكبة مع الاسعار ، ويقول في حديثه لـ(الإنتباهة) الركود ناتج من التضخم ، وهذه الحالة تؤدي إلى رفع معدلات الفقر ، لجهة أن الاسعار بالاسواق في حالة زيادة يومية، وفي المقابل لاتوجد اي قوة شرائية من قبل المواطنين لجهة ان أوضاعهم الاقتصادية باتت صعبة جداً ، ويجزم المصدر بأن الاقتصاد الآن في حالة انهيار وخرج عن المألوف ، ويضيف قائلاً إن اعلى معدلات التضخم في السودان ، بالاضافة الى ضعف القوة الشرائية ، وتدني مستوى المعيشة للمواطن ، ويتابع أكثر من 60% من الشعب السوداني تحت خط الفقر ، وظروفهم الاقتصادية ساءت جداً ، ويشير الى أن الحكومة وضعت زيادات كبيرة بلغت اكثر من 600% على عدد من الخدمات ، الامر الذي ادى تدهور حالة المواطنين وعزوفهم عن الذهاب للأسواق مما ادى الى الركود الحالي الذي تشهده البلاد .

ويرى المصدر أن استمرار الوضع بهذا السوء سيودي الى انهيار الاقتصاد ، ويرهن الخروج من هذه الأزمات  بوضع الحكومة إستراتيجيات اقتصادية طويلة وقصيرة المدى ، فضلاً عن عودة الأسعار بتحديد 'التسعيرة' للمنتج ، لجهة أن عدم وضع التسعيرة دفع الموردين والتجار لتحديد أسعارهم لوحدهم ومضاعفة الأسعار على المواطن ، ويشدد المصدر على ضرورة قطع حلقة 'السماسرة وأن يوصل المنتج مباشرة للمستهلك ، عقب وضع التسعيرة من الميناء ، ويؤكد أن الحكومة غير ملتزمة بالميزانيات التي تضعها وتعدل في الرسوم والجبايات بشكل مستمر ، الأمر الذي أثر على الاقتصاد ، ويقول لابد للحكومة من القيام بتسهيل الإجراءات للصناعات الوطنية وارجاعها ، بالإضافة لوضع إستراتيجية وطنية للإنتاج .

ركود تضخمي

بدوره يؤكد الخبير الاقتصادي د. عبد الله الرمادي أن الركود الحالي في الأسواق والصناعة سيقود لشلل تام في الاقتصاد ، لاسيما أنه تصحبه زيادات في الرسوم والضرائب ،ويؤكد في حديثه لـ(الإنتباهة)  أن البلاد تعاني الآن من اختلال اقتصادي يعرف بـ'الركود التضخمي' ، الذي أدى إلى إغلاق كثير من المصانع أبوابها ، والتي لن توقف أوقفت عددا من خطوط الإنتاج ، الامر الذي ادى الى أن تقل العملية الإنتاجية، ويقول ان التضخم بنسب كبيرة أدى  لتآكل القوة الشرائية للعملة ، مما جعل الرواتب تقل من حيث القوة الشرائية ، ويؤكد أن البلاد الآن تعيش في آخر مراحل الكساد التضخمي الذي تسبب في إبطاء العملية الإنتاجية ، وفاقم المشكلة الاقتصادية ، ويضيف قائلاً :' دخلنا الآن  في آخر مراحل الكساد الاقتصادي حيث تتوفر السلع في المحلات ويعجز المواطن عن شرائها ، ويشير الى معاناة المواطن  السوداني من ارتفاع معدلات التضخم بصورة غير مسبوقة ، ويؤكد أن الاقتصاد دخل في مرحلة أعقد ، بسبب السياسات غير الرشيدة التي اتبعتها الحكومة الانتقالية في تطبيق روشتة البنك الدولي حرفياً ، وإلغاء الدعم جملة واحدة في كل السلع ومنها سلع ضرورية تمس حياة الناس بنسب كبيرة مما رفع معدلات التضخم ، وإحداث هزة اقتصادية كبيرة.

،ويقول الرمادي الدعم كان يجب أن يتم إلغاؤه على مدار سنوات حتى يستطيع المواطن أن يمتص الهزة الكبيرة في الاقتصاد ، ولكن لم يحدث ذلك ورفع الدعم جملة واحدة ، وصحبه رفع الدولار الجمركي الذي ادى الى قفزة هائلة في معدلات التضخم .

انسداد كامل للاقتصاد

ويؤكد الرمادي أن استمرار الوضع بهذه الصورة سوف يدخل الاقتصاد في مرحلة الانسداد الكامل ، ويضيف قائلاً اذا لم يحدث تدارك بصورة عاجلة فإن الأمر خطير جداً ، ويؤكد أن حركة الإنتاج والاقتصاد سوف تتوقف نتيجة للاعتلالات التي لم تعالج وتتفاقم ، وقتها سوف يعلن السودان دولة فاشلة ، ويشير الرمادي الى وجود مؤشرات لدخول البلاد في مرحلة الانسداد الاقتصادي ، وهي الفشل في الوفاء بالتزامات العاملين بالدولة ، ويشدد على ضرورة أن يحدث إنقاذ للاقتصاد السوداني بضخ المساعدات لتحريك الطاقة الكامنة فيه ، ويؤكد أن البلاد تملك إمكانيات كبيرة تؤهلها بأن تكون من أوائل النمور الاقتصادية في إفريقيا.

وزارة جبايات

ويرى مصدر عليم سابق بالغرفة التجارية بأن أكبر المشاكل التي تواجه الأسواق تكمن في عدم وجود متخذ قرار للسياسات التجارية ، لجهة أن صلاحيات الوزراء الحاليين لا تمكنهم من اتخاذ قرارات تصب في مصلحة الاقتصاد وتغيير الوضع الحالي ، ويقول المصدر في حديثه لـ(الإنتباهة) ان شح السيولة تسبب في الركود ، بالإضافة للسياسات التي اتخذها بنك السودان المركزي ، ويجزم بأن الركود الذي ضرب الأسواق والصناعات يؤثر سلباً على الاقتصاد، ويمكن أن يؤدي لشلل تام فيه ، ويقول إذا لم تأت  حكومة حقيقية بوزراء يتحملون مسؤولية القرارات التي يصدرونها وتصب في مصلحة الاقتصاد لن يتحسن الوضع الحالي والركود سوف يتواصل ، ويشير المصدر الى وجود جهتين فقط الآن تصدران قرارت سلبية على الاقتصاد، ويضيف القرارات الآن تصدر من وزارة المالية ومن الولايات وهي جبايات فقط ، لجهة أن الجهتين معنيات بالإيرادات فقط ، ويؤكد أن المصدر أن استمرار الوضع الاقتصادي بهذه الحالة والركود الذي ضربه سوف يؤدي إلى ارتفاع معدلات الفقر بصورة كبيرة ، ويشير إلى أن الركود الاقتصادي الحالي أثر كثيراً على حياة المواطن .